الجنس مدخلا للخيانة في 'ساعي البريد يدق الباب مرتين'

  • 6/6/2022
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

نشرالكاتب الأميركي جيمس مولاهان كين روايته الأولى"ساعي البريد يدق الباب مرتين" في عام 1934 لتحدث ضجة كبرى في المجتمع الأميركي المحافظ في ثلاثينيات القرن الماضي بسبب العنف والمحتوى الجنسي لها، حيث تجمع أحداثها بين العاطفة والجريمة جريمة الخيانة الزوجية، وتآمرالعاشقين فرانك وكورا لقتل الزوج والاستيلاء على ثروته. إنها قصة مؤامرة ماكرة لها ملامح جسدية جنسية تعمل في بعض الأحيان مثل الحلم، وفي أحيان أخرى مثل طائرة ورقية عاجزة مفصولة عن خيطها، يرويها فرانك من زنزانته في السجن بعد الحكم عليه بالإعدام. فرانك المتشرد المتهور والمجرم المعتاد، والذي ليس جيدًا في أي من المهن، يصارع في غرف حمامات السباحة لكسب بضعة دولارات على طول الطريق.يلتقي بالصدفة مع نيك المهاجر اليونانيالعجوز الذي الذي يدير مطعما ومحطة وقود على بعد عشرين ميلاً خارج لوس أنجلوس، يقوم نيك بتوظيف فرانك في محطة الوقود. يتقرب فرانك من زوجته كورا؛ امرأة جذابة بطريقة قاسية، عاطفية، تشعر أنها لا تزال تدفع ثمن خطأ ارتكبته في شبابها، علاقتها بزوجها السكير مضطربة ومأزومة جنسيا.وسرعان ما يبدأ معها علاقة غراميةعميقة، فيما زوجها يظل غافلا عن خيانة زوجته ونفاق موظفه، لكن العاشقين لا يكتفينان بعلاقتهما الغرامية السرية، ويقرران أن الطريقة الوحيدة لربط حياتهما معًا بشكل دائم هي إنهاء حياة الزوج. تعترف كورا لزوجها بأنها لم تعد قادرة على تحمله، وتبدأ محاولات العاشق في التخلص من الزوج. المحاولة الأولى لقتل الزوج تتحول بعد فشلها إلى سيرك حقيقي حيث يعود الزوج بمرح إلى الحياة بقوة أكبر بعد تعرضه لكسر في الجمجمةجعله يفقد جزءا من ذاكرته. لكن حان الوقت لمؤامرة أكثر فتكًا ليتم تفريخها وهذه المرة تصبح المخاطر خطيرة ومقلقة. إذا لم تسير الأمور كما هو مخطط لها، فإن ثلاث أرواح تتعرض لخطر الانحراف عن مسارها. وللتأكد من عدم وجود الزوج مرة ثانية، فإن طريقة التنفيذ ستكون حادث سيارة مروعًا و"مختلقًا". هل ستنجح كورا وفرانك في تحقيق ما لا يمكن تصوره؟ هل يستطيع الزوج وضع رمال في تروس اثنين من المجرمين المحتملين؟. يموت نيك في حادثة السيارة، وبتخلص كورا وفرانك منه، يتزوجان، لكن تزداد الأحداث تعقيدا، حيث تكتشف كورا أن فرانك على علاقة غرامية مع امرأة أخرى. إنأ حداث الرواية التي يرويها فرانك من محبسه بصيغة المتكلم، تضرب مثل الصاعقة، حيث تشهد من التقلبات والانعطافات أكثر من الانحناءات الموجودة على مسار جبلي غادر، القشرة المثيرة للإثارة الجنسية، والتي اعتُبرت غير مناسبة للغاية بالنسبة للوقت الذي نشرت فيه الرواية، تكشف الأبعاد النفسية المضطربة وتضفي منظورًا إضافيًا على السرد العاصف. بنهاية الرواية لا تعرف أبدًا ما الذي أصابك ومتى. يمكنك فقط الترنح واللهاث والبقاء في حالة ذهول، لقد قُتلت كورا في حادث سيارة أثناء قيادة فرانك. وفرانك الآن من سجين عنبر الإعدام،يكتب قصته هذه موضحًا أنه أدين خطأً بقتل كورا. ويأمل أن تنشر قصته بعد إعدامه. الرواية التي صدرت عن دار المدى أخيرا بترجمة أحمد حسن المعيني تمت معالجتها سينمائيا انطلاقا من الفيلم الفرنسي "المنعطف الأخير في الطريق" الذي أنتج عام 1939، مرورا بالفيلم الايطالي"الهوس"المنتج عام 1943، والفيلم الأمريكي الذي حمل نفس اسم الرواية "ساعي البريد يدق الباب مرتين" عام 1946، والفيلم الفرنسي "صرخة الرعب" الذي أنتج عام 1963، والفيلم الأمريكي "ساعي البريد يدق الباب مرتين" عام 1981، الفيلم الماليزي "هز أرجوحتي عاليا ياحبيبي"، الذي أنتج عام 2004، وأخيرا الفيلم الألماني "أريحا" الذي انتج عام 2008. يذكر أن مترجم الرواية لفت في مدخل ترجمته إلى أن "من أهم سمات النزعة الأدبية التي يكتب بها مؤلف الرواية الاعتماد على اللغة اليومية الدارجة المباشرة، ولاسيما في الحوارات. لذلك آثرت تطعيم النص ببعض التعابير والمفردات العامية القريبة من الفصحى، لتقديم ما يكفي من الإيحاء بوجود لغة عامية". مقتطف من الرواية قذفوا بي من شاحنة القش قرب الظهيرة، كنت قد "تشعبطت" بها الليلة الماضية عند الحدود، وفور أن تسلقتها ودخلت تحت الغطاء القماشي، رحت في سابع نومة. كنت أحتاج إلى كثير من النوم بعد الأسابيع الثلاثة في "تيخوانا"، لذلك حين توقفوا على جانب الطريق لتبريد الموتور كنت مازال نائما. فلما انتبهوا لرجلي، رموني. حاولت أن أستظرف لكن ما قلته لم يكن مضحا. أعطوني سيجارة على أي حال، ومضيت في سبيلي أبحث عن أي شيء آكله. عندما رأيت "مطعم أوكسس"، لم يكن يبدو أكثر من مطعم سندوتشات حقير على جانب الطريق مثل ملايين غيره في كاليفورنيا. يتألف المطعم من قاعة طعام في الأسفل ومسكن في الأعلى، وإلى جانب المطعم محطة بنزين خلفها ستة أكواخ يسمونها ساحة سيارات. دخلت إلى مسرعا أتلفت نحو الشارع، فلما جاء اليونني سألته إن رأى شخصا يقود سيارة كاديلاك. قلت له كان من المفروض أن نلتقي هنا على الغداء، فقال اليوناني إنه لم ير أحدا اليوم، ثم رتب إحدى الطاولات وسألني عن طلبي. قلت أريد عصير برتقال، وكورن فليكس، وبيضا مقليا، ولحما مقددا، وفطيرة إنتشيلادا، وكعكا محلى، وقهوة. وسرعان ما عاد بعصير البرتقال والكورن فليكس. "لحظة لكي أكون واضحا معك. المفروض أن يكون الأكل على حسابه، وليس معي ما يكفي. فإذا لم يأت صاحب الكاديلاك عليك أن تثق بي حتى أعود فأدفع لك". "لا مشكلة. كل على راحتك". لاحظت أنه صدقني، فلم أعد إلى ذكر صاحب الكاديلاك. ثم أدركت أنه يريد شيئا. "ماذا تشتغل؟ في أي شيء تشتغل، هاه؟" "ألقط رزقي من هنا وهناك. لماذا تسأل؟". "كم عمرك؟" "أربع وعشرون". "شباب هاه؟ أنا أحتاج لسباب، يعمل هنا". "محلك جميل". "الهواء. جميل. لا ضباب مثل لوس أنجلس. لا ضباب أبدا. جميل، صاف، طوال الوقت جميل وصاف". "الجو رائع في الليل أكيد.. أعرفه من رائحته". "نعم، النوم مريح. تفهم في السيارات وتصليحها؟". "أكيد. أنا ميكانيكي بالفطرة". ظل يتحدث عن الهواء، وصحته الممتازة منذ أن اشترى هذا المحل، وأنه لا يفهم لماذا يهرب منه الذين يعملون عنده. كان بإمكاني إدراك السبب، لكني ركزت في الطعام. "تعتقد أن المكان سيعجبك هنا؟" كنت قد فرغت من قهوتي، وأشعات سيجارا قدمه لي. "بصراحة عندي عرضان آخران. هذه مشكلتي. ولكني سأفكر بالأمر . أكيد سأفكر". ثم رأيتها. كانت في الخلف، في المطبخ، لكنها جاءت لأخذ صحوني. لم تكن ذات جمال صارخ باستثناء قوامها، لكن نظرتها واجمة، وشفتيها مزمومتان بطريقة تدعو إلى تقطيعهما. "هذي هي المدام". لم تنظر إليّ. أومأت لليوناني، ولوحت بسيجاري، لا أكثر، وخرجت هي بالصحون، فكأنها لم تأت أصلا. وعندها غادرت المطعم، لكني عدت بعد خمس دقائق كي أترك رسالة لصاحب الكاديلاك. تمنعت نصف ساعة قبل أن أقبل الوظيفة. وفي نهاية الأمر كنت في محطة البنزين أصلح العجلات المعطوبة. "هيه، ما امك؟". "فرانك تشامبرز". "وأنا نيك باباداكس". تصافحنا وذهب. بعد دقيقة سمعته يغني. كان صوته جميلا. من محطة البنزين كنت أستطيع أن أرى المطبخ.

مشاركة :