هل يظل التضخم صادما ومزمنا؟ «1 من 3»

  • 7/10/2022
  • 00:42
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تتوقف الإجابة عن توزيع الصدمات في الاقتصاد وطبيعة استجابة البنوك المركزية، فقد كانت الزيادة الأخيرة في معدلات التضخم حول العالم مفاجأة لكثيرين. حتى منتصف 2022، تجاوز التضخم الكلي "سعر جميع السلع والخدمات" والتضخم الرئيس "ما عدا أسعار الغذاء والطاقة" كثيرا المستويات المستهدفة في معظم الدول. وتشير النظريات الاقتصادية المعتادة إلى أن التضخم سيخرج عن السيطرة في حالة تطبيق مزيج محدد من السياسات النقدية والمالية لفترة مطولة، لكن القول باستمرار التضخم من عدمه نتيجة لذلك يتطلب مزيدا من الدراسة. وتعتمد الإجابة على توزيع الصدمات في الاقتصاد وردود أفعال البنوك المركزية و"وزارات المالية". وبشأن حالة التضخم المزمن فتشكل أسباب ارتفاع التضخم ومدى استمراريته موضوعا للنقاش الدائر. ونرى أن الارتفاع الحالي في معدلات التضخم نتاج لخمسة دوافع أساسية ذات انعكاسات على هذا النقاش. أولا، الاختناقات في سلاسل الإمداد، كان للجائحة تأثيران مختلفان في سلاسل الإمداد العالمية. ففي المرحلة الأولى، أدت تدابير الإغلاق العام والقيود على حرية الحركة، إلى انقطاعات حادة في مختلف سلاسل الإمداد، ما تسبب في نقص الإمدادات على المدى القصير. وتلاشى كثير من هذه الانقطاعات، وإن كان الارتفاع الأخير في أعداد الإصابات بسلالة أوميكرون في الصين وغيرها قد أدى إلى تجدد الضغوط على بعض سلاسل الإمداد. أما في المرحلة الأخيرة من الجائحة، فقد شهدت مختلف سلاسل الإمداد اختناقات مستجدة. وحسب تقييم دراسة Rees and Rungcharoenkitkul (2021) التي صدرت أخيرا، تؤثر الاختناقات الأكثر حدة في المواد الخام والسلع المصنعة الوسيطة ونقل البضائع. لكن هل تستمر هذه الاختناقات؟ من المقاييس المستخدمة في تقييم أوضاع سلاسل الإمداد العالمية المدة التي يستغرقها شحن السلع بحرا مقيسة بمؤشر صممته شركة فليكس بورت لقياس مدة الشحن عبر المحيطات Flexport Ocean Timeliness Indicator. حتى نهاية نيسان (أبريل) 2022، ظلت المؤشرات قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق، ما يشير إلى أن الضغوط قد تستمر لفترة أطول على الأقل. ثانيا، تحول الطلب من الخدمات إلى السلع، أدت الجائحة في البداية إلى تحول حاد في طبيعة المشتريات الاستهلاكية، حيث سجل الإنفاق على السلع ارتفاعا هائلا. وبالتالي فإن جزءا كبيرا من الزيادة الأولية في معدلات التضخم يعزى إلى تضخم السلع المعمرة "بما في ذلك السيارات المستعملة"، بينما سجل تضخم الخدمات ارتفاعا طفيفا. وقد تستمر هذه التحولات خلال المرحلة النشطة للجائحة فحسب، وإن كان جزء على الأقل من تحول الطلب من الخدمات تجاه السلع قد يستمر في ظل الطريقة التي أعادت بها الجائحة تشكيل المجتمع. ورغم أن التحول تجاه السلع المعمرة كان ظاهرة عالمية، فإن تأثيره ربما كان ملحوظا بدرجة أكبر في بعض الدول "بفضل انتعاش سوق السيارات المستعملة في الولايات المتحدة على سبيل المثال". ثالثا، حزمة التدابير التنشيطية الكلية والتعافي في مرحلة ما بعد الجائحة، تم الإعلان عالميا تدابير مالية بقيمة 16.9 تريليون دولار لمكافحة الجائحة، وكان الدعم المقدم أكبر نسبيا في الاقتصادات المتقدمة. ففي الولايات المتحدة وحدها، تم تطبيق مجموعة من تدابير التنشيط المالي بقيمة 1.9 تريليون دولار "خطة الإنقاذ الأمريكية". وأطلقت مجموعة مناصرة لفكرة التضخم المزمن عرفت باسم Team Persistent تحذيرات حيال التدابير التنشيطية الضخمة المقترنة بتيسير الأوضاع النقدية لما قد يسببه هذا المزيج من ارتفاع مزمن في معدلات التضخم... يتبع.

مشاركة :