تحالف حفتر - الدبيبة: تقارب للتموقع وليس لتوحيد المؤسسة العسكرية

  • 7/23/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل دخول عبدالرزاق الناظوري -قائد أركان قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر- إلى العاصمة طرابلس لأول مرة منذ 2014، واستقباله من قائد القوات الليبية التاسعة لحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد، خطوة رمزية يمكن البناء عليها مستقبلا، رغم تعالي الأصوات الداعية إلى اعتقاله ومحاكمته. واللقاء بين الناظوري والحداد ليس الأول من نوعه؛ فقد التقيا في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) في الحادي عشر من ديسمبر الماضي، وبعد ذلك تقابلا للمرة الثانية في أقل من شهر، وفي العشرين من يونيو الماضي اجتمعا في القاهرة. وما يميز اجتماع طرابلس يومي الثامن عشر من يوليو الجاري والتاسع عشر من الشهر ذاته ليس النتائج التي خرج بها بقدر ما هو كسر الحاجز النفسي بين قيادات الشرق -وعلى رأسها حفتر وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب بطبرق- وقيادات العاصمة. ومستقبلا قد يتيح دخول الناظوري إلى طرابلس وخروجه منها بسلام زيارة أخرى غير مسبوقة لعقيلة صالح وربما حفتر أيضا، في إطار المصالحة التي يرعاها المجلس الرئاسي. وخرج اجتماع الناظوري والحداد -بمشاركة الضباط العشرة في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)- بتفاهمات مهمة للغاية، وعلى رأسها ضرورة تسمية قائد أركان واحد للجيش. كما شدد المجتمعون على رفضهم “العودة إلى الاقتتال”، في ظل الانسداد السياسي والانقسام الحكومي الذي يهدد مجددا بالعودة إلى الاحتكام للسلاح. هذا بالإضافة إلى تفاهمات حول تفعيل القوة المشتركة لحماية الحدود ومكافحة الإرهاب وانتشار المخدرات والهجرة غير النظامية، وعودة المهجرين، فضلا عن متابعة ملف المحتجزين والمفقودين. توحيد الجيش توحيد الجيش أكثر من ضروري في هذه المرحلة توحيد الجيش أكثر من ضروري في هذه المرحلة إلا أن كل هذه التفاهمات سبق وأن اتفقت بشأنها اللجنة العسكرية المشتركة، منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في الثالث والعشرين من أكتوبر 2020، وتوالت اجتماعات اللجنة في سرت لأشهر طويلة دون أن يتم تفعيل وتنفيذ أغلب ما تم الاتفاق عليه. لذلك فاجتماع الناظوري والحداد لم يقدم جديدا سوى إعلان نوايا، وما ينتظره الليبيون منذ نحو ثلاثة أعوام هو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال هذه الفترة. ومن حيث المبدأ لا أحد يرفض توحيد الجيش تحت قيادة واحدة، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل؛ فحفتر، الذي أطلق عملية الكرامة في 2014 للسيطرة على الحكم، لا يمكنه قبول الخضوع إلى أي قائد جيش آخر غيره، حتى ولو كان مدنيا. ◙ الدبيبة يحتاج إلى التفاهم مع حفتر لتسوية أزمة النفط، لكنه في المقابل مهدد بفقدان ولاء كتائب المنطقة الغربية وعقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق، شدد على أن "مسألة وجود خليفة حفتر بمنصب القائد العام، أمر يخص السلطة التشريعية فقط". بمعنى أن مجلس نواب طبرق لن يقبل بقائد للجيش سوى حفتر، حتى ولو اتفق الناظوري والحداد واللجنة العسكرية المشتركة على شخصية أخرى لقيادة المؤسسة العسكرية. وكتائب المنطقة الغربية، التي دخلت في اشتباكات مع الجيش الوطني الليبي، لا يمكنها أن تسلم حفتر السلطة على طبق من ذهب، وأعلنت عن ذلك مرارا. فحفتر ما زال يمثل عقدة الأزمة والحل في ليبيا، أما بقية المشاكل فيمكن حلها والتوافق بشأنها، ودون حل هذه العقدة لا يمكن الحديث عن أي اتفاق شامل قابل للتنفيذ. ذلك أن كل من حاول التحالف مع حفتر أو الاقتراب منه، مهما كان ثقله في المنطقة الغربية التي تسيطر عليها تيارات الإخوان المسلمين، انتهى به المطاف منبوذا من أغلب تكتلاتها السياسية والعسكرية في طرابلس وما حولها. البحث