حافظت السعودية على الاستقرار الاقتصادي رغم جائحة كورونا بتقديم 50 مليار ريال للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بل وصلت مبادراتها إلى 142 مبادرة لمواجهة الجائحة استهدفت الأفراد والمنشآت في القطاع الخاص حتى تجاوز إجمالي ما قدمته الـ 214 مليار ريال، فكانت نموذجاً فريداً في التضحية حتى أصبحت مثالاً يحتذى في أنحاء العالم. ونجحت المملكة في خفض نسب التضخم من 6.2 في المائة عام 2019 قبل جائحة كورونا، وبسبب مواجهتها جائحة كورونا انخفض التضخم إلى 1.2 في المائة في ديسمبر 2021، وارتفع في إبريل 2022 إلى 2.3 في المائة نتيجة التضخم في جميع أنحاء العالم بسبب سلاسل التوريد المتوترة ما أدى إلى انفجار الأسعار، وجعل البنوك العالمية تتجه نحو إجراءات مضادة حاسمة ورفع أسعار الفائدة بشكل أسرع مما هو متوقع، حيث ارتفعت الأسعار في منطقة اليورو 8.6 في المائة في يونيو 2022، وهي نفس النسبة في الولايات المتحدة التي هي أعلى نسبة منذ أربعة عقود، وفي سياق حرب أوكرانيا تخشى ألمانيا الدخول في ركود عميق، حيث يتجه البنك المركزي الأوروبي الخروج من سياسته النقدية المتساهلة للغاية، ويعتزم البنك رفع أسعار الفائدة الرئيسية الأولى لأول مرة منذ 11 عاماً، وأعلن البنك المركزي الأمريكي عن أكبر زيادة في سعر الفائدة منذ 30 عاماً في إطار جهوده المكثفة لكبح جماح ارتفاع السلع الاستهلاكية، ورفع الفائدة لتصل إلى 1.75 في المائة. ووفق رؤية 2030 تحولت السعودية من دولة الرعاية الشاملة إلى دولة إنتاجية لتنويع مصادر دخلها بدلاً من الارتهان لدخل وحيد، لكن تبقى الدولة راعية للمواطنين الأكثر احتياجاً، لذلك أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله بناءً على ما رفعه سمو ولي العهد الموافقة على تخصيص دعم مالي بمبلغ 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار عالمياً، لمستفيدي الضمان الاجتماعي، وبرنامج حساب المواطن، وبرنامج صغار مربي الماشية، على أن يوجه بقية المبلغ لزيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية والتأكد من توفيرها. خلال عام واحد فقط جاءت مستويات نمو الاقتصاد السعودي المرتفعة في وقت لا تزال فيه العديد من دول العالم ومن بينها اقتصادات كبرى تكابد عناء تخطي التداعيات التي فرضتها جائحة كورونا التي لا تقل في تأثيراتها على تأثيرات الحرب العالمية الثانية. وتعتبر المملكة أقل الدول ارتفاعاً في نسب التضخم بسبب أنها تنفذ رؤية 2030 وحققت أهدافاً كثيرة، وبسبب تنفيذ مبادرات الرؤية أظهرت تقديرات الهيئة العامة للإحصاء السعودية نمو الاقتصاد السعودي9.9 في المائة في الربع الأول من عام 2022، مرتفعاً من 3.9 في المائة في عام 2021، حيث تعتبر السعودية الأسرع نمواً في اقتصاديات مجموعة العشرين، وهناك تقارير دولية تعتبر المملكة أحد الملاذات الآمنة للاستثمارات الأجنبية، ووجهة مفضلة لكبريات الشركات العالمية، حيث بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل للاقتصاد السعودي خلال عام 2021 نحو 72.32 مليار ريال مقابل تدفقات صافية بلغت 20.25 مليار ريال في 2020، في أرقام تعكس كفاءة الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها السعودية منذ إطلاق رؤية 2030. يعتبر السكن والغذاء أبرز عاملين في رفع نسب التضخم، فالدولة حققت مستهدفات رؤية 2030 في توفير تملك المساكن، وارتفعت النسبة من 47 في المائة قبل الرؤية إلى 62 في نهاية 2020 تفوق المستهدف في الرؤية 60 في المائة، وفي الغذاء اتجهت الدولة نحو توفير المياه في زراعة العلف والقمح لتحقيق الأمن المائي، ووفرت تسعة مليارات متر مكعب من المياه من أصل استهلاك 17 مليار متر مكعب، لكنها دعمت مستثمرين في الخارج تشتري منهم شركة سالك للعام الثالث نحو 20 في المائة من احتياجات الدولة بنحو 700 ألف طن. بل أصبحت السعودية ثالث دولة عربية في إنتاج الغذاء بعد مصر والجزائر، فتمتلك أكبر مزرعة ألبان في العالم، ومزرعة روبيان، ومزارع واسعة من الزيتون والتمور، بل حققت نحو 125 في المائة من الاكتفاء الذاتي من التمور بنحو 1.5 مليون طن تصدر الفائض منه إلى نحو 107 دول حول العالم، ارتفع إنتاج الفواكه بنحو 194 في المائة خلال 6 سنوات، وتنتج نحو 1620 ألف طن من الخضروات باكتفاء نحو 60 في المائة، بل يصل الاكتفاء إلى 92 في المائة في إنتاج البطاطس، وتنتج نحو 900 ألف طن من الدجاج باكتفاء نحو 60 في المائة ارتفع من 40 في المائة وكذلك في البيض. ولم تتوقف المملكة عند هذا الحد بل خططها في السياسات الاقتصادية متعددة الاختيارات والمسارات والاتجاهات، وتركز على دعم المخزونات من المواد الأساسية والاستراتيجية وتنويع مصادر استيرادها.
مشاركة :