الاقتصاد السلوكي وخطورته | حسن أحمد حسن فتيحي

  • 12/17/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يُسمّي الكثير من علماء الاجتماع، وعلماء السياسة نظائرهم من علماء الاقتصاد بـ»المستعمرين»، إذ إن الاقتصاديين يعتقدون أن في الاقتصاد حلاًّ لجميع القضايا الاجتماعية والسياسية، ولكنَّ أبحاثًا جديدةً في علم النفس توضّح محدودية علم الاقتصاد، وتصنع بدورها علمًا جديدًا يُسمّى بـ»الاقتصاد السلوكي». يقول علماء الاقتصاد السلوكي: إن الإنسان ليس عقلانيًّا في اتخاذ قراراته الاقتصادية، بل يعتمد على بعض الموعزات في اتخاذ القرار، ومن الممكن للعلماء في هذا المجال أن يوعزوا للفرد فيغيّر قراراته التي كان يتّخذها قبل الإيعاز. فمن الناس مَن يرفضون الادّخار، والاستثمار، ولكن يمكن إقناعهم بالادّخار إذا كان هذا الادّخار سيبدأ مع رفع المرتب، ولا يؤثّر بذلك الادّخار على مستوى معيشته، إذ إن ما يكسبه من علاوة سوف تُدَّخر. أمّا الابتعاد عن العقلانية، فهو في بعض الأحيان نتيجة لتعقّد الظروف، إذ يصعب ايجاد الحل الأمثل لها. وفي بعض الأحيان يسمح الإنسان لبعض المعلومات غير المهمّة فيما يتعلّق بالقرار بالتأثير على قراره، فتوعز له هذه المعلومات بالخروج عن العقلانية، كما قال Richard Thaler الدكتور في جامعة شيكاغو في كتابه Misbehaving: من الأمثلة على عدم العقلانية أن الإنسان يزيد في قرارة نفسه وحين البيع من قيمة السلع التي يقتنيها فوق ما يقدرها به السوق؛ لأنه يشعر أن امتلاكه لها يزيد من قيمتها السوقية، ويُسمّى عدم التعقل هذا Endowment effect. وكذلك يؤثر طريقة تأطير السؤال على الإجابة، ويؤثر كذلك الإحساس بعدل، أو عدم عدل الخيارات المتاحة على القرار، وقد يحرّكه بعيدًا عن العقلانية. الخطورة تكمن في مقدرة التجار، وأصحاب القرار أن يوعزوا للمستثمر، أو المشتري، أو الإنسان الاقتصادي أن يفعل غير ما يرى مصلحته فيه دون الإيعاز. أمّا علماء الاقتصاد السلوكي فيشجعون استعمال أدوات الإيعاز ليفعل الإنسان ما هو أكثر عقلانية، خاصة إذا كان تصرفه سيكون ضارًّا عليه، مثال ذلك الإيعاز لتناول الطعام الصحي. في الاقتصاد النيوكلاسيكي العلة من تدخل الدولة في الاقتصاد هي وجود آثار جانبية Externalities. خارجة عن حسابات الفائدة والقيمة للنشاط الاقتصادي، فتقوم الدولة على فرض الضرائب لتحسين الوضع، إذا وجدت أضرارًا بيئية ناتجة عن الأعمال الاقتصادية المختلفة مثلاً. أمّا الاقتصاد السلوكي فيفتح الباب على مصراعيه، ويتجاهل أن أصحاب القرار والتجار قد لا يعلمون ما في فائدة الفرد، فيضرونه باسم الإيعاز إلى العقلانية.

مشاركة :