عن رواتب للجنود التفاهمات لا تلغي البحث عن تمويل إضافي للجيش ليتمتع هؤلاء بحقوقهم التفاهمات لا تلغي البحث عن تمويل إضافي للجيش ليتمتع هؤلاء بحقوقهم على الرغم من أن اجتماع الناظوري والحداد وقع في طرابلس، الخاضعة لسيطرة حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يشغل منصب وزير الدفاع أيضا، إلا أن الأخير حاول نفي علاقته بهذا الاجتماع. وبينما أكد الناظوري أنه أخذ الموافقة من حفتر لعقد هذا الاجتماع مع قيادات حكومة الوحدة الوطنية، أقر الحداد بأنه أخذ الإذن من المجلس الرئاسي والدبيبة. ونفي وجود أي علاقة أو تفاهمات بينه وبين حفتر هو ثاني نفي للدبيبة خلال أيام قليلة فقط، بعد نفيه ما تم تداوله على نطاق واسع من أن هناك صفقة بين الرجلين بشأن تعيين فرحات بن قدارة، المحسوب على الشرق، رئيسا لمؤسسة النفط مقابل فتح منشآت النفط. ◙ حفتر يملك عدة موارد مختلفة لتغطية جزء من رواتب قواته، من أجل ضمان استمرار ولائها، بينها تصدير خردة الحديد وتهريب النفط. ولا تستبعد عدة أطراف متابعة للملف الليبي أن تكون زيارة الناظوري إلى طرابلس في إطار استكمال التفاهمات السابقة التي دفعت حفتر إلى فتح منشآت النفط. وأهم نقطة في هذه التفاهمات الاتفاق على دفع حكومة الوحدة ميزانية خاصة لقوات حفتر. إذ أن عدم استجابة حكومة الوحدة لمطالب حفتر المالية تسبب في حرمان مجلس النواب في طبرق الحكومةَ من الموافقة على الموازنة، ثم حجب الثقة عنها، لكن ذلك أدى إلى عدم دفع رواتب عناصر قوات حفتر، ما وضعها في أزمة مالية خانقة، اشتدت إثر تقليص الدول الحليفة دعمها المالي. ورغم أن الدبيبة في موازنة 2021 تحفظ على تقديم 6 مليارات دينار ليبي لقوات حفتر، إلا أن حكومة فتحي باشاغا خصصت 13 مليار دينار ليبي، دون أن تتمكن فعليا من صرفها لعدم اعتراف المصرف المركزي بها وبالتالي عدم تحويل الميزانية إليها، بينما تحدثت وكالة رويترز في 2019 عن أن ديون قوات حفتر بلغت نحو 25 مليار دولار. ويملك حفتر عدة موارد مختلفة لتغطية جزء من رواتب قواته، من أجل ضمان استمرار ولائها، بينها تصدير خردة الحديد وتهريب النفط. وفي ظل عدم قدرة حكومة باشاغا على صرف ميزانية لقوات حفتر، فإن الأخير مضطر إلى التفاهم مع حكومة الدبيبة الذي يملك ورقة ضغط قوية بيده، تتمثل في سيطرته على معظم حقول وموانئ النفط في الشرق والجنوب، مما يجبرها على التعامل معه مكرهة. الدبيبة وعقدة التفاهم مع حفتر الدبيبة يقف أمام عدة إكراهات وضغوط متناقضة الدبيبة يقف أمام عدة إكراهات وضغوط متناقضة ويقف الدبيبة أمام عدة إكراهات وضغوط متناقضة أحيانا؛ فمن جهة يحتاج إلى التفاهم مع حفتر من أجل تسوية أزمة النفط بما يسمح بخفض حدة مشكلة الكهرباء وتدفق إيرادات النفط ووقف تهديدات باشاغا بدخول طرابلس، ومن جهة أخرى هو مهدد بفقدان ولاء ودعم كتائب المنطقة الغربية والنخبة السياسية والإعلامية الفاعلة، ناهيك عن المفتي العام الصادق الغرياني، إذا اقترب أو تحالف مع حفتر. فالدبيبة ليس أفضل من باشاغا، الذي كانت تجتمع حوله معظم كتائب المنطقة الغربية، لكنه بمجرد تحالفه مع حفتر خسر دعم وتعاطف الكثير منها. لذلك قد يخسر الدبيبة دعم كتائب المنطقة الغربية التي توفر له الحماية، وتحول دون دخول باشاغا وحكومته إلى طرابلس لاستلام الحكم. وهذا ما يفسر نفي الدبيبة عقده أي صفقة مع حفتر، بالرغم من أن الأخير لم يفتح منشآت النفط إلا بعدما أقالت حكومة الوحدة مصطفى صنع الله من رئاسة مؤسسة النفط وعينت بن قدارة خلفا له. ذلك أنه لا يمكن لحفتر أن يقدم تنازلا بهذا الحجم دون أن يتلقى مقابلا، فكلا الطرفين بحاجة إلى عدوه. لكن أوراق الدبيبة قد تحترق إذا بالغ في الاقتراب من حفتر وأغضب بعض الجهات النافذة في الغرب، بينما هناك طرف آخر يرى ضرورة تحقيق المصالحة أولا ثم العدالة الانتقالية ثانيا، وهو ما يسمح بإخراج البلاد من أزمتها التي تجاوزت العقد.

مشاركة :