رواية ألف شمس ساطعة.. تنطع وسوء استخدام الدين

  • 5/28/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

رواية‭ ‬ألف‭ ‬شمس‭ ‬ساطعة،‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬التي‭ ‬ناقشها‭ ‬مؤخراً‭ ‬بيت‭ ‬السرد‭ ‬في‭ ‬ورشة‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬ورشاته‭ ‬بجمعية‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬بالدمام،‭ ‬رواية‭ ‬نقدية‭ ‬صادقة،‭ ‬مفرطة‭ ‬في‭ ‬ذكوريتها‭ ‬ومتنطعة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الدين‭. ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬للكاتب‭ ‬الأفغاني‭ ‬خالد‭ ‬حسيني،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬سنة‭ ‬1965‭ ‬في‭ ‬كابل‭. ‬ لديه‭ (‬4‭) ‬روايات‭: ‬ 1-‭ ‬روايته‭ ‬الأولى‭: ‬عداء‭ ‬الطائرة‭ ‬الورقية‭. ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬2003‭.‬ 2‭- ‬وروايته‭ ‬الثانية‭: ‬ألف‭ ‬شمس‭ ‬ساطعة‭. ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬2007‭.‬ 3-‭ ‬وروايته‭ ‬الثالثة‭: ‬ورددت‭ ‬الجبال‭ ‬الصدى‭. ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬ 4-‭ ‬وروايته‭ ‬الرابعة‭: ‬صلاة‭ ‬البحر‭. ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬ تدور‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬هِرات‭ ‬وكابل،‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1959‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬منذ‭ ‬ولادة‭ ‬مريم‭ ‬ابنة‭ ‬نانا،‭ ‬الأبنة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬حتى‭ ‬وفاتها‭ ‬وانتهاء‭ ‬القحط‭ ‬ثم‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬ليلى‭ ‬مع‭ ‬حبيبها‭ ‬طارق‭ ‬والأبناء‭. ‬ حقيقةً‭ ‬الروائي‭ ‬خالد‭ ‬حسيني‭ ‬يمتلك‭ ‬قدرات‭ ‬سردية‭ ‬كبيرة،‭ ‬يجنح‭ ‬في‭ ‬أحيانٍ‭ ‬إلى‭ ‬استعارة‭ ‬أدوات‭ ‬الشعر‭. ‬لديه‭ ‬قدرة‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬بخيوط‭ ‬اللعبة‭ ‬السردية‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬جعلته‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬المناوبة‭ ‬بين‭ ‬لحظات‭ ‬السرد‭ ‬ونقل‭ ‬الأحداث‭ ‬باحترافية‭ ‬وإظهار‭ ‬تفاوت‭ ‬مسالك‭ ‬الناس‭. ‬حيث‭ ‬صوّر‭ ‬للمتلقي‭ ‬بشك‭ ‬دقيق‭ ‬كيف‭ ‬تتشابك‭ ‬علاقة‭ ‬الأسرة‭ ‬وتتنافر‭ ‬بسبب‭ ‬شخصية‭ ‬الرجل،‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬شهوانية‭ ‬فإنها‭ ‬تثير‭ ‬الخلافات‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة،‭ ‬مثل‭ ‬شخصية‭ ‬جليل‭ ‬ورشيد‭. ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬شخصية‭ ‬دينية‭ ‬معتدلة‭ ‬كشخصية‭ ‬الملا‭ ‬‮«‬فيض‭ ‬الله‮»‬‭. ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬حكيمة‭ ‬كوالد‭ ‬ليلى‭ ‬‮«‬حكيم‮»‬‭ ‬المتعلم‭ ‬الناضج،‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬عاطفية‭ ‬كشخصية‭ ‬حبيب‭ ‬ليلى‭ ‬‮«‬طارق‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬كاذبة‭ ‬كـ‭ (‬عبد‭ ‬الشريف‭) ‬الذي‭ ‬أبلغ‭ ‬ليلى‭ ‬بوفاة‭ ‬طارق‭. ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬منكسرة‭ ‬كشخصية‭ ‬أبو‭ ‬نانا‭ ‬الذي‭ ‬تبرأ‭ ‬منها‭ ‬وهاجر‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭. ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬لئيمة‭ ‬كـ‭ ‬‮«‬وكيل‮»‬‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬حاولت‭ ‬ليلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شهماً‭ ‬معها‭ ‬لعبور‭ ‬نقطة‭ ‬التفتيش‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬أبلغ‭ ‬الشرطة‭ ‬عنها‭. ‬ هناك‭ ‬مقولة‭ ‬لأحد‭ ‬الحكماء‭ ‬وتعدد‭ ‬ذكرها‭ ‬ومصادرها،‭ ‬تقول‭: ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬الملائكة‭ ‬عقولاً‭ ‬بلا‭ ‬شهوة،‭ ‬وخلق‭ ‬البهائم‭ ‬شهوة‭ ‬بلا‭ ‬عقول،‭ ‬وخلق‭ ‬آدم‭ ‬وجعل‭ ‬فيه‭ ‬العقل‭ ‬والشهوة،‭ ‬فمن‭ ‬غلب‭ ‬عقله‭ ‬شهوته‭ ‬التحق‭ ‬بالملائكة،‭ ‬ومن‭ ‬غلبت‭ ‬عليه‭ ‬شهوته‭ ‬عقله‭ ‬التحق‭ ‬بالبهائم‭. ‬ رواية‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬شمسٌ‭ ‬ساطعة‮»‬‭ ‬حكاية‭ ‬متكاملة‭ ‬لـ‭ ‬حياة‭ ‬مريم‭ ‬من‭ ‬بدايتها‭ ‬إلى‭ ‬نهايتها،‭ ‬تقدم‭ ‬مواقف‭ ‬ومناسبات‭ ‬مرتبطة‭ ‬ببطلة‭ ‬القصة‭ ‬مريم‭. ‬حيث‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬هِرات‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬علاقة‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬بين‭ ‬جليل‭ ‬وخادمته‭ ‬نانا،‭ ‬والتي‭ ‬ُوصفت‭ ‬بعدها‭ (‬بإبنة‭ ‬الحرام‭)‬،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أُجبرت‭ ‬مريم‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬رشيد‭ ‬لغرض‭ ‬الخلاص‭ ‬منها‭ ‬وابعادها‭ ‬عن‭ ‬الأنظار،‭ ‬فتعيش‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كابل‭ ‬البعيدة‭ ‬جداً،‭ ‬كالنفي‭ ‬تماماً‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬نفي‭ ‬الأم‭ ‬نانا‭ ‬ومريم‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكُلبه‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الكوخ‭ ‬في‭ ‬الجبل‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تزوج‭ ‬رشيد‭ ‬من‭ ‬امرأة‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬ليلى‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬جارة‭ ‬لها،‭ ‬فتتقاسم‭ ‬مريم‭ ‬وليلى‭ ‬ذات‭ ‬الهموم،‭ ‬وقساوة‭ ‬الرجل‭ ‬والمجتمع،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬مريم‭ ‬إلا‭ ‬التضحية‭ ‬بنفسها‭ ‬وقتل‭ ‬رشيد‭ (‬زوجها‭) ‬بـ‭ (‬الجاروف‭) ‬المعول،‭ ‬الرجل‭ ‬الظالم‭ ‬والعنيف‭ ‬لكي‭ ‬تمهد‭ ‬الطريق‭ ‬لحياة‭ ‬كريمة‭ ‬لليلى‭ ‬والأبناء،‭ ‬وتتحمل‭ ‬هي‭ ‬الجريمة‭ ‬لوحدها‭. ‬ الرواية‭ ‬ليست‭ ‬غريبة‭ ‬عن‭ ‬مجتمعات‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬خصوصاً‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬حيث‭ ‬السلطة‭ ‬الذكورية‭ ‬المجحفة‭ ‬تجاه‭ ‬المرأة،‭ ‬وسوء‭ ‬استخدام‭ ‬الدين،‭ ‬وغلبة‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬للبلاد‭. ‬ خالد‭ ‬حسيني‭ ‬كاتب‭ ‬كبير،‭ ‬لا‭ ‬مراء‭ ‬في‭ ‬قدراته‭ ‬اللغوية‭ ‬والحكائية،‭ ‬كان‭ ‬موضوعياً‭ ‬في‭ ‬الطرح،‭ ‬بأسلوب‭ ‬الروائي‭ ‬الخارجي،‭ ‬ناقش‭ ‬أحداثا‭ ‬واقعية‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحل‭. ‬وسوف‭ ‬تطرح‭ ‬أعماله‭ ‬سينمائياً‭ ‬قريباً‭. ‬ الرواية‭ ‬تتسنم‭ ‬الابداع‭ ‬وترتقي‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬جوانبها،‭ ‬وتشكل‭ ‬إضافة‭ ‬للسرد‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬والمرجو‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬أفغانستان‭ ‬محنتها‭ ‬بعقليات‭ ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬يمتازون‭ ‬بالوعي‭ ‬والرقي‭. ‬   {‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬

مشاركة :