أمريكا قد تخسر الحرب الباردة ضد الصين وروسيا

  • 7/12/2022
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬جوزيف‭ ‬ستيجليتز‭ ‬{   يبدو‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬دخلت‭ ‬حربًا‭ ‬باردة‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭. ‬يبدو‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تصوير‭ ‬قادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للمواجهة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صراع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والاستبداد‭ ‬قد‭ ‬فشل‭ ‬أيضا‭. ‬يظهر‭ ‬هذا‭ ‬النفاق‭ ‬الممزوج‭ ‬بالازدواجية‭ ‬أن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بزعامة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬المحك‭ ‬وليست‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭.‬ لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تريد‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬قوة‭ ‬عظمى،‭ ‬أي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحددة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يلف‭ ‬مستقبل‭ ‬الأسس‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬بلاد‭ ‬العم‭ ‬سام،‭ ‬التي‭ ‬تآكلت‭ ‬مكانتها‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ على‭ ‬مدى‭ ‬عقدين‭ ‬وبعد‭ ‬سقوط‭ ‬الستار‭ ‬الحديدي،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬جاءت‭ ‬حروب‭ ‬مضللة‭ ‬كارثية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ثم‭ ‬حدث‭ ‬الانهيار‭ ‬المالي‭ ‬المريع‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬وتفاقم‭ ‬انعدام‭ ‬المساواة،‭ ‬واستشرى‭ ‬وباء‭ ‬المواد‭ ‬الأفيونية‭ ‬وظهرت‭ ‬أزمات‭ ‬أخرى‭ ‬بدا‭ ‬أنها‭ ‬تلقي‭ ‬بظلال‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬على‭ ‬تفوق‭ ‬النموذج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأمريكي‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أظهر‭ ‬انتخاب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬رئيسا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬الكابيتول‭ ‬الأمريكي‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬يناير‭ ‬2020،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الجماعية،‭ ‬وتنامي‭ ‬نفوذ‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬المصمم‭ ‬على‭ ‬قمع‭ ‬الناخبين،‭ ‬وصعود‭ ‬طقوس‭ ‬المؤامرة‭ ‬مثل‭ ‬QAnon،‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أدلة‭ ‬كافية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬السياسة‭ ‬والاجتماعية‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬عليلة‭.‬ بالطبع،‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬يُخلع‭ ‬عرشها،‭ ‬للتاريخ‭ ‬حكمه‭ ‬ومساره‭ ‬ومنطقه،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬عديد‭ ‬الارهاصات‭ ‬تجعلنا‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المحتم‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬تتفوق‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المؤشر‭ ‬الرسمي‭ ‬الذي‭ ‬يستخدمه‭ ‬المرء‭ - ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الصين‭ ‬أكبر‭ ‬أربع‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬أمريكا؛‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬ظل‭ ‬ينمو‭ ‬بمعدل‭ ‬أسرع‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬لسنوات‭ ‬عديدة‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لقد‭ ‬تجاوز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬بالفعل‭ ‬اقتصاد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭.‬ رغم‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬لإعلان‭ ‬نفسها‭ ‬كتهديد‭ ‬استراتيجي‭ ‬لأمريكا‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المؤشرات‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬باتت‭ ‬واضحة‭ ‬وجلية‭. ‬ففي‭ ‬واشنطن،‭ ‬هناك‭ ‬إجماع‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬استراتيجيًا،‭ ‬وأن‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فعله‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬هو‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬مساعدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭ ‬على‭ ‬النمو‭. ‬ وفقًا‭ ‬لوجهة‭ ‬النظر‭ ‬هذه،‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬وقائية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬انتهاك‭ ‬قواعد‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬صياغتها‭ ‬والترويج‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬ انفتحت‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الجديدة‭ ‬قبل‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تصرف‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬التهديد‭ ‬الحقيقي‭ ‬الطويل‭ ‬الأجل‭: ‬أي‭ ‬القوة‭ ‬الصينية‭ ‬الصاعدة‭ ‬بقوة‭.‬ بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬يقارب‭ ‬نفس‭ ‬حجم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإسباني،‭ ‬فإن‭ ‬شراكتها‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬حدود‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬اقتصادية‭ (‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استعدادها‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬عدائية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مفيدًا‭ ‬لجارتها‭ ‬الجنوبية‭ ‬الأكبر‭ ‬والأقوى‭ ‬اقتصاديا‭).‬ لكن‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬‮«‬حرب‮»‬‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تكسب‭ ‬بمفردها‭ ‬منافسة‭ ‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬جديدة‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أصدقاء‭ ‬وحلفاء،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬الحلفاء‭ ‬الطبيعيين‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هم‭ ‬أوروبا‭ ‬والديمقراطيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬الأخرى‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬ لكن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬فعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعه‭ ‬لعزل‭ ‬تلك‭ ‬البلدان،‭ ‬وقدم‭ ‬الجمهوريون‭ - ‬الذين‭ ‬مازالوا‭ ‬مدينين‭ ‬له‭ ‬بالكامل‭ - ‬سببًا‭ ‬وجيهًا‭ ‬للتساؤل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬شريكًا‭ ‬موثوقًا‭ ‬به‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تكسب‭ ‬قلوب‭ ‬وعقول‭ ‬مليارات‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬والأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ - ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أرقام‭ ‬إلى‭ ‬جانبها،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬لتأمين‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬الحيوية‭.‬ في‭ ‬سعيها‭ ‬لكسب‭ ‬ود‭ ‬العالم،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعويض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬فقدتها‭. ‬فتاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬البلدان‭ ‬والشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬لا‭ ‬يساعدها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬ولا‭ ‬عنصريتها‭ ‬الراسخة‭ ‬والمتجذرة‭ ‬ولا‭ ‬صلفها‭ - ‬وهي‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬للعزف‭ ‬على‭ ‬أوتارها‭. ‬ في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أسهم‭ ‬صانعو‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬للقاح‮»‬‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬حصلت‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬جرعات‭ ‬بينما‭ ‬تُرك‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة‭ ‬لمصيرهم‭. ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬جعل‭ ‬خصوم‭ ‬أمريكا‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬لقاحاتهم‭ ‬متاحة‭ ‬بسهولة‭ ‬للآخرين‭ ‬بسعر‭ ‬التكلفة‭ ‬أو‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬مع‭ ‬مساعدة‭ ‬البلدان‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مرافق‭ ‬إنتاج‭ ‬اللقاحات‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭.‬ تتسع‭ ‬فجوة‭ ‬المصداقية‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والذي‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متناسب‭ ‬على‭ ‬أولئك‭ ‬الموجودين‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬والذين‭ ‬لديهم‭ ‬أقل‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬الرئيسية‭ ‬أصبحت‭ ‬المصادر‭ ‬الرئيسية‭ ‬لانبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬اليوم،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الانبعاثات‭ ‬التراكمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬الأكبر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬ تواصل‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬إضافة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الملوثة‭ ‬للبيئة،‭ ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تفِ‭ ‬حتى‭ ‬بوعودها‭ ‬الضئيلة‭ ‬لمساعدة‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬آثار‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬فيها‭ ‬العالم‭ ‬الغني‭. ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تسهم‭ ‬البنوك‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬الديون‭ ‬التي‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬لامبالاة‭ ‬كاملة‭ ‬بالمعاناة‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عنها‭.‬ تتفوق‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬المحاضرات‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صحيح‭ ‬أخلاقياً‭ ‬ومعقول‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬لكن‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬عادة‭ -‬كما‭ ‬يوضح‭ ‬استمرار‭ ‬الإعانات‭ ‬الزراعية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية‭- ‬هي‭ ‬‮«‬افعل‭ ‬ما‭ ‬أقوله،‭ ‬وليس‭ ‬ما‭ ‬أفعله‮»‬‭.‬ بعد‭ ‬سنوات‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬أمريكا‭ ‬تحتفظ‭ ‬بأي‭ ‬مطالبة‭ ‬أخلاقية،‭ ‬ولا‭ ‬تتمتع‭ ‬بالمصداقية‭ ‬لتقديم‭ ‬المشورة‭. ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬أبدًا‭ ‬تبني‭ ‬الليبرالية‭ ‬الجديدة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬المتدفق‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تلقى‭ ‬الرواج‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬ في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تفوقت‭ ‬الصين‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬المحاضرات،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬البلدان‭ ‬الفقيرة‭ ‬ببنية‭ ‬تحتية‭ ‬صلبة‭. ‬نعم،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬مثقلة‭ ‬بالديون؛‭ ‬ولكن،‭ ‬نظرًا‭ ‬لسلوك‭ ‬البنوك‭ ‬الغربية‭ ‬الخاصة‭ ‬بصفتها‭ ‬دائنة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬النامي،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭.‬ يمكنني‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النقطة‭ ‬واضحة‭: ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ستشرع‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬جديدة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يتطلبه‭ ‬الفوز‭ ‬وتحقيق‭ ‬الانتصار‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواجهات‭. ‬فالانتصار‭ ‬يتحقق‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬الباردة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بقوة‭ ‬الجذب‭ ‬والإقناع‭ ‬الناعمة‭. ‬وللوصول‭ ‬إلى‭ ‬القمة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقنع‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬بشراء‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬منتجاتنا،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬نسوق‭ ‬له‭ ‬ونبيعه‭.‬ قد‭ ‬تعرف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كيفية‭ ‬صنع‭ ‬أفضل‭ ‬القاذفات‭ ‬وأنظمة‭ ‬الصواريخ‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬وحده‭ ‬لن‭ ‬يساعدها‭. ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬مساعدة‭ ‬ملموسة‭ ‬للبلدان‭ ‬النامية‭ ‬والأسواق‭ ‬الناشئة،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بـجائحة‭ ‬كوفيد‭-‬19‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬اللقاحات‭ ‬والعلاجات‭ ‬بأنفسهم‭.‬ وبنفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الأهمية،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬أنظمتنا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬موضع‭ ‬حسد‭ ‬العالم‭. ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬يبدأ‭ ‬ذلك‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬السلاح،‭ ‬وتحسين‭ ‬اللوائح‭ ‬البيئية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬والعنصرية،‭ ‬وحماية‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنجابية‭ ‬للمرأة‭. ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نثبت‭ ‬استحقاقنا‭ ‬للقيادة،‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتوقع‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭ ‬أن‭ ‬يسيروا‭ ‬في‭ ‬ركابنا‭ ‬ويؤيدونا‭.‬ {‭ ‬الكاتب‭ ‬أكاديمي‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬الأمريكية‭ ‬العريقة‭ ‬وفائز‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد   كومونز

مشاركة :