د. سليمان المحذوري abualazher@gmail.com خلال يومي 22 و23 يونيو حضرت النسخة الرابعة من منتدى عُمان للموارد البشرية، مرشحًا من جهة عملي؛ هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وقد حملت هذه النسخة من المنتدى عنوان "مختبر تعزيز دور الموارد البشرية العُمانية في تحقيق رؤية عُمان 2040" بتنظيم من جريدة الرؤية وبالتعاون مع الجمعية العُمانية لإدارة الموارد البشرية، ومؤسسة "ميريت" للتنمية البشرية. وعلى مدار يومي المنتدى طُرحت عدة أوراق عمل ونُوقشت تجارب محلية وعالمية في مجال تنمية الموارد البشرية، وكيفية استثمار هذا المورد المهم، وتوجيهه التوجيه الصحيح بما يحقق الرؤية المستقبلية لسلطنة عُمان. ومن بين الرؤى التي تمت مناقشتها في هذه المناسبة التحول من الاقتصاد الريعي لاقتصاد قائم على المعرفة. وعلى الرغم من أنّه لا يوجد تعريف موحد لاقتصاد المعرفة؛ إلا أنّه يمكن فهم الفكرة العامة بشأن هذه الاقتصاد؛ إذ يُشير محمد عبدالله في كتابه "الاقتصاد المعرفي وأثره على التنمية الاقتصادية للدول العربية" إلى أنّ هذا الاقتصاد "تلعب فيه المعرفة دورًا في نمو الثروة وهذا دور قديم ظلت المعرفة تلعبه في الاقتصاد لكن الجديد هو حجم المساحة التي تحتلها المعرفة في هذا الاقتصاد حيث أصبحت أكبر وأكثر عمقًا مما كانت عليه من قبل". ويعرفه أحمد دهشان في دراسته "اقتصاديات المعرفة وجه التنمية الاقتصادية الحديثة" على أنّه "نمط اقتصادي متطور قائم على الاستخدام واسع النطاق للمعلوماتية، وشبكات الانترنت في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وخاصة في التجارة الالكترونية مرتكزا بقوة على المعرفة والابداع والتطور التكنلوجي خاصة فيما يتعلق بتكنلوجيا المعلومات والاتصالات". أما الاقتصاد الريعي وباختصار شديد هو الاقتصاد المبني على الاعتماد على مصدر واحد للدخل كما هو الحال بالنسبة للدول الخليجية المعتمدة على النفط والغاز كمصدر رئيسي للدخل. وبالعودة إلى أوراق العمل المقدمة في المنتدى؛ فقد اعتمدت اللجنة المنظمة على أسلوب جلسات العصف الذهني لجميع المشاركين من أجل تحليل بعض التحديات التي تواجه المجتمع العُماني ذات الصلة بالاقتصاد والمورد البشري مع اقتراح المبادرات والحلول. ومما لفت الانتباه أن هناك شبه اتفاق في كثير من الجوانب بين المشاركين سواء في تشخيص التحديات أو اقتراح الحلول وهذا أمر محمود يشي بأننا نعرف مشكلاتنا تمامًا ونعرف كيفية حلها كذلك. ولعل أبرز تحديات التحول من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد المعرفي الثقافة المجتمعية السائدة، وعدم مناسبة بعض التشريعات، ونقص المهارات إضافة إلى النمط التعليمي الحالي. وبالتالي تم طرح جملة من الحلول لهكذا تحديات لعل من أهمها ضرورة جود استراتيجية وطنية واضحة لهذا التحول المنشود مع تضمين المناهج الدراسية لمختلف مراحلها الدراسية لهذا التوجه، وتفعيل دور الاعلام بمختلف قنواته مع أهمية توفير برامج تدريبية وتأهيلية داعمة لاقتصاديات المعرفة، وموائمة التشريعات والقوانين ضمانًا لنجاح هذه المبادرة. ورغم ذلك، تبقى المعضلة الأكبر في التنفيذ وسرعة اتخاذ القرار الصحيح، وهذا ما نحتاج أن نعمل عليه خلال المرحلة القادمة إذا ما أردنا فعلًا تعظيم دور اقتصاد المعرفة في النمو الاقتصادي، وأن ننقل السلطنة إلى مصاف الدول المتقدمة.
مشاركة :