"حكايتنا مع الحجر".. النحت انعكاس للواقع الفلسفي الإنساني

  • 6/10/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يشارك النحات السوري لطفي الرمحين في معرض يجمعه بالفنان وليد مراد، افتتح في السابع من يونيو ويستمر حتى السادس عشر من الشهر نفسه. المعرض الذي افتتح بحضور وزيرة الثقافة لبانة مشوح وكوكبة من الفنانين التشكيليين والمهتمين بهذا النوع من الفن تضمن مجموعة واسعة من نتاج الفنانين اللذين عكسا المفهوم الجمالي للحجر السوري من خلال أعمالهما إضافة إلى عدة أعمال أخرى خشبية ومعدنية. ويضم المعرض الذي يحمل عنوان "حكايتنا مع الحجر" تشكيلة واسعة من نتاج الفنانين اللذين استطاعا أن يطوعا الحجر والخشب والمعدن لإبراز ما في أعماقهما والتعبير عن معنى الجمال والإبداع والفن في محاولة منهما لتقديم قراءة للواقع الفلسفي الإنساني. وتراوحت أعمالهما بين الواقعية والتجريد وهي مختلفة في الأدوات والمواد ورغم ذلك تعد وسيلة تعبير حضارية عن الجمال بمواد من الطبيعة السورية. ◙ حجارة سوريا نواة لأعمال فنية خالدة ◙ حجارة سوريا نواة لأعمال فنية خالدة ويجمع المعرض بين متناقضين فمن جهة يعتبر الفنان الرمحين راسخ الأقدام في الحياة الفنية منذ عقود ومن جهة أخرى فالنحات مراد عاشق للفن لكنه رافض لإظهار فنه للعلن. وتعليقا على هذه الشراكة بين فنان خبير بعالم النحت وآخر يقدم أول معارضه، أكد الفنان الرمحين أن الفن بمختلف ألوانه له هدف واحد وهو ارتباطه بالمشاعر والفكر الإنساني موضحاً أنه يستوحي روح أعماله من الخيال والفكر. بدوره تحدث الفنان مراد عن معرضه الأول الذي جاء بمثابة رابط مشترك بالفنان الرمحين حيث استمد منه قوة وإرادة النحت، لافتاً إلى أن أعماله من الحجر السوري وبعضها تحكي عن الأزمات التي عاشها وطنه والأخرى تحمل الفرح والسلام وتكسر حدة الألم والمعاناة التي فرضتها الحرب. وتجمع الفنانين صداقة طويلة، استطاعا أن يقدما صورة عنها في هذا المعرض وعبر منحوتات تتعلم من بعضها وتقنيات يسعى مراد لاكتسابها من الرمحين عبر ملازمته في مشغله الخاص. ورغم تخصّص المعرض في الحجارة السورية بما تحمله من معاني الانتماء إلى الوطن وإلى المصدر وإلى الحجارة القوية والصامدة في وجه التغيّرات، إلا أن مراد يهتم أيضا بمادة البرونز التي جذبته خاصة بعد أن نجح في تحويل بعض القطع من منحوتاته الصغيرة إلى هذه المادة اللافتة بخصوصيتها، حتى صار ينسخ أكثر من عمل له بأحجام متوسطة وصغيرة، فكانت منحوتات جذّابة ومثيرة للدهشة وتحضر بشكل مختلف. ويعدّ الفنان التشكيلي السوري لطفي الرمحين واحدا من روّاد فن النحت الذي يمارسه منذ ما يزيد عن ستّين عاما، حتى صار بأعماله التجريدية الموغلة في المعاني الإنسانية سفيرا للنحت السوري في فرنسا أين يقيم. وبقليل من التمعن في تفاصيل أعمال الرمحين وطريقته في نحتها يذهب بك إلى حيث نشأ الإبداع فالنحات لطفي الرمحين امتلك موهبة النحت فطرة وأجادها احترافاً واكتسب تقنياتها حتى صارت يداه والأدوات ومعها مواد النحت المستخدمة آلة فن تمتلك روحاً بشرية. أعمال الفنانين تراوحت بين الواقعية والتجريد وهي مختلفة في الأدوات والمواد ورغم ذلك تعد وسيلة تعبير حضارية والفنان الذي يركز في معظم أعماله على ثنائية الرجل والمرأة في محاولته عكس الواقع الكوني والفلسفي للإنسانية باعتبار المرأة رمزاً للحياة والرجل مصدر القوة فيها ما يجعلهما متكاملين في آن معاً. ويرى الرمحين أن الفن واحد ولا يختلف سوى بأسلوب المخاطبة والنحت من ضمن الفنون التي تخاطب العين مباشرة مبيناً أنه يستمد جل أفكاره من الخيال ليضيف عليها لاحقاً بصمته المتفردة. وفيما يخص الإبداع في مجال النحت عموماً يؤكد وجود علاقة تكاملية بين الموهبة التي تأتي بالفطرة وتتطلب حساً مرهفاً وبين الممارسة والاجتهاد اللذين يعتبران السبيل لامتلاك التقنية الفنية. ويستخدم الرمحين مواد مختلفة من الطبيعة في أعماله ولطالما عمل على تطويع الحجر والخشب والمعدن ليحاكي أشكالاً تعبيرية وتجريدية تشبهه أحياناً وربما لا تعبّر عنه إلا أن ما يجمعهما هو حب الفن. لكنه يقول “إنه من محبي المعدن كونه يعطي حرية أكبر عندما تذهب في الفراغ حيثما تريد فتستطيع أن تضيف وتزيل منه بينما الحجر والخشب فلا تستطيع سوى الإزالة الأمر الذي يجعلك مقيداً في حجم المنحوتة”. والنحات لطفي الرمحين ابن ريف محافظة السويداء ولد عام 1954 ودرس النحت في أكاديمية الفنون الجميلة في مدينة كارارا الإيطالية عام 1985 وكانت له تجارب في العديد من دول العالم. والمنجز الفني للنحات السوري نشأ في سوريا ثم سافر ليعرض في دول أخرى منها الإمارات وإيطاليا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا وإسبانيا. وأعماله الدائمة موجودة في المتحف الوطني بدمشق والمتحف الوطني في عمان بالإضافة إلى أعماله في السفارة السورية بواشنطن وأخرى في ساحة برج خليفة بإمارة دبي.

مشاركة :