مع اقتراب الدخول في التوقيت الدستوري لانتخاب رئيس جديد للبنان، اعتباراً من أوّل سبتمبر المقبل، لا يزال تأليف الحكومة الجديدة يراوح مكانه في الوقت الضائع، فيما معظم الأوساط الرسميّة والسياسيّة، باتت تستبعد إمكانات تجاوز التعقيدات والشروط التي حالت حتى الآن دون عمليّة التأليف. ومن بوّابة الانتظار والترقّب، تردّد أنّ لبنان تلقّى معلومات تشدّد على أن يبادر قادته إلى تنظيم واقعهم السياسي بحكومة تمسك بالأزمة القائمة فيه، وإلا فإنّ فشل الاستحقاق الحكومي سيجرّ فشلاً في إتمام الاستحقاقات الأخرى، ما يُسقطه في مزيد من الصعوبات. ومع تنامي الاهتمامات الداخليّة والخارجيّة بالاستحقاق الرئاسي، الذي بات أولويّة، وخفّف التركيز على الملفّ الحكومي، وبعد نحو أسبوعيْن من الجمود الذي أصاب التحرّكات المتصلة بالملفّ الحكومي، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ الأسبوع الجاري سيشكّل واقعياً اختباراً حسّاساً وجديّاً للغاية، وربّما فرصة نهائيّة لإعادة تعويم الجهود، من أجل تأليف حكومة جديدة، وذلك من دون أوهام كبيرة في إمكانات نجاح هذه الفرصة، مع ما يعنيه الأمر من رصْد مسار الاتصالات التي يُفترض أن تتحرّك على خطّ الرئاستيْن الأولى والثالثة، لكسْر القطيعة غير المعلنة بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلّف نجيب ميقاتي، على خلفيّة الإشكال البروتوكولي المتعلّق بمن يبادر أولاً، فإمّا تحريك المشاورات بينهما لعقد اللقاء الثالث بينهما، سعياً للتوصّل إلى توافق على التشكيلة الحكومية العتيدة، وإمّا استمرار حكومة تصريف الأعمال الحالية حتى نهاية العهد الحالي في 31 أكتوبر المقبل.. فهل يُحلّ الإشكال البروتوكولي بطريقة أو بأخرى، أم يستغلّه الطرفان لتأخير اللقاء المنتظر، طالما أن لا جديد عندهما يقدّمانه للّبنانيين، غير الصورة التي تجمعهما؟. وجهتا نظر أمّا وجهات النظر، في هذا السياق، فتُختصر باثنتيْن: الأولى تقول إنّ لا تأثير للخارج على الانتخابات الرئاسيّة، فيما الثانية تعتبر أنّ الانتخابات الرئاسيّة، هي مزيج بين الداخل والخارج، فلا هي «صُنِع في لبنان» حصراً، ولا هي قرار محض خارجي يشكّل مجلس النواب أداتها التنفيذيّة، إنّما تزاوج بين ميزان القوى الداخلي، وبين موازين القوى الخارجيّة، حيث إنّ انتخاب كلّ رئيس، هو نتاج اللحظة الداخليّة والخارجيّة. وما بين حدَّي هاتيْن الوجهتيّن، فإنّ ثمّة إجماعاً على أنّ قراءة ما بين سطور المواقف والبيانات الدوليّة، تفيد بأن لا انتخاب لرئيس يكون مناصراً لـ «الدويلة»، وللسلاح غير الشرعي، ولا من داعميه. وبمعنى أوضح، فإنّ المجتمع الدولي يمنح لبنان من جديد فترة سماح، ويريد منه اليوم إدخال الرئيس «المناسب» إلى القصر الجمهوري، على أن ينصرف الأخير بعد ذلك إلى قيادة عمليّة الإصلاح والإشراف عليها. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :