تشكل حوادث الغرق في الشواطئ والمسابح، خلال الصيف، هاجساً كبيراً للجميع، ويكون ضحاياها أطفالاً وشباباً أرادوا قضاء أوقات ممتعة، لتأتي النهاية مأساوية غير متوقعة، نتيجة عدم الالتزام بإجراءات السلامة، والسباحة في الأماكن الخطرة، إلى جانب ترك الأطفال من دون رقابة في المسابح العامة والخاصة. «البيان» التقت عدداً من الجهات المسؤولة والمتخصصين، للوقوف على أسباب حوادث الغرق، ووضع حلول للحد منها، حيث أكدوا ضرورة تشديد معايير اعتماد المسابح المنزلية، وزيادة التفتيش الدوري على المسابح للتأكد من إجراءات السلامة، وتكثيف حملات التوعية للأسر والأطفال، وأهمية إلمام أفراد الأسرة بمبادئ الإسعافات الأولية، والإنعاش، داعين إلى زيادة أعداد اللوحات التحذيرية والإرشادية في الأماكن المخصصة للسباحة، وعدم ترك الأطفال دون رقابة أثناء السباحة في الشواطئ وأحواض السباحة المنزلية. 194 بلاغاً بدايةً، كشف الإسعاف الوطني عن استجابة الطواقم في عام 2021 إلى ما يعادل 194 بلاغاً لحالات غرق في الشواطئ وأحواض السباحة من مختلف أنحاء المناطق الشمالية، ما شكل ارتفاعاً بنحو %55 مقارنة بالعام 2020. وفي هذا الإطار قال أحمد صالح الهاجري الرئيس التنفيذي للإسعاف الوطني: سجل عدد بلاغات الغرق الواردة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 32 بلاغاً، مشيراً إلى أهمية اتخاذ وتطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية المتعلقة بأحواض السباحة والشواطئ. وشدد على أهمية زيادة الوعي بخصوص الأساليب الوقائية واشتراطات السلامة والمخاطر الناتجة عن الإهمال والاستخفاف بها في الشواطئ وأحواض السباحة العامة والخاصة وبين المشرفين عليها ومرتاديها وتكثيف الرقابة على تنفيذها ووضع عقوبات رادعة لمن لا يلتزم بها. وأكد على ضرورة وجود المنقذين المدربين والمؤهلين على التدخل السريع في الإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية في كل هذه الأماكن. وأوضح الهاجري أن إجراءات السلامة والوقاية المتعلقة بالسباحة والتي قد تسهم في منع حدوث الغرق هي توخي الحيطة والحذر وتعليم السباحة للأطفال مع ضرورة ارتداء سترة النجاة الخاصة بالسباحة أو الوسائل الأخرى المساعدة والآمنة، ومراقبة الأطفال وعدم تركهم بمفردهم في أي مكان بالقرب من المسابح، والالتزام باشتراطات السلامة لأصحاب أحواض السباحة الخاصة من تصميم بوابات بارتفاع 4 أقدام ذاتية الإغلاق لتكون حاجزاً فاصلاً بين بركة السباحة والمنزل والساحة الخارجية لحماية الأطفال من السقوط بها، مع التأكيد على أهمية تعلم أصحاب أحواض السباحة تقديم الإسعافات الأولية وإجراءات الإنعاش القلبي الرئوي، منبهاً على ضرورة التأكد من حالة الطقس قبل ارتياد الشواطئ، والسباحة فقط في الأماكن المرخصة والآمنة، التي يتوفر فيها المنقذون المدربون على الإسعافات الأولية. حيطة وحذر بدوره طالب العميد علي عبيد الطنيجي مدير عام الدفاع المدني في الفجيرة بأخذ الحيطة والحذر واتباع اشتراطات السلامة لمنع حوادث غرق الأطفال، وذلك بضرورة متابعة أولياء الأمور لأطفالهم أثناء ممارسة رياضة السباحة، ومراقبتهم جيداً عند الخروج في نزهة للشاطئ، واختيار الأماكن الآمنة البعيدة عن البرك المائية والمستنقعات والأودية والسدود. وأكد على خطورة السباحة في البرك والمستنقعات التي خلفتها الأمطار أثناء الرحلات والنزهات، لافتاً إلى أن هذه المياه يتحول قاعها إلى تربة طينية خطيرة ويجب الابتعاد عنها وعدم السباحة فيها. وقال: من واجب الأهل في أثناء التنزه في المناطق الجبلية مراقبة أطفالهم جيداً وتحذيرهم من خطر السباحة في البرك ومنعهم من الاقتراب منها ومن الأودية والسدود لتأمين سلامتهم وحماية أرواحهم. وشدد العميد علي الطنيجي على عدم ترك الأطفال بمفردهم يمارسون رياضة