قال محللون إنه من المرجح ألا تشهد أول جولة للرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط تهدف إلى حشد الدعم لمواجهة ما أسماه "التهديدات الإيرانية" تأثيرا كبيرا نظرا لجهود إيران المستمرة لتحسين العلاقات مع جيرانها ودول أخرى في المنطقة. واستعرضت مجموعة من وسائل الإعلام الإيرانية مؤخرا سجل السياسة الخارجية الإيرانية في ظل الإدارة الحالية التي وضعت دول المنطقة على رأس أولوياتها، ووجدت بعض النتائج المثمرة فيما يتعلق بإصلاح علاقات إيران المتوترة مع القوى الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية. - الغرب لم يعد أولوية منذ اليوم الأول لإدارته، يركز الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على تطوير العلاقات مع الجيران ودول المنطقة، أولا، ومع الدول الآسيوية والدول الأخرى تاليا. وكتبت وكالة أنباء ((تسنيم)) شبه الرسمية في تحليل حديث حول نهج رئيسي أنه "كما أكد الخبراء على نطاق واسع، فإن جيران إيران يقدمون قدرات كبيرة للتبادلات في قطاعات الاقتصاد والطاقة والنقل والتجارة". فيما ذكر موقع ((خبر أونلاين)) الإخباري في مقال رأي حول أداء إدارة رئيسي خلال 11 شهرا أن الإستراتيجية الأكثر أهمية التي اتبعها رئيسي هي تجاوز العرف "غير المكتوب" المتمثل في قصر السياسة الخارجية الإيرانية على التعاملات مع الغرب. وبدلا من ذلك، "اتخذ هو وفريقه باستمرار خطوات كبيرة نحو فتح فصول جديدة في العلاقات الثنائية مع الجيران ودول المنطقة وإزالة سوء الفهم"، كما أورد الموقع. وبيّن أن إدارة رئيسي تمكنت من تمهيد الأرضية لإيران للحصول على العضوية الكاملة في منظمة شانغهاي للتعاون، في محاولة للتنعم بالفرص الوفيرة التي يمكن أن توفرها المجموعة العابرة للحدود. - تحييد العقوبات وقالت وكالة ((تسنيم)) إن إدارة رئيسي حققت "إنجازات متنوعة" في مجال الدبلوماسية، مثل زيادة المعاملات مع طاجيكستان بنسبة 400 في المائة، وتوسيع العلاقات الإستراتيجية مع روسيا، والتعبير عن استعدادها للتعاون مع مجموعة بريكس وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية. وأفادت وكالة أنباء ((فارس)) شبه الرسمية في مقال نشر مؤخرا أن رئيسي سعى إلى تقليل آثار العقوبات الغربية المكثفة التي تقودها الولايات المتحدة على بلاده من خلال "الدبلوماسية الديناميكية" ومن خلال تبني سياسة "النظر إلى الشرق"، من بين جهود أخرى. وكانت إيران هدفا للإجراءات القسرية الأمريكية على مدى العقود الأربعة الماضية، خاصة منذ مايو 2018 عندما سحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب واشنطن بشكل أحادي من الاتفاق النووي لعام 2015 وكثف فرض العقوبات على إيران. ومع ذلك، فإن ارتفاع واردات اللقاحات ومبيعات النفط، ودور إيران الأكثر نشاطا وتأثيرا في المنطقة، وزيادة تفاعلاتها مع بقية العالم، كلها أدلة على النتائج الإيجابية لنهج طهران ضد مثل هذه العقوبات، وفقا لمقال وكالة ((فارس)). وقال موقع ((خبر أونلاين)) إنه تماشيا مع سياستها الرامية إلى تعزيز العلاقات مع الجيران ودول المنطقة، أحيت إدارة رئيسي علاقات إيران مع منظمة التعاون الاقتصادي، وهي منظمة حكومية سياسية واقتصادية آسيوية، وكان لها حضور بارز في قمة المنظمة الـ15 التي استضافتها تركمانستان في نوفمبر الماضي، حيث وقعت إيران وأذربيجان وتركمانستان صفقة تبادل للغاز ساعدت في حل نزاع الغاز الإيراني مع أذربيجان. وقال عباس مقتدي، نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ((إرنا)) إن نهج حسن الجوار الذي تتبعه إدارة رئيسي سيفتح إمكانات تعاون جديدة في الاقتصاد والتجارة والسياسة. - جهود تؤتي ثمارها وقال محللون إن علاقات إيران المتوترة مع بعض دول المنطقة سمحت للولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية بمساحة كافية للضغط على إيران من خلال العقوبات وسياسة العزل. ولكن في عهد رئيسي، تمكنت طهران من إحياء أو على الأقل بدأت في إصلاح بعض علاقاتها المتوترة، حسبما ذكر ((خبر أونلاين)). وأفاد الموقع أن "أحد الإجراءات التي اتخذتها إدارة رئيسي هو بدء جولة جديدة من محادثات التطبيع التي توسط فيها العراق مع المملكة العربية السعودية"، حيث أن التوترات بين طهران والرياض في السنوات الأخيرة هي من بين أكثر المشاكل تحديا لحلها في المنطقة. وقالت صحيفة ((طهران تايمز)) إن إيران ودولا عربية أخرى شهدت أيضا زيارات متبادلة متكررة خلال الأشهر القليلة الماضية، مضيفة أن رئيسي سافر إلى العديد من البلدان، بما في ذلك عُمان وقطر، في محاولة لتعزيز أهداف السياسة الخارجية للبلاد. وقد أظهرت أصوات رسمية من دول ذات علاقات متوترة مع إيران، بما في ذلك تلك التي تعالت خلال جولة بايدن الأولى في الشرق الأوسط، أن الجهود الدبلوماسية لإدارة رئيسي تؤتي ثمارها تدريجيا. وقال أنور قرقاش، كبير المستشارين الدبلوماسيين لرئيس الإمارات، للصحفيين يوم الجمعة إن الإمارات تعمل على إرسال سفير إلى طهران لكسر جليد العلاقات. وأفاد "نحن منفتحون على التعاون، ولكن ليس التعاون الذي يستهدف أي دولة أخرى في المنطقة، وأنا أذكر إيران على وجه التحديد".■
مشاركة :