استدراك الظلال المتحركة - نجوى هاشم

  • 12/12/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحياناً يرى المرء عالمه كما تصوره أفكاره، ومن ثم يطبق هذه الأفكار ليعيش هذا العالم كما تصوره، وليشكل من خلاله ماستتألف منه حياته مستقبلاً، والتي قد تصطدم فيها تلك الأفكار بعراقيل، أو تتوقف.. لكن لمن صمم على ما يريد سيعتبر ذلك توقفاً سريعاً وسيعاود التقدم..! أفكاري ليست أفكارك.. والعكس، ورؤيتنا من المؤكد أنها مختلفة لما أردنا أن نعيشه، ومانريده الآن، وما فرضته الحياة..! ورغم ان طريق الحياة واحد، إلا أن طريقتنا في المشي مختلفة، وفرص العودة إلى بداية الطريق معدومة، حتى وإن قررت في المنتصف العودة إلى البداية مرة أخرى لتغيير المسار والعبور إلى اتجاه آخر فلن تستطيع، لأن الطريق ليس به عودة وهو اتجاه واحد فقط، وعليك أن تواصل السير محفوفاً بخيارات ليس من ضمنها العودة إلى بداية الطريق..! شدتني عبارة قرأتها تقول(عشرة في المئة من الحياة تتوقف على ماتفعله أنت، وتسعون على طريقة تقبلك إياها) هذا التناسب غير العادل بين ما تقوم به، وبين تقبلك لها يحتاج إلى قدر هائل من الفهم واستدراك ظلاله المتحركة حولك..! هو السر الأهم في حلقات مسلسل الحياة وقدرتك على استيعابها، الطريق الشائك الذي يعبره الإنسان يومياً، ومقدر له أن يسير به مرهقاً وإجبارياً لأنه طريق عبور واحد حقيقي وليس متخيلاً، ولن تكون هناك فرصة أخرى لاختراع طريق آخر للسير عليه، وبالتالي لا مفر من هذا الطريق! ستختلط عليك في هذاالطريق معايير الألم بالفرح، المرارة بالسعادة، ولن تكون المقادير متساوية، لكن عليك التعامل معها بحذر أحياناً وبتفهم أحياناً أخرى، لتتمكن من خلطها والاستمتاع بها واستكمال المسار..! تستوعب جيداً صعوبات الطريق.. وتتذكر أحدهم وهو يقول لك عندما تعثر: امنحني خارطة طريقك التي يعتقد أنها خالية من الهموم والمشاكل حسب مايرى من زاويته، أو حسب ما تمنحه الصورة التي صدّرتها له، لكن من المؤكد أن خارطة طريقي لا تصلح لك لتسير بها، كما لا تصلح خارطة طريقك لي أيضاً..! يناقشني في مفهوم عام وهو لماذا لم تصّدر إلينا الحياة بدليل استخدام حتى نستطيع أن نتلافى مطباتها، ونسرع إلى تغيير المحطات والقطارات..؟؟؟ أجيبك أن الحياة دليل استخدامها ليس أحادياً، وليس متوفراً للبيع ولكن على كل شخص صياغة دليل استخدامه بنفسه بعد أن يعبر الطريق الإجباري، هذه الصياغة ترتكز على مدى تقبلك لما واجهته في الطريق وهي كماقيل تساوي تسعين في المائة من مقابل عشرة في المئة للطريق..! فقط تشبث بالتسعين في المائة وأكمل المسار، قد تندهش وتتعجب إذا اكتشفت أنك استطعت السير، وأن الطريق الصعب تحول إلى مسار لممارسة الأحلام بالهدوء والمغامرة المحسوبة، وستكتشف إذا كنت متعقلاً قدرتك على الاستيعاب والتحدي هل لأنك تحب الحياة؟ أم لأنك قادر على تجاوز مخاوفك وضعفك؟ أم لأن التوقف يعني انهيارات أكثر، وأضواء أقل، وحصاراً أصعب..؟ تتحرك الحياة وكأنها منظمة قائمة بنفسها، تختلف مقاييسها وحقائقها من شخص إلى آخر، تستمر وتتواصل باستمرار الأمل، والتمسك بما تريد أن تصغي إليه..! ستكمل لأنه الملاذ الأخير لك، ولأن التوقف يعني تأملاً للطريق الممتد خلفك وأيضاً أمامك هذا التأمل يزيد من آلام الحياة كما قال (إيليا أبو ماضي)..! وأخيراً كان "جيمس باري" محقاً عندما قال: حياة الإنسان مفكرة فيها قصة حياة غير التي قصد أن يحياها! ربماهذه المقولة تنطبق على الحياة بمجملها وربماعلى جزء منها صعدت قطاره بتذاكر مضاعفة القيمة وفوجئت بازدحام القطار وعدم وجود مقعدك وبمشاهد اختلطت فيهاعليك الأمور ولم تعرف أن القطار ذاهب أم آتِ..!!

مشاركة :