انخفاض معدلات اقتراض الأسر واستهلاكها يقلل الطلب على السلع والخدمات التي تبيعها الشركات، ما يؤدي إلى انخفاض مبيعات الشركات وأرباحها نتيجة لذلك. وللقطاع المالي نصيب من المعاناة كذلك. ويتراجع الإقراض المصرفي للأسر. ومع هبوط أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية للغاية يتقلص الفرق بين الإقراض المصرفي وأسعار الفائدة على الودائع. ويجتمع كل هذه العوامل فتدفع الأرباح نحو الانخفاض. وحول استراتيجيات البحث عن العائد تسعى الشركات عادة إلى تعويض عجز الاستهلاك الناجم عن زيادة وفورات الأسر بانتهاز فرصة انخفاض أسعار الفائدة وقلة الاقتراض لتمويل استثمارات عالية المخاطر والعائد. وعادة ما يحدث ذلك بطريقة من اثنتين. قد تستثمر الشركات في أوراق مالية ذات عائدات أعلى. أو قد توسع نشاطها ليشمل قطاعات أو دولا جديدة عن طريق إنشاء شركة تابعة أو شراء شركة موجودة بالفعل. وغالبا ما يكون عنصر الدين في هذه المعاملات أعلى، ومساهمة الشركة بأرباحها المحتجزة أو أي من مواردها الأخرى أقل مما ستكون عليه إذا كان التوسع نتيجة طبيعية لقوة النمو الاقتصادي وأرباح الشركات. وحال المؤسسات المالية كحال الشركات، فهي تطبق استراتيجيات متنوعة في البحث عن العائد. فقد تتجه البنوك الكبيرة إلى التوسع الخارجي نحو دول تحقق فيها معدلات نمو وعائدات استثمارية أفضل. وقد تتجه البنوك متوسطة الحجم إلى التوسع المحلي، على مستوى القطاعات أو المناطق، فتزاحم المقرضين المحليين الأصغر حجما. والبنوك الأصغر من جانبها قد تندمج مع البنوك المتوسطة أو تدخل في علاقة شراكة معها، أو مع بعضها بعضا كي تتفادى المنافسة. ولا يعترض خبراء الاقتصاد على المخاطرة لزيادة العائدات في حد ذاتها، فبعض الأفراد والمؤسسات أكثر براعة في إدارة المخاطر من غيرهم، والإقدام على المخاطر لا يعرض بالضرورة النمو الاقتصادي والاستقرار المالي للخطر. ومع هذا، فاستراتيجيات البحث عن العائد يمكن أن تسفر عن عواقب على مستوى النظام ككل إذا اعتمدتها الشركات والمؤسسات المالية على نطاق واسع، الأمر الذي يمكن أن يشكل مصدر قلق لصناع السياسات. وبشأن المخاطر على الاقتصاد، فإن البحث عن العائد يمكن أن يزيد احتمالات مواجهة حالات ركود أعمق وأطول. فعند مواجهة صدمات اقتصادية معاكسة، ستضطر الشركات التي عليها ديون كبيرة إلى تقليص استثماراتها بقدر أكبر ولفترات أطول مما لو لم تكن عليها ديون، ما يفضي إلى انخفاض الدخل القومي وتراجع النمو الاقتصادي. فبعضها سيتوقف عن سداد القروض، ما يسبب ضغوطا على أرباح البنوك، ويكبح قدرتها على تقديم الائتمان، ومن ثم زيادة انخفاض النمو الاقتصادي. وهناك بعض البنوك التي لن تقدر حتى على مجرد البقاء. والشركات التي تستخدم الديون لتمويل حيازات خطرة تتعرض لمخاطر جديدة تصعب إدارتها... يتبع.
مشاركة :