أرجو أن لا يأتي اليوم الذي يفرض علينا فيه (التجار)، رسوماً مقابل الهواء الذي (نتنفسه) لنبقى على قيد الحياة؟! للأسف لم تعد هذه مخاوف خيالية بعيدة التطبيق، بل هي محاولة استغلال حقيقية قام بها (تاجر صيني) عندما فرض رسوماً على (الشهيق والزفير) لكل من يتنفس من زبائنه داخل (مطعم) يملكه شرق الصين، فالرسوم فُرضت مقابل استنشاق (هواء نقي) بفضل (الفلاتر) التي ركبها لتنقية (الهواء الملوث)! السلطات المحلية تدخلت (لإلغاء الرسوم) بعدما ثارت وسائل التواصل الاجتماعي ضد هذه (الحيلة التجارية)، معتبرة أن تركيب (الفلاتر) أمر جيد، ولكنها لا تعطيه الحق في فرض رسوم، كم من (بلد) ستنجح سُلطاته التجارية؟ في منع استغلال التجار (للطبقات المُستهلكة) بمثل هذه الطريقة؟! عين التاجر ترقب دائماً (الفرصة المناسبة) لرفع الأسعار وفرض الرسوم، والاستفادة من الظروف المحيطة، في كل مرة يرتفع فيها سعر أي (سلعة) من حولك، فتش دوماً عن (ثغرة) استغلها التاجر بطريقة (غير عادلة) من أجل (زيادة أرباحه) دون الالتفات إلى حاجة المتضررين، ففي المثال السابق نجد أن (التاجر الصيني) استغل المخاوف من (تلوث الهواء) الذي يتسبب في وفاة (4 آلاف) صيني يومياً، حسب ما ذكره باحثون أمريكيون وبدأ في فرض (14 سنتاً) على رواد المطعم مقابل حقهم الطبيعي والفطري في استنشاق الهواء بحجة تقديم (هواءً نقياً)! لن ننجح في تعزيز حقوق المستهلك، ودعم استقرار الأسعار، والحفاظ على الأداء والجُودة، ما لم نُفعّل معايير المُراقبة الحكومية والشعبية، من خلال وقفة حقيقية وجادة لمُعاقبة كل المستغلين ومنعهم من أي زيادة (غير مُبررة) في الأسواق، فالتاجر المسلم والوطني هو شريك حقيقي لمجتمعه، ولن يستغل الظروف ليربح منه (أكثر)، بل سيكفيه (الربح المعقول) ليبارك الله له في ماله وتجارته، شريطة أن يجعل هذه التجارة (سلوكاً إنسانياً) وليس (سلوكاً استغلالياً) لا يراعي فيه ظروف الناس واحتياجاتهم! يجب أن نعترف بوجود أزمة لدينا، بين (التاجر والمستهلك)، المسؤول عنها (طرف ثالث) ما زال بعيداً عن القيام (بدوره الحقيقي) لتنظيم هذه العلاقة؟! تخيل أن تجربة فرض الرسوم على (استنشاق الهواء) طُبّقت في أسواقنا؟ أكاد أجزم أننا (سنختنق) قبل أن يشعر أحدهم بأن هذا حقنا الطبيعي في (التنفس)؟! وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :