قفز معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً وصولاً إلى 9.1% في يونيو بعد ارتفاعه إلى 8.6% في مايو، وذلك بالمقارنة مع التقديرات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 8.8%. وعلى أساس شهري، قفزت الأسعار بنسبة 1.3% في يونيو بعد ارتفاعها بنسبة 1% في مايو. وباستبعاد العناصر المتقلبة، ارتفع مؤشر التضخم الأساسي بنسبة 5.9% على أساس سنوي وبنسبة 0.7% على أساس شهري. وعلى الرغم من أن ارتفاع الأسعار كان «واسع النطاق» وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل، إلا أن نمو مؤشر الطاقة وبنسبة 7.5% ساهم بنحو نصف قيمة هذا الارتفاع الذي شهده معدل التضخم الأساسي. وفي وقت لاحق من يوم الجمعة، فاجأت مبيعات التجزئة الأمريكية الأسواق وكشفت القراءة عن نمو بنسبة 1% لكل من مبيعات التجزئة الأساسية والكلية على أساس شهري. واشترى المستهلكون سيارات ومجموعة من السلع المختلفة حتى مع ارتفاع أسعار البنزين. وتجاوزت تلك الأرقام إجماع الآراء وقد تكون مؤشراً على مرونة القوة الشرائية مما قد يسهم في حدوث تضخم لا يمكن وصفه بأنه مؤقت. وتدعم تلك البيانات التوقعات التي تشير إلى قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرة أخرى بمعدلات غير مسبوقة تاريخياً في وقت لاحق من الشهر الحالي. وحالياً، يسعر السوق إمكانية رفع سعر الفائدة بنسبة 1% خلال الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بنسبة 18% ورفعها بمقدار 75 نقطة أساس في الاجتماع التالي المقرر انعقاده في سبتمبر بنسبة 100%. وإذا نظرنا إلى التوقعات حتى نهاية العام، فإن سعر الفائدة الضمني يصل حالياً إلى 3.5%، مما يعني توقع السوق زيادة معدل الفائدة بنسبة 2% مقارنة بالنطاق الحالي البالغ 1.50% -1.75.% وأدت امكانية حدوث مزيد من التشديد العنيف للسياسات النقدية في هذه المراحل الأولية إلى رفع منحنى العائد عند طرفه الأقصر أجلاً للسندات الأمريكية على الرغم من أن العوائد طويلة الأجل ظلت مستقرة، ما أدى إلى تعميق انعكاس منحنى العائد. وتعكس حركة رفع سعر الفائدة تزايد المخاوف من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سوف يقضي على الانتعاش الأمريكي من خلال الاستجابة بوتيرة أكثر شدة لكبح جماح التضخم المتزايد مما يثقل كاهل العائدات على المدى الطويل. ويبدو أنه سيكون من الصعب للغاية على الاحتياطي الفيدرالي تحقيق ما يعرف باسم الهبوط الناعم بعد صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين الأخير. من جهة أخرى، فقدت الأسهم زخمها بعد تراجعها الأسبوع السابق. وتراجعت المؤشرات الأمريكية الرئيسية بأكثر من 2% خلال الأسبوع الماضي قبل ان تتقدم بعد ظهور بيانات التجزئة يوم الجمعة. وتجددت مخاوف الركود الاقتصادي والتضخم الحاد وانقلاب منحنى العائد مما ألقى بظلال من الشك على التقييمات وسط تسجيل البنوك الأمريكية الكبرى لأرباح أقل من المتوقع. وأعرب كبار المسؤولين التنفيذيين في أكبر البنوك على مستوى العالم عن مخاوفهم من تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية. أسهمت بيانات التضخم المشتعلة والتوقعات برفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة في تعزيز الدولار وأرسلت العملة الأمريكية إلى مستوى 109.294 يوم الخميس الماضي. كما ارتفع مؤشر الدولار الأسبوع الماضي بأكثر من 2% مما دفع بالمؤشر إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 2002. وبمقارنة أداء الدولار منذ بداية العام فقد ارتفع بنسبة 13.64% مقابل سلة من العملات الرئيسية المنافسة. وقد أدى ذلك إلى وصول الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته أمام الين الياباني منذ بداية العام بوصوله إلى 139.39، وسيؤدي هذا الارتفاع في قيمة العملة إلى الإضرار بصادرات البلاد وإعطاء ميزة سعرية للسلع المستوردة. ما تزال منطقة اليورو تعمل على تعديل وإدارة الصدمة التي يتعرض لها النظام بسبب الحرب الروسية المستمرة مع أوكرانيا. وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم ومحاولات البنك المركزي الأوروبي المستميتة للحد من هذا التضخم، قدم رئيس الوزراء ماريو دراجي استقالته إلى الرئيس الإيطالي، الذي قام بدوره برفضها. وبعد محادثات مع العديد من قادة الأحزاب بعد صدور نتائج التصويت، أوضح دراجي في بيانه بأن تصويت حركة النجوم الخمس كان «هاماً للغاية من وجهة نظر سياسية»، وأن «تحالف الوحدة الوطنية الذي دعم هذه الحكومة لم يعد موجوداً» وأن «الشروط» لم تعد متوفرة لاستمراري». وإلى جانب العديد من العوامل الأخرى التي عصفت بالاقتصاد العالمي، تراجعت العملة الموحدة إلى ما دون مستوى دولار واحد ووصلت إلى أدنى مستوياتها عند 0.9950. فاجأ بنك كندا الأسواق بعد رفع أسعار الفائدة بنقطة مئوية كاملة لتصل إلى 2.5%، مسجلاً أكبر زيادة للبنك المركزي منذ عام 1998. ويوضح القرار مدى قلق المسؤولين تجاه ارتفاع معدلات التضخم. وقال المسؤولون في بيان السياسة: «مع زيادة الطلب بشكل واضح على الاقتصاد، وارتفاع معدلات التضخم واتساع نطاقه، وتوقع المزيد من الشركات والمستهلكين استمرار ارتفاع معدلات التضخم لفترة أطول، قرر المجلس أن يمهد الطريق أمام رفع أسعار الفائدة». تباطأت وتيرة نمو الاقتصاد الصيني بشكل حاد في الربع الثاني من العام، مما يسلط الضوء على الخسائر الكبيرة التي انعكست على أنشطة الاعمال جراء تدابير الإغلاق واسعة النطاق لاحتواء تفشي فيروس كورونا، ويشير إلى الضغوط المستمرة على مدى الأشهر المقبلة نتيجة للتوقعات العالمية القاتمة. وكشفت بيانات رسمية يوم الجمعة عن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع من أبريل إلى يونيو بنسبة 0.4% عن مستويات العام السابق. ويعتبر ذلك أسوأ أداء لثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم منذ أن بدأ اصدار سلسلة البيانات في عام 1992، باستثناء تسجيل انكماش بنسبة 6.9% في الربع الأول من عام 2020 بسبب الصدمة الأولية الناجمة عن بداية ظهور جائحة كوفيد-19. تراجعت أسعار النفط إلى ما دون مستوى 100 دولار للبرميل حيث أصبحت تقديرات العرض والطلب بلا معنى في ظل التوترات التي شهدتها الصادرات الروسية حيث يضخ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المزيد من النفط بينما يبدو أن الظروف الاقتصادية العالمية تزداد سوءاً في ظل محاولة البنوك المركزية مكافحة اشتعال معدلات التضخم.
مشاركة :