هناك أخبار سارة من باريس: فالدول الغنية والفقيرة وافقت الآن على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتعهدت تحقيق أهداف أولية تتمثل في تقليل هذه الانبعاثات. أما الخبر السيئ فهو أن الفجوة بين الأهداف المعلنة وما هو مطلوب كبيرة جداً لدرجة أن سدها ربما لا يكون ممكناً باستخدام تكنولوجيا أفضل فقط. وإذا كان هذا هو الحال، إذن ربما يكون تحقيق الأهداف المتفق عليها بهذه الجلبة سيتطلب أن تنتج الدول الغربية قدراً أقل من الانبعاثات جزئياً، من خلال الحد من استهلاك بعض الأشياء. هذا حوار لم يبدأ حقاً، والذي يبدو أن السياسيين، ربما لسبب وجيه، غير متحمسين لبدئه. ويدعو اتفاق باريس إلى الإبقاء على درجات الحرارة العالمية «أقل بكثير من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية»، فما الذي يحتاجه الأمر لتحقيق هذا، في العام الماضي، بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل شخص 4.9 طن. والبقاء تحت 2 درجة مئوية يعني تقليل هذه الانبعاثات إلى 4.5 طن بحلول عام 2020، وإلى 0.5 طن بحلول 2050، حسب بيانات مشروع الكربون العالمي، وليس هناك دولة صناعية أبعد عن هذا الهدف من الولايات المتحدة، حيث كان كل شخص العام الماضي مسؤولاً عن 17 طناً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فما المطلوب للحد بشكل كبير من انبعاثات الكربون؟.. الجواب المتفائل يتمثل في استخدام الطاقة النظيفة الأرخص، والأفضل في التخزين، فضلاً عن استخدام المزيد من السيارات الكهربائية ومبانٍ وأجهزة أكثر كفاءة، وتبدو هذه هي الرسالة التي يبعث بها قادة السياسة والأعمال في باريس: نحن نستطيع تحقيق ذلك مع مزيد من الابتكار. بيد أن هناك فجوة هائلة بين ما هو مطلوب وما تعهدت به الدول في الواقع: فهذه التعهدات «بحاجة إلى أن تتضاعف تقريباً للبقاء أقل كثيراً ما دون درجتين»، حسب ما ذكر «كورين لو كويريه»، مدير مركز أبحاث «تيندال» للتغير المناخي في جامعة إيست أنجيليا وأحد المشاركين في مشروع الكربون العالمي. هذه الفجوة تثير تساؤلات حول ما إذا كانت التغيرات التكنولوجية ستكفي وحدها وما إذا كانت هذه التغييرات ستحدث بسرعة كافية لتلبية شهية العالم المتزايدة على الطاقة والنقل والغذاء والمباني والسلع دون أن تؤثر على موازنة الكربون. بعد كل شيء، فإن 16% فقط من طاقة العالم الآن تأتي من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وإذا كانت التكنولوجيا لا تستطيع حل المشكلة بنفسها، فإن الحل الآخر يتمثل بالتأكيد في التكنولوجيا المنخفضة: فالمستهلكون في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغنية يمكنهم إنتاج انبعاثات أقل. (أما الدول النامية، التي تنتج فقط 3.6 طن من ثاني أكسيد الكربون للفرد، فهي لديها مساحة أقل للمناورة). ... المزيد
مشاركة :