تدفع المتغيرات الجيوسياسية والتحديات الأمنية في المنطقة والقارة الأفريقية نحو تعزيز العلاقات الأميركية – المغربية، عبر تكثيف اللقاءات بين مسؤولي كلا البلدين للمزيد من التنسيق. وأجرى عبداللطيف حموشي المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني (مدير المخابرات الداخلية في المغرب) زيارة إلى واشنطن على مدى أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من يونيو الجاري، التقى خلالها بمسؤولي المصالح الاستخباراتية والأمنية الأميركية لبحث مختلف التحديات الأمنية والتهديدات التي تطرحها الجماعات الإرهابية وشبكات الإجرام المنظمة في العديد من مناطق العالم، بما فيها منطقة الساحل والصحراء والشرق الأوسط وأوروبا. وذكر بيان للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني الخميس أن زيارة الوفد تجسد متانة التعاون الثنائي الذي يجمع بين المملكة المغربية والولايات المتحدة في مختلف المجالات الأمنية، خصوصا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، كما أنها تأتي في سياق مطبوع بتعزيز وتطوير الشراكة الأمنية القائمة بين المصالح الأمنية المغربية والوكالات الفيدرالية الأميركية المكلفة بالاستخبارات وتطبيق القانون. نبيل أندلوسي: زيارة الوفد المغربي تعكس عمق التنسيق بين الجانبين وأكد نبيل أندلوسي الباحث في العلاقات الدولية أن هذه الزيارة والاجتماعات على أعلى المستويات الأمنية والاستخباراتية هي مؤشر على حجم الثقة والحضور الأمني المغربي دوليا وقاريا وإقليميا وتعكس درجة كبيرة من التنسيق والتعاون ما بين البلدين لتحقيق الأمن والاستقرار الدولي والإقليمي، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية. وأشار أندلوسي، في تصريحات لـ”العرب”، إلى أن المغرب بات رقما لا يمكن تجاوزه في معادلات حفظ الاستقرار والأمن، خاصة في منطقة الشمال الأفريقي والساحل والصحراء، وأن أجهزته الأمنية والاستخباراتية تمرست على عمليات تتبع ورصد ومكافحة المخاطر الإرهابية والجرائم العابرة للحدود، وباتت تحظى بسمعة على المستوى الدولي. وعقد المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني المغربي خلال هذه الزيارة جلسات عمل ومباحثات مع أفريل هاينز مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، تناولت مختلف التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما تمت مناقشة الآليات والسبل الكفيلة بمواجهة هذه المخاطر من منظور مشترك وجماعي قادر على تحقيق الأمن وإرساء الاستقرار الدوليين. وذكر بيان المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أنها تطرقت كذلك “للعمليات الافتراضية” المرتبطة بمكافحة الخطر الإرهابي والجريمة المنظمة، خصوصا في أشكالها السيبرانية وارتباطاتها العابرة للحدود الوطنية. وتضمن جدول أعمال الوفد الأمني المغربي والأميركي تبادل الخبرات والتجارب وتقاسم المعلومات ذات الصلة بمكافحة التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة، كما تم التوافق كذلك على أهمية تنسيق الجهود المشتركة وتطوير آليات الرصد والمكافحة، بما يضمن التصدي الحازم لمختلف المخاطر والتهديدات المتنامية على الصعيد الدولي. ومن ضمن المجالات المتعددة للتعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمغرب، احتل الجانب الأمني والعسكري على الدوام مكانة متميزة، تعززت بالتمارين المشتركة للأسد الأفريقي التي ستكون لها نسخة أخرى في يونيو الجاري، والذي يستقطب مشاركين من كامل دول القارة، حيث تعتبره الإدارة الأميركية حدثا محوريا للتكوين والتمارين خلال سنوات عدة، ليس فقط بين الولايات المتحدة والمغرب. ولطالما شددت الإدارات الأميركية المتعاقبة على فعالية نهج المغرب في مكافحة الإرهاب، وفي الآونة الأخيرة أدرج مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022 المغرب ضمن أكثر البلدان أمانا في جميع أنحاء العالم، مما يسلط الضوء مرة أخرى على نهج البلاد لمكافحة الإرهاب والتطرف المشهور عالميا. هشام معتضد: هذا التوجه يندرج ضمن التقارب الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة وتؤشر هذه الزيارة، وفق بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، على أهمية التعاون الثنائي الأمني بين المملكة المغربية والولايات المتحدة، باعتبارهما شريكين أساسيين في الجهود الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار، كما أنها تترجم الانخراط الراسخ لمصالح المديرية في المساعي الدولية الرامية لتحييد المخاطر والتهديدات المحدقة بالأمن الإقليمي والدولي. وأكد هشام معتضد الباحث المغربي في العلاقات الدولية أن هذا التوجه يندرج ضمن التقارب الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة، ومواكبة التوجه السيادي للمؤسسات في واشنطن على تقوية الروابط الاستراتيجية بين البلدين من أجل إعطاء بعد أمني جديد لنوعية العلاقات التي تريدها واشنطن في المنطقة، سواء من خلال المناورات المشتركة منها الأسد الأفريقي، أو التعاون الأمني والاستخباراتي والعسكري، ويؤشر على التموقع الاستراتيجي للمؤسسات الأمنية والعسكرية المغربية في المنطقة. وتلتزم الولايات المتحدة والمغرب بمواصلة التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل السلام والازدهار الإقليمي والأمن الإقليمي، وعبّرا عن عزمهما خلال الحوار الاستراتيجي في مارس الماضي عن مواصلة التعاون القوي لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك ضد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وداعش في منطقة غرب أفريقيا والساحل والصحراء. وتميزت الاجتماعات التي قام بها المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني مع نظرائه الأميركيين بمقاربة استشرافية لتمتين التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين، عبر مناقشة “العمليات الافتراضية” المرتبطة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، خصوصا في أشكالها السيبرانية وارتباطاتها العابرة للدول. ولفت أندلوسي، في تصريح لـ”العرب”، إلى أن المغرب بات حليفا موثوقا به ورقما مهما في معادلة حفظ الأمن والاستقرار دوليا وإقليميا، ويحظى باحترام وتقدير الشركاء الدوليين. وفي سياق التعاون الأمني والاستخباري وقع البلدان اتفاقا للدفاع يحمل اسم “خارطة الطريق للتعاون في مجال الدفاع 2020 – 2030″، وصفه الطرفان بالتاريخي، يروم تقوية التعاون العسكري – الأمني ودعم القرار الملكي في تعزيز الصناعة العسكرية الوطنية، باعتبار المغرب دولة محورية في الحفاظ على مناخ الأمن والاستقرار بشمال أفريقيا وجنوب حوض المتوسط.
مشاركة :