تواصل الجهات الغربية الفاعلة ضغوطها على الجيش السوداني من أجل تسليم السلطة للمدنيين والانسحاب من المشهد السياسي، حيث دعته إلى الالتزام بقرار الانسحاب من الحوار الرامي إلى معالجة الأزمة السياسية والفراغ الدستوري في البلاد. وفي الرابع من يوليو الجاري أعلن رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان عدم مشاركة القوات المسلحة في المفاوضات السياسية، بحجة إفساح المجال للقوى المدنية للتوافق حول تشكيل حكومة كفاءات، يعقبه حل مجلس السيادة وتشكيل آخر أعلى للقوات المسلحة يتولى مهام سيادية. وقال أعضاء الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك أوردته وزارة الخارجية الأميركية "إننا نلحظ، بعد مرور ثمانية أشهر على الاستيلاء العسكري على السلطة، إعلانَ رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان أن القوات العسكرية ستوقف مشاركتها في المحادثات السياسية. ونؤكّد عزم القوات العسكرية المعلن على الانسحاب من المشهد السياسي، إثر الاتفاق الذي جرى بين الأطراف المدنية لتشكيل حكومة انتقالية". وأضاف البيان "يجب أن تلتزم القوات العسكرية والأمنية بهذا الالتزام. كما يجب عليها إيقاف العنف ضدّ المدنيين بشكل نهائي ومحاسبة المسؤولين عن أعمال القتل غير المشروع وغيرها من انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان". وحثت دول الترويكا والاتحاد الأوروبي جميع الفاعلين السياسيين في السودان على الانخراط في حوار يشمل الجميع، لتشكيل حكومة مدنية وتحديد آليات اختيار رئيس الوزراء وتحديد موعد الانتخابات والاتفاق على آلية لتسوية الخلافات مستقبلا. وشددت على ضرورة أن تكون الحكومة القادمة مدنية وأن تحظى بقاعدة عريضة من المؤيدين في البلاد، مؤكدة ضرورة تحديد الدور الذي سيلعبه الجيش في الفترة المقبلة. وأشارت في بيانها المشترك إلى أنه "لا يمكن للجيش أن يحدّد مثل هذه الأمور من جانب واحد، بل يتطلّب ذلك حوارا وشفافية لتجنب النزاعات المستقبلية". وأشاد بيان الترويكا وبروكسل بالدور الذي تلعبه الآلية الثلاثية في تسيير الحوار السوداني - السوداني لحل الأزمة السياسية الراهنة، كما أشاد بتمسك الشعب السوداني بالديمقراطية، مثمنا التضحيات التي قدمها والأرواح التي أزهقت في سبيل الوصول إلى الدولة المدنية. ووصف القيادي في الحرية والتغيير "التوافق الوطني" مبارك أردول بيان الترويكا بأنه متزن ويؤسس لمرحلة جديدة. وأضاف في تدوينة على فيسبوك "يمكن البناء على هذا البيان والعمل بجانب الشركاء الدوليين من أجل انتقال ديمقراطي سلمي وحوار شفاف يشمل الجميع، لتكوين حكومة انتقالية مدنية ذات قاعدة عريضة ومن جميع أنحاء البلاد، تدير الانتقال وتحضر لانتخابات حرة ونزيهة وتحظى بتأييد داخلي وخارجي". وتابع "نحن على ثقة بأن الأمور سوف تكون على ما يرام". وكان حزب الأمة القومي قد انطلق قبل يومين في حوارات موسعة مع مختلف القوى السياسية الداخلية لتوحيد جميع الكيانات والأحزاب، بما فيها لجان المقاومة، في مركز ثوري موحد لإنهاء انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. وتأتي دعوات الترويكا والاتحاد الأوروبي في تعهدات لآلية الثلاثية باستئناف الحوار عقب عطلة عيد الأضحى، لتجميع شمل ما بقي من قوى سياسية إثر انسحاب العسكريين والجبهة الثورية من الحوار. وعقّد انقلاب البرهان على الوثيقة الدستورية وشريكه المدني الحرية والتغيير المشهد السياسي في السودان، وفجّر مظاهرات انطلقت منذ صبيحة الانقلاب ولم تتوقف حتى اليوم، في وقت يطالب فيه المحتجون بإسقاط الحكم العسكري وعودة الحكم المدني الديمقراطي.
مشاركة :