السباحة، والحرص على مراقبة الأطفال عن كثب طوال فترة تواجدهم في الماء، وضرورة أن يرتدون سترة النجاة والحرص على البقاء ضمن المناطق المُخصصة للسباحة. مواصفات وأكد المقدم علي عبدالله النقبي، رئيس قسم الإنقاذ البحري بمركز شرطة الموانئ في دبي، أن الرضع والأطفال الصغار ينجذبون للعب في الماء، وقد يغرقون في الماء حتى في عمق 10 سم، لأن رؤوسهم ثقيلة بالمقارنة مع وزن جسمهم. وأشار إلى أن الإهمال الأسري أحد أسباب غرق الأطفال، لافتاً إلى ضرورة إعادة النظر في مواصفات المسابح المنزلية والمجمعات السكنية لمنع وقوع المزيد من الحوادث. ونوه بأن المزاح الثقيل بين المراهقين والاستعراض بالقدرة على السباحة قد يؤدي إلى الغرق، مضيفاً: تم تسجيل حالة شاب قام بالمزاح مع أصدقائه في البحر وكاد أحدهم أن يغرق وتم نقله إلى المستشفى وكانت حالته بليغة. ولفت إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات الموجودة على الشواطئ فضلاً عن رقابة الأهل على الأطفال وارتداء الملابس المناسبة، وعدم القفز عن الصخور، وعدم السباحة في غير الأماكن المخصصة. وأوضح النقبي أن الأطفال الناجين من الغرق وظلوا من دون إعاقات هم الذين تم سحبهم من الماء خلال دقيقتين، مشيراً إلى أنه بعد مرور دقيقتين من لحظة الغرق يحدث فقدان للوعي وبعد مرور 4 إلى6 دقائق يحدث تلف في الدماغ، وهناك من يصاب بإعاقة دائمة بسبب هذا الأمر. وأشار إلى رصد بعض المسابح في المجمعات السكنية والفلل تحتاج إلى إعادة النظر في المواصفات ومنها عدم وجود سور أو عوازل تمنع انزلاق الأطفال أو عمق المسبح، أو عدم وجود سلالم، وعدم توفير كاميرات، إضافة لعدم توافر منقذ وأدوات الإنقاذ وصندوق الإسعافات الأولية وغيرها مما يجعلها ثغرة لوقوع حالات غرق خاصة من الأطفال، وتمت مخاطبة الجهات المختصة بخصوص هذا الأمر. وأضاف: «من جانب آخر تم عقد عدد من الدورات التوعوية بالتعاون مع هيئة تنمية المجتمع في دبي للطلبة لتوعيتهم بالإجراءات الوقائية عند استخدام المسابح أو نزول البحر». معايير وأكد راكي فيليبس الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، أن معايير إنشاء وتنفيذ المسابح بالقطاع الفندقي يتم تطبيقها على جميع المنشآت الفندقية بالدولة، مشيراً إلى التزام القطاع الفندقي بالاشتراطات والمعايير الخاصة الصادرة عن دائرة بلدية رأس الخيمة خلال مراحل إنشاء المسابح بالفنادق، كما أنه في مرحلة التنفيذ تكون الرقابة من قبل الإدارة المختصة في بلدية رأس الخيمة، وبعد الانتهاء من التنفيذ يتم إصدار شهادة معتمدة بعد استيفاء جميع شروط البناء والتشغيل لحوض السباحة. وأضاف: تقوم هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة في مرحلة التشغيل بالرقابة الدورية على المنشآت الفندقية إلى جانب الحملات التفتيشية مع الدوائر الحكومية المختصة على أحواض السباحة للكبار والصغار، كما تقوم بمتابعة المنشآت الفندقية للتأكد من توفير المنشأة لعدد من المتطلبات التي تتمثل في وجود منقذين مؤهلين ومدربين على وسائل إنعاش القلب والرئتين وعلى وسائل الإنقاذ المعتمدة وحاصلين على شهادات معتمدة، وتوفير معدات الإنعاش التي تستخدم الهواء العادي، وصندوق للإسعافات الأولية، وتوفير طوق النجاة، وتوفير العدد المناسب من المنقذين حول حوض السباحة بما يتناسب مع حجمه وساعات التشغيل. وتابع: تشمل المتطلبات أيضاً توفير لوحات إرشادية خاصة بالصحة والسلامة في منطقة حوض السباحة، والتأكد من المقاييس المعيارية لمياه أحواض السباحة ضمن المجال المسموح به، ومتابعة نظام التعقيم والتطهير وكميات الكلور وقياس درجة حرارة المياه على مدار العام، وفي حال وجود حوض للأطفال ملاصق لحوض الكبار يتطلب وضع حاجز حماية لمنع الأطفال من الانتقال بين الأحواض، والتأكد من عدم وجود أي