نقدر الدور التنموي والاقتصادي والاستثماري والاجتماعي التاريخي المستمر لشركة أرامكو السعودية، التي تعتبر أكبر شركة نفط على مستوى العالم، وما يؤهلها لهذا الدور عدة اعتبارات تتعلق أولا بكمية الأصول والإدارة النفطية الضخمة التي تعمل عليها، وتوسعاتها الاستثمارية التي توفر لها مدخولات كبيرة تبعا لذلك، في وقت نجد فيه أن المستفيدين وهم المواطنون السعوديون ليس عددهم كبيرا ما يفترض معه أن يمتعهم بتغطية تنموية أضخم وأكبر، وهي تسعى لفعل ذلك حتى لا ننكر عليها أمرا، ولكن يبقى الطموح أكبر في أن تقدم أكثر بما يتفق مع المعطيات السابقة التي ذكرتها، خاصة في جانب المسؤولية الاجتماعية وإنشاء عدد من الخدمات في جميع المناطق. تابعت مؤخرا إطلاق شركة أرامكو برنامج (اكتفاء) وهو في إطاره العملي معني بفكرة أساسية قائمة على التوطين، وليكن بصورة مطلقة بكل ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فالشركة تبدو وكأنها تضع مسافة وتختصرها بينها وبين المجتمع، كما يبدو أنها تتهيأ لطرح الكثير من البرامج التي تدعم كل ما يتعلق بتطوير الموارد البشرية واختراق الفعاليات الاجتماعية بصورة منهجية من أجل أعمال التدريب والتأهيل وتطوير الموارد البشرية، وتأسيس مشروعات مجتمعية قادرة على الاستمرارية وخدمة المجتمعات بدعم منها واستفادة من تأهيل كوادرها الإدارية الذين يملكون خبرات واسعة يمكن نشرها في الأوساط الاجتماعية لدعم وتحفيز المتطوعين وإكساب برامجهم ومشروعاتهم الذاتية ثقلا وطاقة دافعة تؤهلهم لمزيد من تطوير الذات واكتشاف القدرات. وفي الواقع لا يمكن لشركة أرامكو أن تكتفي بما تطرحه إذ ينبغي أن تكون مستمرة ومواصلة في مشروعاتها التي تثري المجتمع وترفع من الكفاءة الانتاجية للشباب، والبحث عن المميزين واكتشاف المبدعين، وهي وإن كانت لديها برامجها الإبداعية والإثرائية،، وهي كبيرة بحيث تجعلنا نطالب إدارة الشركة بمزيد من الانفتاح البرامجي على المجتمع؛ لأنه لا يمكن الاكتفاء من التطور فهو عملية ديناميكية لا تتوقف ومن الصعب الاكتفاء بحدود معينة، وطريق المستقبل يتطلب مزيدا من التهيئة الذهنية والنفسية التي تحدث من خلال مثل هذه الأدوار، ما يجعل أرامكو لاعبا مؤثرا في صناعة المستقبل من كل النواحي، ويمكنها نقل كثير من التقنيات بما لديها من ارتباطات خارجية بحيث يكون التوطين قائما ومرتكزا الى أسس متقدمة من آخر ما وصلت اليه التقنيات وتطورات المجتمعات العالمية التي تتعامل معها الشركة. لتجعل شركة أرامكو من برنامج (اكتفاء) بداية للانطلاق في تأسيس موارد بشرية قادرة على صناعة المستقبل ومواكبة تحديات الواقع، ودعمها كما ذكرت يوفر حافزا ملهما للشباب، ويجعلهم أكثر قربا وملامسة لطموحاتهم، فهي كبيرة في قيمتها الاقتصادية بقدر قيمتها كمؤسسة وطنية لها دور عميق في نفوس المواطنين، وتجاربها السابقة كفيلة بأن تجعلها منارة علمية يدخل منها المواطنون الى بوابة المستقبل والعمل الإيجابي والانتاجي، فيحدث التوطين بصورة تلقائية في الصناعة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية والتنموية التي نتطلع الى أن يستوعبها كل مواطن تأسيسا على بذرة أرامكو التنموية من خلال مثل هذه البرامج الفاعلة.
مشاركة :