صدر في الشارقة العدد 26 لشهر حزيران/يونيو 2022 من مجلة الموروث الفصلية المحكمة المعنية بالتراث الثقافي، والتي تصدر عن معهد الشارقة للتراث. وقد احتوي العدد على مجموعة من الدراسات والمقالات التي دارت في فلك التراث وقضاياه، وتناولها الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس تحرير، بالنقاش في مقاله الافتتاحي الذي تصدّر صفحات المجلة.  وفي قسم الدراسات، نشرت المجلة دراسة لزينب قندوز حول "هندسة المعنى قبل المبنى: غرف البيوت التونسية العتيقة نموذجا"، وتقدم قراءة مخصبـة بالمنظـور التشكيلي لـروح المباني المتواشـجـة مـع أثاثهـا، والمسـتدعية لماضيهـا عـبر فراغاتهـا الجالبـة لحضور التاريـخ واحتضـان الذاكـرة، بعد أن تغـدو فضـاءات الجدران لوحـة مفتوحـة على قراءة المسكوت عنه ورسـالته.  سرديات الجاحظ  ونقرأ دراسة حول "سرديات الجاحظ، وأثر الثقافة الشعبية فيها"، للدكتورة نادية هناوي، التي تتخذ مـن سـرديـات الجـاحـظ منطلقـاً لهـا في الـدرس والتحليـل ولا سيما تلك المعالجـات الـتـي اهتم بهـا الجاحـظ، من بين عدد مـن أسـلاف الكُتّاب القدامـى، ممن تركوا لنا إرثـاً أدبياً معبراً عن العـادات الشعبية ومعتقداتهـم وممارساتهم، فضـلا عـن همومهـم وأحلامهم المسكوت عنها.  وفي الدراسات أيضا، نقرأ لمحمد العساوي "الحايك: نحو مقاربة تأصيلية لأزيائنا التقليدية الآيلة للاندثار"، حيث تسلط الدراسة الضوء على الأزياء التقليدية النسوية المعبرة عن هوية المرأة المغربية وما تتسـم به مـن مزايـا ووظائف، خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي، كاشـفاً عن أهمية دور الحائـك ومهنته التراثية التي يتهددهـا الزوال.  ونبقي في قسم الدراسات، حيث نطالع دراسة الباحثة يمينة هلالي "بئر بروطة الموروث المقدس"، وفي تلك الدراسة تكشف لنا الباحثة عن معتقد شـعبي تمحـور حـول البـئـر التـي أحـاطـت بهـا الأساطير في مدينـة القيروان التونسية، ومثلت رصيـداً ثقافيـا ورأسمالاً رمزياً في الذاكرة الجمعية لسـكان ذلـك الفضاء، كاشفة عن تداخل الواقعـي بالأسطوري في المخيال الشعبي، وامتزاج الدنيوي بالمقـدس.  ونعود إلى الجاحظ، لنقرأ لابتسام مرهون الصفار، دراسة بعنوان " فئات العامة الثابتة في مؤلفات الجاحظ"، حيث تكشف لنا الباحثة عن زاوية أخرى من نزوع الجاحظ الشـعبي، من خـلال اهتمامه بأصحاب المهـن التقليدية من العامـة، كالحاكـة والخبازيـن والخياطين والدباغين والقصابين والصيارفة، وسـواهـم مـن أصحاب المهن الثابتـة، ومـا قـدمـه عنهم وعـن مهنهم مـن أخبار انفـرد بها.  الهوية وجمالية الموروث  ونقرأ للباحثة وصال العش، دراسة بعنوان "الهوية وجمالية الموروث: سامي بن عامر ذاكرة تتجدد"، وفي تتوقف الباحثة عند التجربة الفنية لأحـد الفنانين التشكيليين في مدينة صفاقس في محاولة للوقوف على رؤيتـه الجماليـة، وأبعادها الفكرية ذات الصلة بالهوية التراثية وإحيائها؛ لإضفاء قيمة جمالية على معمار الـبرج الممثـل لمشروعه وتأثيثـه.  وفي قسم الدراسات أيضا: نقرأ للباحث درويش الأسيوطي " عادات الطعام ومعتقداته في وسط الصعيد"، وفي تلك الدراسة ينقلنا الباحث للحديـث عـن التقاليد المرتبطة بـه، والقواعد التـي درج الناس على مراعاتهـا، وطرق التقديـم المختلفة باختلاف المناسبات، مـن أفـراح وأحـزان أو أجـواء دينيـة، كالقـدوم مـن الـحـج أو النذور والأعراس والطهـور، سـواء أكانـت ممثلـة لمشـاركة جماعيـة أم فرديـة، أو مرتبطة بأنواع هـذا الطعام اليومي في وجبـات الافطـار والغداء والعشـاء أو خاصـة بمـا يقدم للضيـف، وهو ما يمنـح الصعيد خصوصية عن سائر الأماكن الأخـرى في مصر.  