إنها سيدة الشجر وقد ضربها الله سبحانه وتعالى مثلا لقول (لا إله إلا الله) قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَة أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تُؤَتي أُكُلَهَا كُلَّ حينٍ بِإِذْنِ رِبّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون) (إبراهيم24-25) فكما أن قول (لا إله إلا الله) سيد الكلام كذلك النخلة سيدة الشجر كما قال أبو حاتم السجستاني في كتاب النخل. وقال لقمان الحكيم لابنه: يا بني: ليكن أول شيء تكتسبه بعد الإيمان بالله خليلا (صديقا) صالحا، فإنما الخليل الصالح كمثل النخلة، إن قعدت في ظلها أظلتك، وإن احتطبت من حطبها نفعتك وإن أكلت من ثمارها وجدته طيبا. وعن الشعبي أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد: فإن رسلي أخبرتني أن قِبلكم (بكسر القاف وفتح الباء) شجرة تخرج مثل آذان الفيلة ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر كالزمرد الأخضر ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج (حلوى) أُكل، ثم تينع وتيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر، فإن تكن رسلي قد صدقتني فإنها من شجر الجنة. فكتب إليه عمر رضي الله عنه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن رسلك قد صدقتك وإنها الشجرة التي أنبتها الله جل وعز على مريم حين نفست بعيسى فاتقي الله ولا تتخذ عيسى إلاها من دون الله. (عن كتاب النخل لأبي حاتم السجستاني رحمه الله). والنخلة من الأشجار الطيبة والمباركة في السنة النبوية المطهرة والعلم الحديث، والمحببة إلى النفوس في البلاد العربية والإسلامية، فعندما تذكر النخلة يذكر الخير العميم، حتى قيل بيت بلا تمر بيت بلا طعام، وبلد بلا نخل بلد بلا خير وقد ورد (مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو) جزء من حديث رواه البخاري، ومن الهدي النبوي: (مثل المؤمن كمثل شجرة خضراء لا يتحات ورقها (أي لا يسقط)، وقال: (هي النخلة) جزء من حديث صحيح. وقد ورد في القرآن الكريم صفات النخلة قال تعالى: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) (ق 10-11). باسقات: طوالا. طلع: ثمره مادام في وعائه. نضيد: متراكم بعضه فوق بعض. قال تعالى: (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ). (الأنعام99). طلعها: أول ما يخرج من ثمر النخل في الكيزان. قنوان: عزوق وعراجين كالعناقيد تنشق عنها الكيزان. دانية: متدلية أو قريبة من المتناول. قال تعالى: (وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ). (الرحمن11). الأكمام: أوعية الثمر. قال تعالى: (وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ). (الشعراء 148). طلعها: ثمرها الذي يؤول إليه الطلع. هضيم: رطب نضيج أو متدل لكثرته. قال تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ). (الرعد 4). نخيل صنوان: نخلات يجمعها أصل واحد. وقال تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا). (مريم 25). رطبا جنيا: صالحا للاجتناء أو طريا. من الآيات السابقة نرى أن صفات النخل في القرآن الكريم: باسقات: يعني طوالا. طلعها نضيد: متراكم على بعضه. ثمارها دانية: متدلية أو قريبة من التداول. ذات أكمام: لها أوعية الثمر. صنوان وغير صنوان: أي نخلات يجمعها أصل واحد أو بجذع واحد. مختلفا أكله: فمنه الأخضر والأحمر والأصفر والأسود والبني والطري والجاف. نفضل بعضها على بعض في الأكل: فمنه شديد الحلاوة، ومتوسط الحلاوة، وقليل الحلاوة، والمر وكثير الألياف وقليل الألياف. رطبا جنيا: صالحا للاجتناء والجميع طريا. ويكفي النخل اهتمام القرآن الكريم به إلى هذه الدرجة من الوصف فهي فعلا شجرة طيبة. أنظر آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات، نظمي خليل أبو العطا موسى دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام (ط1) (ص149) (1996م). والنخلة من النباتات الزهرية مغطاة البذور من ذوات الفلقة الواحدة، وهي شجرة ثنائية المسكن (الذكر منفصل عن الأنثى) قد يصل طولها إلى 30 مترا ارتفاعا, يعلوها تاج من الأوراق الخضراء, مركبة من وريقات (الخوص) ريشية تحيط قواعد الأوراق بالساق، تخرج نوراتها (النورة مجموعة أزهار متجمعة) في أباط الأوراق على هيئة كوز أخضر مائل إلى البني من أطرافه، تحمل الكيزان بداخلها إغريض (عزق) مركب متفرع إلى عدة فروع، تحمل عليها أزهارا وحيدة الجنس (إما مذكرة أو مؤنثة), لونها في البداية أبيض قشدي وثمرة ذات بذرة واحدة (نواة) مستطيلة إهليلجيه الشكل لونها متغير من الأخضر الناصل (الغامق) إلى الأصفر الزاهي والأحمر القاني ومن البني المحمر إلى الأرجواني, وتحمل النخلة المؤنثة أكثر من عشرة آلاف زهرة، والمعلوم أن كل زهرة بعد تلقيحها وإخصابها تعطي ثمرة. يتكاثر النخيل بالتكاثر الجنسي البذري بواسطة النواة، ويعاب على هذه الطريقة أن النباتات الناتجة منها عادة لا تشابه النخلة الأم في الصفات الثمرية وحوالي (50%) منها على الأقل ذكور كما أن شتلات منها تتأخر كثيرا حتى تزهر ومعظم البلح والثمر الناتج منها من النوع الرديء ومع ذلك فهي تمثل المعين الجيني البري للنخيل. ويتكاثر النخيل بالتكاثر الخضري (بفتح الخاء والضاد)، والنخلة الناتجة من هذا النوع من التكاثر تتشابه تماما مع النخلة الأم. التكاثر بالأنسجة: وهي الطريقة العلمية الحديثة في التكاثر الخضري للنخيل وتتم في المختبرات العملية بزراعة النسيج (الجمار-السذب) الموجود في البرعم الطرفي للنخلة، وهي طريقة مأمونة الجوانب، سريعة الإنتاج من الناحية الكمية (العدد) والناحية الكيفية (الصفات الوراثية). (للتفصيل أنظر موضوع النخل في القرآن الكريم والعلم الحديث من كتابنا آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات (المرجع السابق). والحمد لله رب العالمين.
مشاركة :