عوائق في حوض السباحة والتي يمكن أن تعيق مرتادي الحوض والتسبب في إصابتهم، مثل الأجسام الصلبة الحادة، الأنابيب، الأسلاك، مع التأكد من وضع علامات تشير إلى درجة عمق المياه، وأن تكون واضحة لمرتادي حوض السباحة. حماية وقال الدكتور أحمد فلاح العموش أستاذ علم الاجتماع التطبيقي في جامعة الشارقة: «تكمن أهمية دور أولياء الأمور في حماية أطفالهم من التعرض للمخاطر خلال الاستمتاع بأوقاتهم داخل أحواض السباحة والشواطئ، حيث تحدث أغلب حالات الغرق بعيداً عن أعين الرقابة الأسرية أو المنقذين المختصين، وخاصة في حال عدم الالتزام بإجراءات الأمن والسلامة المطلوبة على الشواطئ أو المرافق الترفيهية وعدم الالتزام بالتعليمات الواضحة على اللوحات الإرشادية في تلك المواقع. وأشار إلى ضرورة عدم ترك الأطفال بمفردهم داخل مياه البحر أو بالقرب من أحواض السباحة حتى لو كانوا يجيدون السباحة، مع ضرورة أن يرتدي الطفل سترة السباحة الواقية عند اللعب بالماء، كما أنه يجب قفل الأبواب المؤدية إلى أحواض السباحة في المنزل، داعياً إلى زيادة حملات التوعية من قبل الجهات المختصة لرفع الوعي المجتمعي بالتعليمات والإرشادات الخاصة بحماية الأطفال من التعرض للمخاطر وخاصة الغرق. صدمة نفسية ولأن فقدان أي فرد من العائلة يمثل صدمة نفسية للأهل، وخاصة في حال وفاة طفل أو أحد أفراد العائلة خلال حادثة غرق داخل أحواض السباحة أو الشواطئ، أوضح الدكتور عادل أحمد كراني استشاري طب نفسي أن ردة الفعل تكون قوية وتظهر بانفعال الغضب تجاه المسؤول عن الحادث، أو السكوت التام والتوقف عن الحديث، ولذلك يجب إتاحة المجال أمامهم للتعبير عن صدمتهم. وأضاف: «كما يجب على المحيطين تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للعائلة بالالتفاف حولهم، وخاصة من الزوج تجاه زوجته أو العكس، حيث يجب الاحتفاظ بالقوة والصبر لتخطي مرحلة الصدمة، أو اللجوء إلى الطبيب النفسي المختص، فالأعراض التي تظهر بعد الصدمة تحدث في الأغلب بعد الحادث بفترة وتكون على شكل الإحساس بتحمل المسؤولية أو قلة النوم والخوف والبحث عن المتوفى وهذا يسمى باضطراب ما بعد الصدمة، ولذلك يجب التواصل مع الطبيب النفسي لسرعة العلاج». إهمال وقال فؤاد البستكي، ولي أمر: «تحدث حوادث الغرق في الغالب نتيجة لإهمال الأسرة في حال ترك أطفالهم والانشغال عنهم، كما أن هناك من يجهل مخاطر الأمواج البحرية، إلا أن وجود المنقذ البحري على المناطق المخصصة للسباحة يظل عامل الأمان الأول في سرعة إنقاذ تلك الحالات التي يمكن أن تتعرض لخطر الغرق». ولفتت إيمان كامل، ولية أمر، إلى أن وجود المنقذ البحري على الشواطئ المفتوحة أمر ضروري، وقالت: «أذكر موقفاً حدث لأفراد عائلتي خلال الصيف الماضي عندما سحبت موجة بحرية أطفالي وأشخاصاً آخرين بسرعة شديدة، لولا لطف الله سبحانه وتعالى، وسرعة تصرف عدد من المنقذين». كيف تنقذ غريقاً؟ قال الدكتور عادل سجواني، أخصائي طب أسرة: إن الطريقة الصحيحة في إنقاذ الغريق تتضمن الخطوات التالية: الاستعانة بالمنقذين الموجودين في الشواطئ والمسابح، أو طلب المساعدة من الموجودين في المكان، فإن لم يكن هناك شخص متخصص في السباحة فيجب الاتصال بالشرطة فوراً، وإذا كان الغريق بعيداً أو في المنطقة العميقة فلا يجب السباحة إليه إلا إذا كان المنقذ مؤهلاً ومدرباً، وفي حال كان الغريق قريباً يجب انتشاله من الماء فوراً، وجعله مستلقياً على ظهره، والتأكد من تنفسه، والقيام بالإسعافات اللازمة، كما يجب الاتصال على الإسعاف ونقل الغريق إلى المستشفى للحصول على الرعاية الطبية اللازمة، وتجنب مضاعفات الغرق. وأشار إلى أنه يجب أن نعلم أن الوقاية خير من العلاج فيرجى اتباع إرشادات السلامة في المناطق الترفيهية. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :