توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري في ظل المخاوف من التباطؤ والركود الاقتصادي وتأثيرات ذلك الواسعة في الطلب بينما في المقابل تتلقى الأسعار دعما من شح الإمدادات النفطية وصعوبات زيادة الإنتاج في تحالف دول "أوبك +" وخارجها. وأوضح محللون لـ "الاقتصادية" أن العقود الآجلة للنفط أغلقت تعاملات الأسبوع الماضي على ارتفاع نسبي وسط التفاؤل الاقتصادي الأمريكي ومخاطر الإمدادات العالمية حيث تراجعت المخاوف من الركود بعد جولة جديدة من البيانات الأمريكية رسمت صورة لا تزال قوية للاقتصاد. وذكروا أن ارتفاع أسعار النفط الخام حدث في أعقاب تقرير مبيعات التجزئة الذي جدد الثقة في مدى قوة الاقتصاد الأمريكي بينما تراجعت سوق النفط في وقت سابق من الأسبوع الماضي بسبب مخاوف من تدمير الطلب. وأشاروا إلى أنه لأول مرة منذ عقدين حقق اليورو التكافؤ مع الدولار الأمريكي حيث أدى الانهيار الواسع لليورو إلى إضعافه بنسبة 12 في المائة تقريبا منذ بداية العام مقابل الدولار، ما يجعل اليورو يسجل أسوأ الأعوام في تاريخه الممتد 23 عاما، موضحين أن حرب روسيا على أوكرانيا أدت إلى تفاقم أكبر أزمة طاقة عالمية في العصر الحديث. وعدوا أن إغلاق تدفق الغاز عبر خط أنابيب نوردستريم 1 الروسي لمدة عشرة أيام للصيانة وأدى إلى قطع تدفق الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى تسبب في إضعاف اليورو مقابل الدولار وهناك مخاوف من أنه إذا قررت موسكو تمديد الإغلاق سيتم تقنين الوقود وفرض مزيد من الضغط على اليورو مشيرين إلى توقعات صادرة عن بنك جي بي مورجان ترجح أن التوقف الكامل لتدفقات الغاز الروسي إلى ألمانيا قد يؤدي إلى انهيار اليورو إلى 0.90 دولار. وفي هذا الإطار يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أيه" لخدمات الطاقة إن التقلبات مستمرة بسبب غياب اليقين في السوق لكن ظهور بعض المؤشرات الإيجابية أدى بالفعل إلى تحسين المعنويات في السوق بشكل لافت في ختام الأسبوع الماضي حيث أظهرت بيانات وزارة التجارة أن مبيعات التجزئة الأمريكية ارتفعت بنسبة 1 في المائة في حزيران (يونيو) الماضي متجاوزة توقعات السوق وهو ما أسهم في تهدئة المخاوف من ركود وشيك الذي أثر بشدة في النفط الخام في التعاملات الأخيرة. ولفت إلى أن من المتوقع خلال الأسبوع الجاري أن تتراجع كثيرا تداعيات وتأثيرات مخاوف الركود التي أثقلت كاهل الأسعار في الأيام الماضية ويحل محلها تحرك أسعار النفط الخام صعوديا وسط تركيز على الإمدادات العالمية المحدودة لافتا إلى بيانات صادرة عن شركة "تي دي سيكيوريتيز" تشير إلى استمرار تشديد الأسواق رغم التراجعات السعرية السابقة. ويرى دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن مخاطر إمدادات الطاقة مستمرة في الارتفاع وسط صعوبات يواجهها المنتجون في زيادة المعروض النفطي وهو سيترجم إلى عودة المكاسب السعرية القوية إلى سوق النفط الخام. ونوه إلى قول مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن الولايات المتحدة لا تتوقع تأمين أي التزامات جديدة تتعلق بإمدادات النفط الخام لافتا إلى أن الأسواق تترقب الخطوات المقبلة التي سيقدم عليها وزراء "أوبك +" في الأسابيع المقبلة خاصة الاجتماع المرتقب في 3 أغسطس المقبل لتحديد مستويات الإنتاج في سبتمبر. ويشير باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إلى حالة عدم اليقين التي هيمنت على سوق النفط خلال الأسبوع مع تصاعد حالة المخاوف من الركود التي تمت مواجهتها بالضيق المادي ومخاطر العرض المتزايدة. ولفت إلى أن تقلبات الأسعار أصبح لها تأثير واسع وبشكل متزايد في معنويات السوق لكن بمجرد أن اختار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفعا متواضعا بمقدار 75 نقطة أساس ارتد برنت نحو الارتفاع إلى 102 دولار للبرميل بعد أن هبط في تعاملات سابقة إلى مستوى أقل من 100 دولار للبرميل. وبدورها تقول إرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية إن سوق النفط الخام تحت ضغوط قوية متضادة ومتكافئة في الوقت نفسه، ما يرجح معه استمرار تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الجاري مشيرة إلى أن عمليات البيع المكثفة الأخيرة لصناديق التحوط تعكس حالة الضبابية بشأن محركات الأسعار في الفترة المقبلة مؤكدة أن المخاوف من الركود الاقتصادي قوية مثل الشعور بالضيق المادي الفوري في المعروض النفطي العالمي. وعدت أن وصل اليورو لفترة وجيزة إلى مستوى التكافؤ مع الدولار الأمريكي هو حدث لم يحدث منذ أكثر من 20 عاما، ويتوقع كثيرون مزيدا من التراجع لليورو حيث قد يؤدي مزيد من الاضطرابات في إمدادات الغاز الطبيعي في القارة الأوروبية إلى انخفاض اليورو إلى ما يعادل 0.90 دولار منوهة إلى رصد السوق لحالة بدء تكاليف الطاقة المتصاعدة بالفعل في إلحاق خسائر فادحة بالاقتصادات الأوروبية. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي ارتفعت أسعار النفط خلال تداولات الجمعة وسط انخفاض الدولار لكن الخام تكبد خسائر أسبوعية في ظل المخاوف بشأن ركود الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك في الطلب. هذا وكشفت بيانات حكومية صادرة الجمعة عن أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني سجل نموا في الربع السنوي الثاني بنسبة 0.4 في المائة، مقارنة بتوقعات تحقيق نمو نسبته 1.2 في المائة، بعد قراءة النمو السابقة المقدرة بنسبة 4.8 في المائة. وأعلنت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية زيادة عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة بحفارين اثنين إلى 599 حفارا هذا الأسبوع. إلى ذلك، انخفض مؤشر الدولار بحلول الساعة 19:58 بتوقيت جرينتش بنسبة 0.5 في المائة، إلى 108.02 نقطة، وسجل أعلى مستوى عند 108.7 نقطة وأقل مستوى عند 107.9 نقطة. وفي نهاية الجلسة ارتفعت العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأمريكي تسليم أغسطس بنسبة 1.9 في المائة، أو ما يعادل 1.81 دولار وأغلقت عند 97.59 دولار للبرميل، وسجلت خسائر أسبوعية بنسبة 6.9 في المائة. وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" تسليم سبتمبر بنسبة 2.1 في المائة، أو بنحو 2.06 دولار إلى 101.16 دولار للبرميل، لكنه سجل خسارة أسبوعية بنسبة 5.5 في المائة.
مشاركة :