يقع متحف البريد المصري في مبنى عتيق يشبه القصر بميدان العتبة في قلب العاصمة المصرية القاهرة، وتم تطويره وتجديده وإعادة افتتاحه مؤخرا ليضم آلاف المقتنيات التي تروي التاريخ البريدي للبلاد منذ العصور القديمة حتى العصر الحديث وتأسيس البريد المصري في القرن التاسع عشر. وعندما افتتحه الملك فاروق الأول رسميا في عام 1940، كان المتحف عبارة عن قاعة واحدة وممر وكان يعرض فقط 1250 قطعة داخل مبنى هيئة البريد المصري التي تم إنشاؤها في عام 1865. لكنه اليوم، بعد تجديده على مدار السنوات الثلاث الماضية، تم توسيعه إلى 15 قاعة تضم أكثر من 3000 قطعة للعرض المتحفي. ويدير المتحف الهيئة القومية للبريد التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وافتتحه بعد تجديده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام. وقال الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه "في عام 2019 وضعنا خطة لتطوير هيئة البريد المصري بالكامل، وكان تطوير مبنى البريد الأيقوني بالعتبة ضمن خطة التطوير". وأضاف وزير الاتصالات من داخل المتحف، "بدأنا في استعادة رونق المتحف وتجديده والحفاظ على مقتنياته وتزويدها واستخرجنا قطع أثرية ومتحفية عالية القيمة من المخازن وتم ترميمها وعرضها في المتحف". وبمجرد وصول الزائر إلى الطابق الأول من المتحف يواجه تمثالا نصفيا للخديوي إسماعيل، حاكم مصر الذي اشترى شركة البوسطة الأوروبية (Posta Europea) التي كانت تعمل في مصر آنذاك، وأنشأ أول هيئة بريد مصرية في عام 1865. وتروي كل قاعة في المتحف قصة تطور تاريخ البريد والطوابع في مصر، وعلى الرغم من أنها تركز على الـ 150 عاما الماضية التي تلت إنشاء هيئة البريد المصري، إلا أن القاعة الأولى تعرض تماثيل صغيرة تصور تسليم رسائل إلى الفراعنة في مصر القديمة وتماثيل أخرى صغيرة للكاتب المصري القديم. كما تعرض أيضا نموذح محنط لواحدة من الحمام الزاجل، وكذلك أدوات الكتابة القديمة ، بالإضافة إلى رسائل من العصور القبطية والإسلامية في مصر، منها رسالة مكتوبة على ورق البردى وأخرى على عظم جمل. وتروي عدد من القاعات الأخرى قصة إنشاء هيئة البريد في مصر، ومراحل تطور الطوابع البريدية في البلاد، وإنشاء وتطوير صناديق البريد، ووسائل الاتصالات والنقل في القرن التاسع عشر. وقالت الدكتورة هبة بركات مستشارة رئيس الهيئة القومية للبريد للشؤون المتحفية، إن "من أهم مقتنيات المتحف هي الإصدارات الأولى للطوابع المصرية، لأن كل بلد تعتز جدا بأول إصداراتها من الطوابع، وكان ذلك في عام 1866، وكانت مصر صاحبة أول إصدار طوابع في القارة الأفريقية والبلاد العربية". وتضم إحدى قاعات المتحف مقتنيات ساعي البريد المصري أو "البوسطجي" في القرن التاسع عشر، حيث تعرض الزي الرسمي له والطربوش والحقائب الجلدية التي كان يحملها لتوزيع الرسائل وغير ذلك. وتعرض قاعة أخرى طوابع بريدية قديمة من مختلف أنحاء العالم تم إهدائها لمصر خلال المؤتمر العاشر لاتحاد البريد العالمي الذي استضافته مصر في عام 1934. وتعرض القاعة أيضا الطوابع البريدية القديمة من معظم دول العالم ومنها أستراليا ونيوزيلندا وهولندا وألمانيا وروسيا وإيرلندا وتركيا والمغرب والعراق والمملكة العربية السعودية وإيران والفلبين والصين. وفي حديثها عن الصين، قالت بركات إن متحف البريد المصري يتطلع إلى التعاون مع نظيره في الصين. وأضافت مستشارة رئيس الهيئة القومية للبريد لوكالة أنباء ((شينخوا))، "سوف يكون هناك تعاون مثمر مع الجانب الصيني لنساعد بعضنا البعض في التعرف أكثر على ثقافة كل منا الآخر ومشاركة تاريخ البريد والطوابع للبلدين". ومن ضمن القاعات الأخرى بالمتحف واحدة تعرض مراحل تصنيع الطوابع البريدية، وأخرى تعرض طوابع تحمل صورا لشخصيات مشهورة، وقاعة لتصنيف الطوابع البريدية المصرية بأنواعها المختلفة. وأكد وزير الاتصالات المصري، أن "متحف البريد المصري يعكس قدرة مصر على المزج بين الأصالة والمعاصرة".
مشاركة :