يبدو أن أغلب الناس عملوا بمقتضى ديني أو ساروا مع ضوء إميل سيوران في «العقول أيًا كان مستواها لا تجد راحتها واستقرارها إلا في التحدي» لهذا هم على قناعة أن لهم رسالة في هذه الحياة.. وهذا جيد، بقي عليهم أن يعرفوا ماهي الرسالة وكيفية القيام بها وتبليغها، في هذا الفضاء الرحب المليء بالمنافسة التي قد لا تكون شريفة. العالم الافتراضي رسخ أقدامه في أرض الواقع: شن الإعلام الجديد حربًا شرسة رغم نعومتها على الإعلام التقليدي، وأرجو أن تصل الأمور إلى إلغاء وزارة الثقافة والإعلام بعد وضع _من أهل الاختصاص _ رؤية بديلة وأدوات تنظيمية وتشريعات قادرة على ملء فراغ الوزارة، وتوزيع اختصاصاتها وتحويل بعض إداراتها إلى هيئات مستقلة. وهذا أفضل للوزارة أمام منافستها غير المتكافئة مع الإعلام الجديد وليس هذا لقصور الوزارة في اتخاذ مايلزم _بالضرورة_، لكن طبيعة العصر فرضت التكنولوجيا، ووهبت الإعلام الجديد مرونة وحرية وشفافية لا تعرف ما البيروقراطية، من الصعب على الوزارة مسايرتها والسير بمحاذاتها، وما كان يعرف بالإشكاليات لهذا الإعلام كصعوبة السيطرة والرقابة وعدم تقيده برقعة جغرافية واتساع قاعدته الجماهير هي في حقيقة الأمر مزايا اتضح أن عدم استغلالها خسارة. «الإعلام المختطف» مصطلح تهشّم أمام الإعلام الجديد ومابقي للجميع أي عذر، فبمقدور كل من يرى أن له رسالة تستحق أن تطلع على الدنيا ويطّلع عليها الناس أن يقدمها فالمجال مفتوح للجميع، وغير مكلف غالبًا، ولكل فئة جمهور لا بأس به، المهم أن تكون متمكن من أدواتك وتعرف ماهي رسالتك، هذا التنوع من أهم مزايا الإعلام الجديد فهو يفسح المجال للتشعّب الثقافي ليأخذ مجراه والتاريخ هو الفصل والناس شهود الله في الأرض، ومن مزاياه على الوزارة_على سبيل المثال مع النخب_ اسقاط نخب كان الضوء لا يغيب عنها، وجاء بآخرين، من خلاله تم تسليط الأعين على الصورة الحقيقية لبعض النخب وتسجيل مراحل سقوطها المدوي مع كل هاوية يهوي فيها أحدهم، أيضا هو مجهر دقيق أتاح لنا رؤية التفاصيل بوضوح في علاقة النخب ببعضها المضحكة أحيانًا والمستفزة أحيانًا والوقورة، وهي تعمل عمل ميزان دقيق يقيس من خلاله حجم عقول النخب وفعالية أطروحاتهم، وبهذا الإعلام سمع صوت الجماهير التي تحاسب النخب وتعمل على طي قيدهم متى ما كشفت زيفهم. كل هذا يشير إلى تفوق الإعلام الجديد على كل تقليدي حتى الوزارة العتيقة الثقيلة. وزارة الثقافة والإعلام تقبل الخسارة وتكرم الفائز: أطلقت وزارة الثقافة والإعلام في 9 نوفمبر «جائزة الإعلام الجديد احتفاء بالمحتوى الهادف والأثر الإيجابي الذي صنعه أبناء وطننا في شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة» وطالب معالي الوزير عواد العواد من رواد الإعلام على اختلاف مشاربهم ومتابعيهم المشاركة بترشيح كل من يستحق، أو من يرى في نفسه أنه أهلًا للفت نظر الجمهور إليه. وهذا المبادرة على مافيها من عدم وضوح آليتها ومعرفة لجنة تحكيمها جميلة لعدة أسباب: - اعتراف بتفوق الإعلام الجديد. - مكافأة المجتهد وإشعاره أنه محل اهتمام وتقدير المجتمع، فعمله تراقبه الأعين لا للبحث عن الأخطاء بل لإنصافه، وحثه على التعلّم من أخطائه. - تشجيع المتخوف من خوض التجربة. - تعزيز قيم الحرية والمسؤولية لدى الشباب وبالتالي حثهم على توسيع الوعي وإدراك التحديات المنوط على الشباب السعودي تجاوزها للنهوض بالمجتمع. - تخلق نوعا من المنافسة الهادفة لخدمة المجتمع والوطن بمحتوى يعطي رسالة عن تربية صانع المحتوى وقيمة بلاده في وجدانه، ومعرفة منظومة قيمه، وأنماط تفكيره. - أوحت أن السطحية والتهافت على التفاهة لا تحقق لصاحبها إلّا شهرة بعمر فقاعة الصابون سرعان ماتموت في مسيرة الحياة مع بزوغ ماينفع الناس في تطوير حياتهم وتنمية عقولهم .
مشاركة :