الإعلام الجديد والإعلام العتيق

  • 12/12/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أنه منذ بداية نهضة الإعلام الجديد وهو يفرض أساليب إعلامية جديدة من خلال إعلام الجمهور للجمهور، حيث إنه تتم صناعة المحتوى الإعلامي من قبل الشخص المستخدم إلى مجموعة مستخدمين آخرين من غير قيود أو سياسات تحد من حرية التعبير عن الرأي، ومازال الإعلام الجديد رغم ما أحدثه من ثورة في العالم يستمر في صناعة أساليب إعلامية تتطور بشكل يومي من خلال تقنيات ومميزات جديدة تساعد في تكوين رأي عام يحدث تأثيراً واضحاً على مستوى صناعة القرار، ولا أوضح من ذلك في مساعدة الإعلام الجديد على بداية الربيع العربي، وتحديداً ثورة مصر التي انطلقت في 25 يناير من خلال تفاعل واسع في الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر مثل مجموعة كلنا خالد سعيد وشبكة رصد، وأدت تلك التحركات الإعلامية عبر الشبكات الاجتماعية إلى قيام الثورة وتغيير النظام السياسي. ومن ناحية تأثير الإعلام الجديد على الإعلام التقليدي ومن يقود الآخر فإن الكفة تغيرت بعد أن سيطرت الصحافة التقليدية والرائي لمدة طويلة على صناعة المحتوى الإعلامي تبدو الكفة تميل بوضوح إلى الإعلام الجديد وثقة المتلقي تكبر يوماً بعد يوم في أجواء الإعلام الجديد الذي يبدو أكثر مصداقية وسرعة ووضوحاً من الإعلام التقليدي، فأصبحت القنوات تستمد كثيراً من مواضيعها النقاشية في البرامج الحوارية من مواضيع مثارة مسبقاً في الإعلام الجديد من خلال ما يعرف بـالهاشتاق في موقع تويتر. وبهذا الصدد من الممكن ذكر بعض البرامج التي بدا طابع الإعلام الجديد ظاهراً عليها مؤخراً.. قبل فترة استضاف الإعلامي داود الشريان مجموعة من الشباب المؤثرين في الشبكة الاجتماعية الكيك، مثل بدر زيدان وعبدالعزيز العزام وفيحان، وصاحب الصوت الشهير سلفر، وتمت مناقشة كيف ظهر هؤلاء الشباب واشتهروا في هذه الشبكات، وكذلك كيفية صناعة محتوياتهم الإعلامية للمتلقين، كذلك خلال بث الحلقة يقدم فريق إعداد البرنامج بعض التغريدات التي تكتب في الهاشتاق، وهو ما يعطي المغردين في توتير فرصة للمشاركة في إظهار آرائهم. وعلى قناة الرسالة بدأ في 20 يوليو الماضي برنامج تغريدة الذي يقدمه فراس بقنة وأحمد فتح الدين، يعرض أسئلة من اختيار المغردين على الضيف، وقد استضافوا مجموعة كبيرة من المشاهير، ونال البرنامج شهرة جيدة، وفي أثناء عرض البرنامج كان الهاشتاق يشهد حضوراً كثيفاً جداً، وهي طريقة جميلة ومباشرة لعرض محتوى يتم إنشاؤه في تويتر. كذلك في كثير من البرامج يتم مساعدة فريق الإعداد في اختيار الأسئلة والمواضيع، مثل برنامج صدى الملاعب الرياضي الذي يستمر مقدمه مصطفى الأغا في إعلان الهاشتاق للمشاركة في الأسئلة والأطروحات لضيوفه، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً على اهتمام فرق الإعداد للبرامج على التواصل مع مستخدمي الشبكات الاجتماعية للتفاعل وصناعة المحتوى، مقابل أن بعض البرامج أصبحت تستبدل بالاتصالات الهاتفية المشاركات عن طريق الهاشتاق للحصول على تفاعل أكبر واستغلال للوقت. كذلك استحدثت قناة المجد برنامج تغريد، حيث يقوم بعرض جميع أنواع التغريدات المكتوبة والمسموعة والمرئية، ويحرص البرنامج على عرض أفضل التغريدات التي نالت أكبر قدر من الريتويت والتفضيل، وكذلك يناقش بعض الأطروحات الجديدة في توتير خصوصاً. وعلى مستوى الصحف بدأت منذ فترة بعض الصحف في تخصيص زاوية لأفضل التغريدات وأهمها، والتي تداولها المغردون في تويتر كما في صحيفة الشرق مثلاً، وهذا انعكاس واضح لتأثير الشبكات الاجتماعية على الصحف التقليدية في صناعة المحتوى، كما أن بعض المغردين نالوا فرصاً جيدة للكتابة في الصحف المحلية أو الصحف الإلكترونية، وهو جزء من امتداد التأثير. ختاماً.. لا يخفى على من يتابع الإعلام التقليدي وجود صبغة واضحة من ملامح الإعلام الجديد، سواء على مستوى الضيوف أو المواضيع أو صناعة المحتوى في الإعداد، وهذا الاكتساح سيجعل الكثير من البرامج والقنوات عموماً تأخذ منحى يسير عليه الإعلام الجديد، إذ إنه من لا يتبع الإعلام الجديد في صناعة المادة الإعلامية يعتبر مغرداً خارج السرب، ويطرح مواضيع لا تهم الناس ولا تعكس اهتماماتهم، وفي الطرف الآخر هناك حديث طويل عن مسألة تحليل بعض البرامج وتأثيرها، لكنها لا تزال تخدم سياسات معينة وأفكاراً محددة ينجرف خلفها المشارك في الشبكات الاجتماعية دون وعي حول مشاركته، وأن اختيار ما يعرض من الشبكات الاجتماعية لايزال يخضع للتشذيب، رغم هذا وصول الإعلام التقليدي إلى هذه المرحلة يجعل من الإعلام الاجتماعي قوة ضاربة، لكن التخطيط الذكي إعلامياً يوظف المشاركة السطحية لمستخدمي الشبكات الاجتماعية كوسيلة للجذب في الترويج لبعض الأفكار والآراء التي تخدم أهداف الوسيلة الإعلامية، وهذا يعتمد على وعي المستخدم لتلك الشبكات.

مشاركة :