القاهرة – أحيى استاذ أزهري خلال تصريحات تلفزيونية الأحد الجدل المتجدد حول فرض الحجاب، ما اضطر الأزهر ودار الافتاء المصرية للتدخل بشكل رسمي. وفي لقاء تلفزيوني مع برنامج "الحكاية" عبر قناة "إم بي سي مصر" الأحد قال أستاذ بجامعة الأزهر سعد الدين الهلالي أن الفقهاء الأمناء أكدوا أن ستر العورة فريضة، ثم تم تحريف العبارة لتتحول من "ستر العورة فريضة" إلى "الحجاب فريضة". وأضاف الهلاللي في برنامج الإعلامي المصري عمرو أديب "إنه لا يوجد نص يؤكد فرضية الحجاب". كما شكك في صحة حديث الحجاب الذي يقول إنه "إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها غير وجهها وكفيها". وقال الهلالي "إن هذا الحديث لم يظهر إلا بعد وفاة الرسول بنحو 240 عامًا، وهو حديث ضعيف". وتزامنت تصريحات الهلالي مع تدوينة تحمل مضمونا مشابها نشرتها صفحة عبر فيسبوك، تعرف نفسها بأنها مبادرة تدعو إلى تجديد الخطاب الديني وتحمل اسم "أزاهرة يستنيرون". وتناول المنشور موضوع "الاحتشام وغطاء الرأس" الذي عزاه كاتب المنشور، بحسب الصفحة، إلى "الأعراف والذوق العام". وجاءت ردود الفعل حول تصريحات الهلالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كان أغلبه سلبياً تجاه ما قاله أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر. وتداول مدونون وسوماً مثل #الحجاب_فريضة، #الأزهر، و #سعد_الدين_الهلالي ، للتعبير عن رفضهم اطروحة الهلالي المشككة في فرضية الحجاب. وهاجم مشايخ ودعاة الهلالي معبرين عن رفضهم لما وصفوه بـ"التدليس والجهل والافتراء على الدين". وكتب الشيخ عباس شومان وكيل الأزهر سابقا عبر حسابه بفيسبوك، إن الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، ولا ينكر فرضيته إلا جاهل ضال، فقد أجمع على فرضيته علماء المسلمين في كل العصور، مضيفا "فكفوا عن إرضاء البشر على حساب دينكم". كما وصف الشيخ هشام محمود الأزهري كلام الهلالي بالتدليس والكذب؛ موضحا أن المتكلِّم (الهلالي) يعلم جيدًا أن الحجاب عليه إجماع الأمة وأنه كلام الفقهاء والعلماء، فلو كان شجاعا في طرحه، ولم يدلس في زعمه أنه كلام أصحاب الإسلام السياسي، لكان أليق بمن يزعم الكلام في دين الله. وتدخل الأزهر رسميا عبر بيان أكد فيه فرضية الحجاب في الإسلام، بعد بيان مماثل لدار الإفتاء. وأكد الأزهر، في بيانه، أن حجاب المرأة فرض عين على كل مسلمة بالغة عاقلة، أقرته مصادر التشريع الإسلامي بنص القرآن وإجماع فقهاء المسلمين. وقال الأزهر في بيانه -دون الإشارة إلى سعد الدين- إن ما يُتداول من محاولة لنفي فرضيَّة الحجاب وتصويره أنه عادة أو عرفٌ انتشر بعد عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- هو رأي شخصي يرفضه الأزهر؛ لأنه مخالف لما أجمع عليه المسلمون منذ 15 قرنا من الزمان. وأضاف البيان أن هذا الرأي يفتح الباب لتمييع الثوابت الدينية، كما أن التفلت من أحكام الشريعة وما استقر عليه علماء الأمة بدعوى الحرية في فَهم النص، هو منهج علمي فاسد. كما أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى في بيان تفصيلي أن فرضية الحجاب ثابتة بنص القرآن الكريم، والسُّنة النَّبوية الصَّحيحة، وإجماع الأمة الإسلامية من لدن سيدنا رسول الله إلى يومنا هذا، وحكم فرضيته ثابت لا يقبل الاجتهاد أو التغيير. بدورها، قالت دار الإفتاء المصرية إن الحجاب شعيرة من شعائر الإسلام، وطاعة لله تعالى، وفرض على المرأة المسلمة التي بلغت سن التكليف؛ فعليها أن تستر جسمَها ما عدا الوجه والكفين. ويستنج معارضو فرضية لحجاب في الإسلام على تفسير غير صحيح من وجهة نظرهم للآية 53 من سورة "الأحزاب"، التي جاء فيها "وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما"، إذ يرى هؤلاء أنها تخص أمهات المؤمنين فقط، وضرورة وضع حاجز بينهن وبين صحابة الرسول. وجاء أيضا في الآية "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهنّ من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما"، والتي نزلت بحسب قولهم لتحض الحرائر على وضع ما يستر وجوههن كي لا يكن عرضة لرجال يسترقون النظر إليهن كما يفعلون مع الجواري. كما يؤكد من يتبنى هذا الفكر أن الآية رقم 31)من سورة النور: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الاربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون"، نزلت للإشارة بستر النحر، أي أعلى الصدر والعنق، بسبب أن النساء فى زمن النبى وما قبله كُنَ يرتَدِين الأخمرة ويسدلنها من وراء الظهر، فيبقى أعلى الصدر والعنق وجزء من النهدين لا ساتر لهما، وفى رأى آخر أن الخمار عبارة عن عباية، وهنا طلبت الآية من المؤمنات إسدال الخمار على الجيوب، أى فتحة الصدر.
مشاركة :