النبش في تصفية أسرى حرب 1967 يوتر العلاقة بين مصر وإسرائيل

  • 7/12/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أحدث تقرير إعلامي إسرائيلي عن تصفية جنود مصريين أثناء حرب يونيو عام 1967 ضجيجا داخل مصر وإسرائيل، وخرق الهدوء السياسي المعتاد بين البلدين، حيث أضحى الجيش الإسرائيلي متهمًا بحرق ودفن جنود مصريين في مقابر جماعية بمدينة القدس، وهو ما قابلته الخارجية المصرية برد دبلوماسي استدعى تدخّل رئيس الوزراء يائير لابيد تدخلا سريعًا. وتلقّى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مكالمة هاتفية مساء الأحد من لابيد تضمنت التوافق حول إجراء تحقيق “شفاف وكامل”. وجاء الاتصال عقب إعلان الخارجية المصرية تكليف سفارتها في تل أبيب بالتواصل مع السلطات الإسرائيلية لتقصي حقيقة ما تم تداوله إعلاميّا بشأن التخلص من بعض الجنود المصريين، والمطالبة بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية هذه المعلومات وإفادة القاهرة بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة. وقال رئيس جهاز الاستطلاعات الأسبق في الجيش المصري اللواء نصر سالم لـ”العرب” إن “القاهرة تنتظر التأكد من حدوث الواقعة من عدمه، لأن هناك العديد من الجنود المفقودين في المواجهات الطويلة بين الجانبين”. وأضاف أن إثارة الموضوع بشكل مكثف في الإعلام الإسرائيلي يوحي بأبعاد سياسية لأن الواقع الراهن يتحدث عن مساع إسرائيلية للمزيد من تحسين العلاقات مع مصر. ولفت إلى أن الجانبين لديهما ما يكفي من التعاون على مستوى تبادل جثامين الجنود خلال الحروب السابقة، ومثل هذه الوقائع دائما تحظى بتوافق سياسي كبير، وتترك المهمة للجهات العسكرية والاستخباراتية لتسويتها بالطريقة المناسبة. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الجمعة إن القوات الإسرائيلية قامت بدفن أكثر من 20 جثمانا لعناصر من قوة كوماندوز مصرية دخلت كقوة مساندة للقوات الأردنية في حرب 1967، وبات موقع الدفن اليوم ساحة لركن السيارات في متنزه داخل مستوطنة “ميني إزرائيل” في منطقة اللطرون. وأشار زئيف بلوخ، وهو جندي إسرائيلي سابق كان خلال الحرب مسؤولاً عن هذه المنطقة، إلى أن “جثامين نحو 20 جندياً من الكوماندوز المصري، وربما عشرات الجثامين لجنود مصريين آخرين، دفنت في هذا الموقع، ولا أحد يعلم بذلك”. وأثار الكشف عن الواقعة بعد أيام قليلة من تولي يائير لابيد مهام منصبه، وقبيل الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل والسعودية، العديد من التساؤلات عن أبعاد هذه الواقعة والنتائج التي يمكن أن تترتب عليها حال حدوث خلاف بشأن التحقيقات. Thumbnail Thumbnail وأوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية طارق فهمي لـ”العرب” أن “توقيت الإعلان عن الواقعة يشير إلى كونها لعبة حزبية، وأن ثمة وقائع مشابهة جرى الإعلان عنها في السابق عبر شهادات قادة الحرب ومذكرات وتصريحات رسمية، لكن هذه المرة الأمر يختلف، حيث جاء عن طريق أحد الصحافيين الذين لهم صلات قوية بجهاز الرقابة العسكرية، وهو وحدة تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)”. وأعلن الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان في سلسلة من التغريدات على حسابه بموقع تويتر تفاصيل أكثر عن المذبحة، قائلا “الجنود أحرقوا أحياء ودفنوا في مقبرة جماعية دون علامات قرب القدس وبلا تحديد للهوية بشكل مخالف لقوانين الحرب”. وكان الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وقّع قبل أيام من نشوب حرب يونيو اتفاقية دفاع مشترك مع العاهل الأردني الملك حسين الذي كان يسيطر على الضفة الغربية. وبحسب ميلمان قامت مصر بنشر كتيبتين من الكوماندوز في الضفة مهمتهما الهجوم على العمق الإسرائيلي والسيطرة على المطارات العسكرية القريبة، وأطلق إسرائيليون قذائف هاون وأضرموا النيران في الأحراش البرية التي كان يتحصن بها الجنود المصريون. 20 جثمانا لعناصر كوماندوز مصرية دخلوا كقوة مساندة للقوات الأردنية في حرب 1967 وتابع “عندما استمرت المعركة صدر أمر بإطلاق قذيفة هاون عيار 52 ملم على القوة المصرية التي تحصنت بالمنطقة وقتل عناصرها، ولم تكن لديهم فرصة للهروب، ثم تقرر إشعال النيران في كامل المنطقة وانتشر الحريق بشكل سريع في الأحراش، ولم تكن للجنود المصريين فرصة للنجاة”. وقال طارق فهمي لـ”العرب” إن “الإفصاح عن الواقعة الآن يشي بوجود طرف يسعى لتوتير العلاقات بين القاهرة وتل أبيب من خلال دفع أحد الصحافيين إلى الحديث عنها باستفاضة، ما يعني أن مصر ربما تكون ورقة رابحة للقوى الحزبية الإسرائيلية في الفترة المقبلة وإلى حين إجراء انتخابات الكنيست في نوفمبر”. وذكر أن “الكشف عن الجريمة الإسرائيلية يستهدف أيضا التشويش على أي موقف مصري إيجابي حيال زيارة محتملة قد يقوم بها لابيد إلى القاهرة في ظل مساعي قوى يمينية للوقوف حائلاً أمام زيادة حجمه السياسي، وهو ما ترجمته في المقابل الاستجابة الإسرائيلية السريعة للمطالب المصرية التي تدعو إلى إجراء تحقيق بشأن المذبحة التاريخية”. واستفز الحديث عن مذبحة الجنود الرأي العام المصري، حيث تزامن مع مناسبة دينية (عشية عيد الأضحى)، وهو ما يعمق التكهنات التي تفيد بوجود محاولات لإثارة المزيد من الضغوط على القاهرة التي زاد تعاونها مع إسرائيل في الفترة الماضية. وقلّل خبراء عسكريون في القاهرة من إمكانية التأثير سلبا على العلاقة بين البلدين، معتبرين أن التعامل مع المعلومات المنشورة في وسائل إعلام عديدة محل مراقبة من قوى إسرائيلية تستعد لخوض الانتخابات للمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات. وفقد الائتلاف الحكومي المؤلف من ثمانية أحزاب، وجرى تشكيله العام الماضي برئاسة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الأغلبية في الكنيست، ما أدى إلى حله. وجاء لابيد، زعيم حزب “يش عتيد” (هناك مستقبل)، من تيار الوسط ليكون أول رئيس للوزراء في البلاد لا ينتمي إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة، منذ أكثر من عقدين.

مشاركة :