اختتمت بالأمس أعمال ملتقى «استشراف مستقبل الأوبئة المستقبلية والمخاطر البيولوجية» والذي نظمته الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث على مدار يومين، بمشاركة وحضور مجموعة من الخبراء والمختصين بمجال العلوم الوبائية والبيولوجية محلياً ودولياً. وشهدت أعمال الملتقى في اليوم الثاني عدداً من الجلسات النقاشية وورش العمل التي شارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات في الدولة لاستعراض خبراتهم وأفكارهم لعدد من المواضيع الهامة التي ركزت على التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي والإرهاب والأمن البيولوجي. حيث قدم أطرف شهاب، الرئيس التنفيذي لمختبر المئوية بمكتب التطوير الحكومي والمستقبل جلسة بعنوان «كيفية بناء السيناريوهات»، كما قدم سالم سالمين مدير الجلسة موجزاً عن الورشة وطريقة عملها، مستعرضاً مخرجات الجلسة الأولى والسيناريوهات التي تم تطويرها والحلول ومناقشتها. وقال سالم سالمين، من الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، إن تجربة دولة الإمارات في التعامل مع جائحة كوفيد-19 أصبحت مثالاً للدول الأخرى باعتبارها إحدى التجارب الرائدة في احتوائها ومواجهتها بأفضل الطرق، مما أكد على جاهزية الدولة ومؤسساتها والتعاون الوثيق بين مختلف الجهات لتحقيق أعلى درجات الاحترافية في التعامل مع الجائحة والحفاظ على صحة وسلامة وأمن الدولة. مشيراً إلى أن الدولة بتعاملها مع الجائحة أصبحت مثالاً للدول الأخرى، كما أصبح لدى الشعب ثقة في القيادة والجهات المؤسسية في الدولة. وأشار إلى أهمية استشراف المستقبل باتباع آليات ومنهجيات معينة، وذلك باستخدام الحكومات الاستشراف كمدخل رئيسي لتطوير الاستراتيجيات والسياسات وتطوير الجاهزية وتطوير القدرات، ووجود قراءة مستدامة للإشارات والمخاطر والتوجهات، وتسخير البيانات والذكاء الاصطناعي لتحسين جودة صنع القرار الحكومي وأهمية فهم البيئة الجيوستراتيجية لاستشراف المستقبل. لفت سالم سالمين، إلى أنه منذ 2008 شهد العالم تسارعاً غير مسبوق في عودة انتشار الأوبئة والجائحات، وفي السنوات العشر الأخيرة شهد العالم تسارعاً في انتشار الأوبئة بين الحيوانات والقوارض الناقلة للأمراض. كما شهد تغيرات متسارعة في البيئات المحلية والتنوع البيولوجي أدت إلى حدوث طفرات وتغيرات في ناقلات الأمراض الرئيسية. إلى جانب ذلك، شهد العالم منذ 2013 ثورة في علوم الهندسة البيولوجية وإمكانية الحصول على الأجهزة والمعلومات وتغذية صناعية بالمعلومات للقيام بأدوار بشرية في تطوير أو نقل بعض الأمراض للبيئات المستهدفة، وتزايداً في تهديد ومخاطر المنطقة الرمادية في عالم الأوبئة والأبحاث. الأمن الصحي وأكد على أن العالم ما بعد كوفيدـ19 لم يصبح كما هو عليه، وأنه يتطلب حتمية تطوير النظم في المجتمعات وخاصة النظام الصحي، تطوير منظومة متكاملة في الدول بصورة تشاركية على المستوى المحلي والعالمي لرفع مستوى المرونة.. بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون المجتمعات قادرة على التكيف مع كافة الظروف والتحديات المستقبلية فيما يتعلق بالأمن الصحي. مشيراً إلى أن عدم القدرة