تؤكد التجربة على مدار الحياة والتاريخ، أن القراءة هي مفتاح المعرفة ولا ننسى ان المعرفة سبقت الخلق كما ذكر ذلك في القران الكريم، فمن خلال القراءة تعيش حيوات كثيرة مع ما نطالعه من مواد متنوعة في الآداب والعلوم، يذكر لنا الباحث والناقد المصري د جمال حماد - مدير العام للبرامج الثقافية بإذاعة صوت العرب – جانبا من قصته مع الكتاب والقراءة فهو يقول منذ طفولتي وانا أحبّ القراءة وأواظب عليها كثيرًا، وخلال دراستي الجامعية كنت ميّالًا لقراءة المراجع، فكنت أجمع بين الرأي والرأي الآخر، وتفتحت الآفاق أمام عيني وخيالي الدكتور جمال حسين حماد باحث في التراث العربي وناقد أدبي له العديد من الدراسات اللغوية والادبية والاعلامية حاز مؤخرا على الجائزة التقديرية من مؤسسة عبدالقادر الحسيني بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية وتقديرا واعترافا بجهوده في خدمة الادباء والادب العربي. * ما الكتاب الذي أحدث تأثيرا فيك بعد قراءته؟ - من أعظم الكتب وأجلّها قيمة وقدرًا كتاب الله القرآن الكريم، ففيه من الفوائد الدينية الكثير والكثير، وفيه من دروس العبر الكثير والكثير، والقرآن كتاب دنيا ودين، وفتح أبوبًا كثيرة أمام العلماء والمفكرين والأدباء، وقدّموا أفكارهم وعلومهم من خلال فهمهم للقرآن الكريم كالعلوم اللغوية، والفلسفة الإسلامية والتشريعات والاجتماع،والعلوم التجريبية التي تثبت إعجاز القرآن الكريم في العصر الحديث ؛ حتى الفنون التشكيلية استلهمت الآيات في الخطوط والزخرفة ولا ننسى تلك النقوش والزخارف الموجودة على جدران المساجد العتيقة والحديثة. والقرآن الكريم هو كتاب الحياة لكل باحث ودارس ومبدع، بل هو حياة المتأمل في خلق الله، والوجود. وكلّ من يقرأه يتأكد له أنه كتاب ما فرّط في شيء وكل الإنسان ما لم يعمل. واسم كتاب الله هو القرآن، وهي كلمة يقول عنها علم الصرف إنها صيغة مبالغة للفعل قرأ وتعني كثرة القراءة وكثرة القراءة فيها مكاسب كثيرة ومنها تأكيد ما تم تحصيله، ومنها دفع الشك والتوهم عند التشكك في شيء ما. وعندي في مكتبي ثلاثة نسخ من المصحف، اثنان فوق مكتبي، والثالث في أحد الأدراج، وفي بيتي يتوسط المصحف الشريف المكتبة، ومنه نسخ في غرفة النوم وفي كل مكان ببيتي. ومن العلوم التي اهتمت بعلوم القرآن الكريم، التاريخ، وخصوصًا التاريخ القديم، وأفضل هذه الكتب "المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام" للدكتور جواد علي رحمه الله، وهو من أهم ما أقتنيه من كتب التاريخ، وفيه فوائد كثيرة ؛ حيث يدرس التاريخ العربي قبل الإسلام، وأهم الممالك وأهم الملوك، والحضارات، والقبائل، والأديان، والنقوش التي على الآثار، والحروب العربية، والسياسة والاقتصاد،.وهو كتاب مهم جدًا لكل باحث في التراث العربي القديم. ويقع الكتاب في عشرين مجّلدا، ومكتوب بأسلوب ممتع ورشيق ومبسط ويعتمد على الحقائق لا الخرافات فالمؤلف هو شيخ المؤرخين في القرن العشرين رحمه الله. * ما نوع التأثير وهل أنت مقتنع به؟ وما مدى استمراره؟ - بطبيعة الحال نتأثر بجماليات أي كتابة كثيرًا جدًّا، وتستمر معنا هذه الحال لفترة من الزمن وقد تستمر طوال العمر، حتى يأتي الوقت الذي نرى فيه ثلاثة طرق، أولها الاستمرار في التأثير وثانيها محاولة السير على ما نتأثر به، والثالث هو التمرّد على ما تأثرنا به. في كتب الدين يكون التأثير إيجابيًّا، حيث نستخدم الطريقين الأول والثاني دون الثالث بالنسبة للإنسان العارف والمتعلم والمتعبد والمؤمن. أمّا كتب المؤلفين العلماء فيكون التأثير متنوّعًا ما بين الإيجابي والسلبي، فالإيجابي قد يثير من يتأثر فيشرح، ويوضح، ويبني مناهج لما قرأه، ويفيد من الكتاب في طرح قضايا تتفق إيجابيًّا مع ما تأثر به، فعلى سبيل المثال، أعددت عددًا من الدراسات عن عصر ما قبل الإسلام مثل بنيل السرد في أيام العرب قبل الإسلام، والنقائض بين الأوس والخزرج، وقصة المثل. وممن يتأثرون سلبًا مما قرأوا ؛ منهم من ينكر ما في الكتاب، ومنهم من يهاجمه، ومنهم من يتبنى منهاجًا لهدم الفكرة، والنماذج كثيرة. وفيما يتعلق باستمرار التأثير فأقول : قد يتفاوت من قارئ لآخر، ومن حال لحال عند قارئ واحد وأغلب أفكارنا العربية لما تمت ترجمت إلى لغات العالم، كألف ليلة وكتاب كليلة ودمنة، فإن التأثر بألف ليلة أوجد تحولا في الإبداعات الهندسية المعمارية، والآداب، والموسيقى في فرنسا وإيطاليا، ويمكن القول بأن الرومانسية الغرامية الغربية هي من آثار حكايات العشاق العرب ففي حديث "عروة بن حزام وابنة عمه عفراء" ما نجده متشابها للقصص الغرامية الفرنسية في قصة الوردة الحمراء والوردة البيضاء. على أن هذا التأثير يأخذ وقته إلى حين، وقد يستمر ويتطور، أو يختفي ويزول طبقا للحاجة إلى ما نتأثر به. * هل ترى أن القراءة محرك أو دافع للتغيير في وقتنا الحاضر؟ - لا شكّ أن القراءة عامل مساعد ودافع للتقدم، وهي حافز مهم جدًا للتطور وعلينا أن نتعامل مع القراءة على أنها وسيلة مهمة للمعرفة والعلم.....
مشاركة :