الخرطوم - انطلق الأربعاء حوار بين العسكريين وأحزاب سياسية سودانية برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية (إيغاد)، لحل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في غياب أطراف رئيسية معارضة. وهذا الحوار طال انتظاره مع تصاعد العنف في السودان وبلوغ الأزمة طريق مسدود بين القيادة العسكرية وقوى سياسية كانت رأس الحربة في الاحتجاجات التي أسقطت نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير في 2019 وهي القوى التي ترفض اليوم مرحلة انتقالية يقودها العسكري وتطالب بحكم مدني خالص وبعودة الجيش للثكنات، لكن يبدو هذا المطلب بعيد المنال حيث يشكل العسكر تاريخيا رقما صعبا في المعادلة السياسية شديدة الاضطراب والتعقيد. وقال فولكر برثيس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم "من المهم ألا نضيع هذه اللحظة... نطلب من الجميع العمل مع بعضهم بعضا بحسن نية". وحضر محادثات الأربعاء مسؤولون عسكريون وممثلو أحزاب سياسية وقيادات من حركات تمرد سابقة، لكن منذ الاثنين، أعلن تحالف قوى الحرية والتغيير المعارض في السودان مقاطعته للحوار، كما رفض حزب الأمة (الإسلامي) أكبر الأحزاب السياسية في البلاد المشاركة أيضا، لعدم اكتمال الظروف المؤاتية له. وغاب أعضاء من لجان المقاومة التي ظهرت خلال احتجاجات 2019 ضد البشير وقادت تظاهرات مناهضة للانقلاب خلال الآونة الأخيرة. ومنذ أن أزاح البرهان المدنيين من حكم المرحلة الانتقالية في أكتوبر/تشرين الأول، يشهد السودان اضطرابات سياسية واقتصادية ويخرج للتظاهر بشكل منتظم آلاف السودانيين في العاصمة ومدن أخرى للمطالبة بعودة الحكم المدني ومحاسبة قتلة المتظاهرين، فيما تقدر لجنة أطباء السودان المركزية أن نحو 100 شخص على الأقل قتلوا وجرح العشرات. ويرفض البرهان وصف استبعاده للمدنيين من الحكم في المرحلة الانتقالية بأنه "انقلاب" ويقول إنها إجراءات ضرورية لتصحيح المسار وإخراج البلاد من حالة الانسداد. ودفع هذا الوضع كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي الذي علق عضوية السودان منذ الانقلاب، ومنظمة إيغاد إلى الدعوة إلى حوار سياسي حتى لا ينهار السودان تماما "على الصعيدين السياسي والأمني". وفي بيان مشترك، أدانت مجموعة من سفارات الدول الأوروبية في الخرطوم وبينها فرنسا وايطاليا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب سفارات الولايات المتحدة وكندا واليابان، ارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات منذ الانقلاب العسكري. ودعت هذه الدول السلطات السودانية إلى "اتخاذ المزيد من تدابير بناء الثقة مثل ضمان إنهاء فعال لاستخدام القوة ضد المتظاهرين وإلغاء القرارات المتعلقة بالطوارئ وضمان التقدم في التحقيقات الجارية في انتهاكات حقوق الإنسان والإفراج عن الموقوفين بسبب آرائهم السياسية بموجب قانون الطوارئ". والثلاثاء، أشاد البرهان بالحوار السياسي ووصفه بأنه "فرصة تاريخية" ودعا "المكونات المختلفة المعنية بهذا الحوار أن تبادر بالاستجابة وألا تقف حجر عثرة في طريق استدامة الانتقال والتحول الديمقراطي". وقرر قائد الجيش الأسبوع الماضي رفع حالة الطوارئ التي فرضها عقب الانقلاب العسكري، بهدف "تهيئة المناخ وتنقية الأجواء، لحوار مثمر وهادف يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية" ورحب بيرثيس بالقرار، وقال إنه "يمكن فعل المزيد"، في حين دعا مبعوث منظمة إيغاد إسماعيل وايس الفصائل الغائبة إلى الانضمام للحوار، قائلا "مرحب بهم دائما والباب مفتوح". وقال محمد لبات المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي "نحن كآلية لا يمكننا تصور حل سياسي بدون مشاركة" الفصائل الغائبة.
مشاركة :