على قراءة المؤشرات يؤدي إلى ضعف التعامل مع التحديات والمخاطر والتهديدات المستقبلية. وذكر سالم سالمين خلال جلسته، استخدام علوم المسح بالجينوم في مواجهة التهديدات البيولوجية، وذلك لما لها من مساهمة في توقع غير المتوقع وعدم رفض غير المألوف، الاستعداد الشامل للمجتمعات وتوزيع القوى بصورة علمية للتخفيف من تداعيات الأمراض والأوبئة وبروز آلية تحويل المخاطر إلى فرص تم الاستفادة منها، كما حدث في جائحة كوفيدـ19، وأهمية القرارات المبنية على البيانات لما تنتجه من تحليلات. وتطرق خلال الجلسة لبعض المقترحات التي من شأنها أن تساهم في مواجهة الأوبئة والاستعداد لها، حيث يلعب وجود البنى التحتية المتكاملة دوراً هاماً للحد من انتشار تداعيات الأوبئة المستقبلية، أهمية تطوير مختبرات المستوى الرابع والاستثمار في الموارد الوطنية للاستدامة، تعزيز التعاون الوثيق بين المؤسسات الوطنية الإعلامية والمؤسسات الوقائية والمؤسسات البحثية، والتأهب الدائم للتعامل مع المتغيرات الدائمة في بيئة الأوبئة والجوائح. بالإضافة لأهمية الربط بين المختبرات الوطنية ومراكز البيانات الوطنية في نظام مشترك، ووجود مختبر أبحاث الأمراض الناشئة والغريبة، وجود النهج الصحي الموحد، الكشف المبكر لأنماط السلوك المجتمعية التي تزيد من التأثر بالأمراض والأوبئة، أهمية وجود تشريعات مرنة وبنى تحتية تساهم في تطبيق التثنيات الحديثة للكشف المبكر عن الأمراض ومنع انتشارها، أهمية جود مراكز وتطبيقات ذكية لنشر الوعي بين أفراد المجتمع وسلاسة تبادل المعلومات الوقائية. مراجعة وطنية قال حمد سيف الكعبي مدير إدارة حوادث الموارد الخطرة في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث: «من خلال فعاليات الملتقى الذي يعتبر جزءاً ومحوراً من محاور مراجعة وطنية كاملة، نحاول بشكل مشترك رسم صورة لما يحمله المستقبل من هذه الأزمات فيما يخص الأوبئة والاستفادة من الدروس التي نتعامل معها حالياً، وكذلك الدروس التاريخية». وأشار إلى أن المخاطر البيولوجية هي أخطار واسعة الانتشار وتعتبر بتبعاتها أكثر تعقيداً وأكثر غموضاً من المخاطر الأخرى التي تصيب المجتمعات، ولكن يمكن استشرافها. لافتاً أن المخاطر البيولوجية لا تستطيع مؤسسة أو دولة معينة بمفردها أن تقوم باستشرافها أو احتوائها بشكل منفرد، على سبيل المثال «التطعيمات والعلاجات»، لذلك هناك أهمية كبيرة واستراتيجية وحيوية لتكون مواجهة المخاطر بشكل مشترك، سواء كان على مستوى الدولة بمشاركة جميع الشركاء مثل القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، إضافة إلى الشركاء على المستوى الدولي. وأكد على أن جميع منتديات وملتقيات استشراف مستقبل الأوبئة والمخاطر البيولوجية تحاول وضع سيناريوهات للتعرف إلى الأوبئة أو الفيروسات المستقبلية وكيف ستكون أخطاراً أو أمراضاً، إن كانت بقصد أو من غير قصد. وذكر أنه خلال اليوم الثاني للملتقى تم التعرف على كيفية ما سيكون عليه العالم ووضع السيناريوهات والحلول المشتركة التي تخص الأمراض مستقبلاً، فهناك عدد من السيناريوهات التي سيتم طرحها، والتي تتحدث عن أمراض تقليدية وأوبئة مركبة وكذلك أوبئة ناشئة.
مشاركة :