في الحلقة الماضية تساءلت هل هناك شاعر عظيم أم قصيدة عظيمة، وذكرتُ أن كبار الشعراء المعروفين عبر التاريخ على أنهم شعراء عظماء تشتهر لهم قصيدة أو قصيدتان أو ربما أكثر قليلًا. تواصل معي أحد الأخوة -من الذين أعزهم- بعد نشر المقال وهو عاتب عليّ بأنني تطرقت إلى شعراء عرب وعالميين ولم أتطرق إلى شعراء من البحرين، وأنا قبلت عتابه ووعدته أن أكتب عن شعراء البحرين من الذين لهم قصائد تذكّر الناس بهم بمجر سماع أول بيت أو سطر منها. هناك بيت شعر اشتهر باسم صاحبه على الرغم من مرور سنوات طويلة وهو للشاعر الراحل عبدالرحمن المعاودة (1911-1996). هذا البيت يكرره الناس في بعض المناسبات: يشقي بنوها والنعيم لغيرها وكأنها والحال عين عذاري انطلاقا من روح هذا البيت الشهير كتب الشاعر علي عبدالله خليفة مواله الجميل الذي شتهر وأصبح يعرف باسمه بمجرد سماعه: عذاري لي متى تسقين ذلك النخل البعيدْ عطاشِة نِنتخي يمج ونرفع صوتنا ونعيدْ نشوف القيظ عيّد بالنخل واحنا بليا عيد عذاري ليه متى بها الساب يجري الماي من دوني نشف ريج العشب يا عيب تركج زرعج الدوني عجب عكس الوفا تعطين! يا أهل الخير ودوني شَمالي العين كنت يمها وراحب تسقي اللي بعيد ومن القصائد الشهيرة للشاعر علي عبدالله خليفة التي تذكّر الناس به عند سماعها قصيدة «ليل المحرق» التي تقول: يا حبيبي سوف أحكي لكَ عن ليلِ المحرَّق حين يخلو من جموع تنزوي في كل مَفرق تقطعُ الوقتَ بأوهامٍ وأحلام ٍوتطرق كل بابٍ للدعابات وأشجان الحديث سوف أحكي لك عن ليل المحرق حين يخلو من الناي المؤرّق في الليالي المقمرات يسكب اللحن العراقي الحزين هذه القصيدة انتشرت بشكل أكبر عندما صدحت بها الفنانة الرائعة هدى عبدالله بصوتها الأوبرالي الشجي. كما اشتهرت لعلي خليفة قصيدة «غني يا عصفورة شعر» التي غناها الفنان الكبير أحمد الجميري. وإذا جئنا للشاعر الكبير علي الشرقاوي – شافاه الله وعافاه- فهناك عدة قصائد عامية اشتهرت له وأجملها في اعتقادي والتي غناها الفنان الكبير خالد الشيخ، حيث كانا في فترة ما يشكلان «دويتو» متناغم: جروح قلبي وتر وينك يا عازف عود اعزف نغم للبدر يمكن تراه يعود ويشوف حالي الذي من شوقه صاير عود كما اشتهرت له جماهيريا قصيدته الجميلة «في العالي ولا انطفى نورك» التي غناها الفنان خالد الشيخ أيضاً. وإذا عرجنا على الشاعر الكبير قاسم حداد فإن له قصائد رائعة ربما لم تنتشر جماهيريا بسبب حداثيتها وعمقها، ولكن في اعتقادي أن قصيدته الجميلة «مكان آمن للحب» نالت حظها من الشهرة باسمه وخاصة بعد أن غناها الفنان خالد الشيخ: ماذا سيبقى عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل ماذا يختفي فينا وهذا ماؤنا الدموي يستعصي وطير الروح ينتظر احتمالًا واحدًا للموت كنا نغني حول غربتنا الوحيدة كالعذارى في انتحاب الليل كنا نترك النسيان يأخذنا على مهلٍ لئلا نفقد السلوى لم نعرف مكانا آمنًا للحب ولا ننسى الشاعر الراحل الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة – طيب الله ثراه- وقصائده «ولهان يا محرق» و«يا الزينة ذكريني»، اللتين غناهما الفنان الكبير الرائع أحمد الجميري، وتذكرنا بالراحل الشيخ عيسى وبالبحرين أينما حللنا وتجعل كلماتها الشوق يعتصرنا إلى بحريننا الحبيبة. هناك أمثلة كثيرة على قصائد لشعراء البحرين بعضها انتشرت حتى من دون غناء، بأسماء مبدعيها، الذين بزغوا من أعماق هذه الأرض الطيبة التي أنجبت كل هؤلاء الرائعين، فهذه الأرض ولّادة ونخيلها خضراء مثل قلوب أبنائها. كان بودي أن أذكر أمثلة أكثر ولكن ضيق المساحة المخصصة حالت دون ذلك فليعذرني أحبائي الشعراء والفنانون والقراء. Alqaed2@gmail.com
مشاركة :