إنها قصة طويلة مليئة بالمآسي والعنف والقتل، ولكن بإذن الله وتكاتف الجميع ستنتهي هذه القصة عاجلاً أو آجلاً. إنها قصة الإرهاب التي مضى عليها أكثر من عقد من الزمن، ومنذ بدايتها والذين يقفون وراء الإرهاب بكل أشكاله كانوا يعتقدون أن حبالنا قصيرة وضعيفة وسيأتي اليوم الذي يرفعون فيه راية النصر. الواقع، ولله الحمد، يقول كلّا وألف كلا فمجاديفنا لم تتكسر وبحارونا لم يعترهم الوهن فهم قادة، ورجال أمن وفكر، ومواطنون تصدوا بكل ما لديهم من أسلحة وموارد ولا يزالون على أهبة الاستعداد لمواجهة كل موقف. قالت المملكة في أكثر من مناسبة إن مسيرة الإرهاب ستكون طويلة ومكلفة، وسيعاني منها الكثيرون في الداخل والخارج ومع ذلك أكدت أنها ستستمر في التصدي لهذا الإرهاب وكل من يتبناه. الشواهد تقول بل وتؤكد أن العيون الساهرة لرجال أمننا كانت بالمرصاد وتابع رجالها كل التحركات وأفشلوا العديد من المخططات في ضربات استباقية، ولم يفتّ في عضدهم استشهاد زملاء لهم ضحوا بأنفسهم في سبيل الدفاع عن الدين والوطن، بل زادهم ذلك إصراراً وقوة لنصرة الحق. المجتمع الدولي كان في بداية الأمر يراقب وينظر إلينا من بعيد غير آبه بما هو حاصل ومستبعدا أن تصل يد الإرهاب إلى أوطانه، ولكن جاءت الأحداث متسارعة لتؤكد صواب تحذيرات المملكة وقادتها بأن الإرهاب داء عضال سريع الانتشار ولا يلبث أن يصيب القريب والبعيد، ومن هنا فلا بد من تكاتف الجهود لمحاربته. في السنوات الأخيرة بدأت دول كثيرة تتجرع مرارة الإرهاب وهي ترى مواطنيها يُقتل بعضهم ويدب الرعب في قلوب البقية مع سحابة سوداء تضلل كل ما حواليهم. المملكة بدورها واصلت ولم تتوقف عن حربها ضد الإرهاب في الداخل والتحذير منه في المنصات الدولية، ولكن يبدو أن الاستجابة لا تأتي إلا بعد المعاناة. الملك سلمان، وفقه الله، عندما أطلق شارة البداية لعاصفة الحزم كان يدرك تماماً ماذا تعني، وكان يدرك أيضاً أن التعامل المبكر مع الحوثي وأتباعه في اليمن سيكون كفيلاً بالتصدي لقوة إرهاب كبيرة تهدد العديد من الدول. لم يكن عسيراً على الحلفاء إدراك صواب الرؤية وجاءت النتيجة سريعة بتشكيل قوة تحالف لا تزال تبلي بلاءً حسناً في تدمير المعتدي ودك حصونه والعمل على استعادة الشرعية. يقول المثل العربي:(قطعت جهيزة قول كل خطيب) وهو يعني أن لا مجال لأحد أن يقول شيئاً بعد أن قيلت كلمة الفصل. هذا المثل ينطبق بكل واقعية على إعلان المملكة عن التحالف الإسلامي العسكري. هذا التحالف يحمل في طياته العديد من الرسائل والمضامين، فهو إعلان وشهادة بأن المملكة دائماً سباقة في حمل راية كل مبادرة فيها الخير والصلاح للمجتمع الدولي، وفيها أيضاً رسالة قوية لمن يتبنى الفكر الإرهابي وأعماله بأن الصحوة والتصدي اتسع نطاقها وجاءت تحت لواء إسلامي عالمي تقوده المملكة وبمشاركة عشرات الدول ضد كل من يعمل على دعم الإرهاب وتبني أفكاره المتطرفة. بمثل هذه المبادرات المباركة كأني أرى الإرهاب وأرباب الفكر الضال وقد بدأوا في التقوقع والانكماش ولكن أين المفر. الحرب والمواجهة، وإن طالت، فإن الغلبة إن شاء الله ستكون مع اتحاد القوة والكلمة وهذا ما عبر عنه بيان التحالف والذي ستظهر آثاره الإيجابية قريباً، كيف لا وهو ينبثق من عاصمة العرب والمسلمين ويقف وراءه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ونحن بدورنا نضع أيدينا في أيديهم ونرفع أكفنا بالدعاء لهم بالتوفيق والنصر المؤزر.
مشاركة :