ونطالع للباحث طاري يشي، دراسته "أسماء الأماكن في المغرب خلال العصر الوسيط؛ جوانب من التراث غير المادي"، وفي تلك الدراسة، سعى الباحث إلى الانطلاق من التراث الثقافي غـيـر المـادي في تناول جزئيـة أسـماء الأماكـن، محـاولاً بحث الصلة بينها وبين المـوروث الثقـافي، من خلال تناول نموذج محدد هو مدينة فاس خلال العصر الوسيط، منوهاً بالمخاطر المحدقـة بما يمكن أن يـؤول إليه المـوروث من توقف واندثـار، مـن جـراء التطـور التكنولوجـي الزاحف الـذي يحد مـن حضور هـذا التقليـد ويهدده.  الاحتفالات تبيح المحظورات  وتختتم المجلة قسم الدراسات، بدراسة الباحثة ابتسام النّوي، والتي حملت عنوان "الاحتفالات تبيح المحظورات: استهلاك اللّاقمي والقيشم بالجريد التّونسي"، وتتناول الباحثة في تلك الدراسة، ظاهـرة تتصل بالتراث الثقافي غير المادي ذات صلة بالنشاط الاقتصادي في الجريد، بالجنوب الغربي التونسي، وبالذات في الفلاحـة الواحيـة، وذلك حين يعمد أهـل الجريد التونسي إلى استهلاك "اللاقمـي" قبل تخميره وبعده، ضمن طـقـس احتفـالات جمعـي رشـحته العـادات الاجتماعيـة في المخيـال الجمعـي للتعبير عن حالة الاحتفـال الوجدانية التي يعيشها المجتمع.  وفي قسم المقالات نقرأ للباحث الراحل عزيز رزنارة، مقالاً بعنوان "الممارسات والدراسات المتعلقة بشجرة الأركان"، حيث سلط الباحث الراحل الضوء على شجرة الأركان، وهي إحدى الأشجار النادرة في المغرب، ومالها من مكانة كبيرة في التراث فضلاً عن استعمالاتها المهمـة في حياتنا وفوائدهـا الكبيرة. وفي المقالات أيضا، يعود الباحث عبد المقصود محمد، إلى أصول حي خان الخليلي التاريخي بمصر، واصل تسميته وتاريخه، وما يحيط بالحي من تراث شـعبي، كالحوانيـت والمطاعـم الشـعبية، جنباً إلى جنب مـع البازارات التـي يؤمها السـياح لـشراء المشغولات والصناعات التقليدية التـي تحـاكي القطع الأثرية الفرعونية، فضلاً عن المصنوعات الجلدية والزجـاج المعشـق. ما غيّبه الرواة عن ألف ليلية وليلة وتختتم المجلة قسم المقالات، بمقال للباحث سعيد بوعيطة، بعنوان "ما غيّبه الرواة عن ألف ليلية وليلة.. في البحث عن الحكايات المفقودة"، وفيه قراءة لأحد إصـدارات معهد الشارقة للتراث، وهـو كـتـاب مـا غيبـه الـرواة مـن ألـف ليلة وليلة الـذي كان محصلة مخيلـة جمعيـة لثمانية من كتاب القصـة الإماراتيين الذين استلهموا أجـواء ألف ليلة وليلة، ليجترحـوا وقائع جديدة للأحـداث والليالي، من خلال متوالية سردية، فيهـا من الجديد المفـارق الكثير، وقد استطاع الباحث استكناه المعنـى الكامن وراء هـذا المنجز السردي، رابطـا المحاولة بثنائيـة العلم والفن وإثارتها لسـؤال المخفي والغائب. يُذكر أن مجلة " الموروث " هي مجلة فصلية تعني بالموروث الثقافي، وتصدر عن معهد الشارقة للتراث، ويرأس تحريرها الدكتور عبد العزيز المسلّم، ومدير التحرير الدكتور صالح هويدي، وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة الدكاترة: حمد بن صراي، وخزعل الماجدي، وسعيد يقطين، وضياء الكعبي، وعبد الحميد بورايو، ومحمد الجويلي، ومحمد حسن عبد الحافظ.. فيما تضم هيئة التحرير الدكاترة: راشد المزروعي، عبد الله المغني، عبدالله يتيم، مبروك بوطقوقة.. فيما تتولى لطيفة المطروشي السكرتارية التنفيذية، والتصميم والإخراج لمنير حمّود، والتدقيق اللغوي لبسام الحفل.