أنهى رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي الاثنين مشاورات نيابية غير ملزمة لتشكيل حكومة جديدة وسط رفض كتل نيابية المشاركة في حكومة وحدة وطنية، فيما تلقى ميقاتي جرعة دعم من حزب الله الذي أعلن صراحة عن تبنيه سيناريو إدخال تعديلات وزارية على حكومة تصريف الأعمال الحالية كحل للتعجيل بميلاد حكومة جديدة يطالب بها المانحون الدوليون إذا ما تعذر تأليف كابينة وزارية جديدة بالكامل.
ويقف ميقاتي في مشاوراته النيابية أمام خيارين: إما حكومة فاعلة وإما تفعيل تصريف الأعمال لحل عاجل لتفادي إطالة مدة التشكيل ، وهو سيناريو لا يصب في مصلحة البلاد التي تنتظرها خطة إصلاح اقتصادي يطالب بها المانحون الغربيون لتمويل خطة التعافي.
نعيم قاسم: نؤيّد إجراء تعديلات على حكومة تصريف الأعمال
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الاثنين أن “الحزب مع تشكيل الحكومة وعدم إضاعة الوقت وعدم إنهاك التّشكيل بالشروط والشروط المضادة، فالفرصة لا تسمح بأن يأخذ كلّ فريق مكتسبات من الحكومة، المطلوب أن نعطي المكتسبات للمواطنين وللوطن، وهذا يفترض أن نخفّف من المطالب لمصلحة تشكيل الحكومة”.
وأضاف في بيان “نحن نؤيّد أن تجري التعديلات على الحكومة الحالية ليدخل إليها من يرغب بالدخول والتعاون، أو ليعدّل من يعدّل في بعض الوزراء للإسراع في عدم الوقوف في فخّ الأسماء الجديدة، التي يمكن أن تأخذ وقتا طويلا”.
وكان ميقاتي أول من طرح سيناريو إدخال تعديلات على حكومة تصريف الأعمال لتفادي عقدة التشكيل ، وذهبت حركة أمل بقيادة نبيه بري إلى دعم هذا المقترح، فيما لا يتوقع أن يرفض التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل هذا الطرح ولو أنه لم يدعمه صراحة، إذ إنه يوفر لحزبه حصة وازنة يطالب بها للمشاركة في الحكومة.
ويحظى التيار الوطني الحر راهنا في هذه الحكومة بحصة وزارية، هي غالبية الحصة المسيحية في الحكومة، والتي لن يحلم بالحصول عليها في أي وقت بعد الآن.
وفي حال الذهاب إلى سيناريو تدوير حكومة تصريف الأعمال، فإن التيار الوطني الحر سيحتفظ بوزارة الطاقة والخارجية والعدل، وهي حصة وازنة.
ولم يعد التيار الوطني الحر يحظى بذات التمثيلية في الحكومة الجديدة، بعد أن خسر شعبيته داخل بيئته المسيحية لصالح حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.
ورفض باسيل تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وانتقد عدم ترشيح شخصية أخرى، بينما ذهب ميقاتي إثر تكليفه إلى التلويح بتفعيل حكومة تصريف الأعمال، ما يعبّر عن وجود أزمة حقيقية بين الجانبين تجعلهما مقتنعين بعدم إمكانية تشكيل حكومة خلال فترة قريبة.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون أجرى الخميس الماضي استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف.
وكُلّف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة بناء على نتيجة الاستشارات النيابية، حيث حصل على 54 صوتا من أصوات النواب.
وكانت حكومة نجيب ميقاتي السابقة التي تشكلت في العاشر من سبتمبر الماضي أصبحت حكومة تصريف أعمال، بعد بدء ولاية مجلس النواب الجديد في الثاني والعشرين من مايو الماضي.
وعلى الحكومة، بعد التشكيل ، أن تنال ثقة المجلس النيابي بعد مناقشة بيانها الوزاري.
ومع احتدام الانقسامات بين النخبة الحاكمة في لبنان، من المتوقع على نطاق واسع أن يواجه ميقاتي مشكلات جمة أمام تشكيل الحكومة، مما سيمدد فترة الشلل السياسي ويقوض إصلاحات تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية.
ميقاتي كان أول من طرح سيناريو إدخال تعديلات على حكومة تصريف الأعمال لتفادي عقدة التشكيل ، وذهبت حركة أمل بقيادة نبيه بري إلى دعم هذا المقترح
ومع رفض القوى التي لم تسمّ ميقاتي المشاركة في حكومة وحدة وطنية، وتحديدا حزبي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي وبعض النواب المستقلّين الذين أعلنوا عن ضرورة مواجهة أيّ حكومة سيشكلها ميقاتي، كما صرّح النائب عبدالرحمن البزري، فإن تشكيل حكومة جديدة سيناريو معقد، وقد يكون التعديل الوزاري على حكومة تصريف الأعمال أحد المخارج الأكثر ترجيحا لذلك.
ويقول المحلل السياسي أمين قمورية إن ميقاتي لن يستطيع تشكيل حكومة خلال هذه الفترة، إنما قد يلجأ إلى إجراء تعديل وزاري في حكومته الحالية، شرط أن يحظى بموافقة البرلمان على ذلك.
وأرجع قمورية ذلك إلى وجود خلافات بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، لاسيما بعد نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وما نتج عنها من تغيرات في موازين القوى.
ووفق نتائج الانتخابات، خسر حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاؤهما الأغلبية النيابية، بعدما تراجع عدد مقاعدهم من 71 إلى 60، فيما المقاعد الـ68 المتبقية توزعت على قوى مختلفة.
وأشار قمورية إلى أن فرنسا وبعض الدول العربية، تدعم بقاء ميقاتي في رئاسة الحكومة من أجل تمرير بعض الأمور المطلوبة من لبنان في هذه المرحلة، لكن ذلك لا يعني أن ميقاتي قد يتمكن من تشكيل حكومة جديدة.
وتلفت مصادر نيابية إلى الخطورة المترتبة على هدر الوقت في حال أن الحكومة لم تشكل قريبا لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، خصوصا أن مندوبه يقيم حاليا لفترة طويلة في لبنان، وعلى لبنان أن ينتهز فترة وجوده لإعداد كل ما هو مطلوب من الحكومة للوصول معه إلى اتفاق نهائي يتيح الانتقال إلى مرحلة التعافي.