عبدالله الوصالي قاص وروائي وكاتب سعودي وناقد ومترجم، حاصل على جوائز في الرواية والقصة القصيرة وجائزة في النص المسرحي، وهو صاحب بصمة سردية خاصة، وذائقة رفيعة في تعامله مع نصوصه وشخصيات قصصه، تحدث لـ»الرياض الثقافي» عن العديد من المواضيع الأدبية والثقافية في الحوار الآتي: الاختلاف في سرد عبدالله الوصالي ميزة نتاجه الروائي فمن أين يأتي هذا الاختلاف؟ يأتي من خلال الانفتاح على عوالم متباينة ومختلفة الطابع محلية وأجنبية، وتأملها وعدم الاكتفاء بالمعلومات المباشرة، بل ضرورة المعرفة التاريخية والأنثروبولوجية اللازمة لفهمها ومن ثم الاشتغال عليها جمالياً. متى تتحول اللغة السردية سحراً يشد القارئ ليجذبه إلى عوالم الكاتب الإبداعي؟ اللغة السردية مهارة يحصل عليها السارد بالتجربة والمران والقراءة الواعية، واللغة الجزلة الرفيعة غير المتقعرة، هي مادة الأدب، ودقة اختيار اللفظ المناسب في المكان المناسب يصنع الأثر المطلوب في المتلقي، ويأتي بعد ذلك مهارة الكاتب في المناوبة بين عناصر السرد والوصف والحوار وتطبيق ذلك عليها. هل برأيك الإنتاج الإبداعي السعودي استطاع أن يبحر عميقاً في عوالم الدهشة؟ وكيف استطاع أن يكسر كثيراً من التابوهات؟ عميقاً؟! ليس بعد! لا يزال أمامنا الكثير، التجربة الروائية ارتبكت خلال بضع السنين الأخيرة بعد انطلاقتها السابقة، أما كسر التابوهات فقد كان للمسؤول السياسي الفاعل الأكبر في كسرها وليس للإبداع. قارب الإبداع التابوهات في العقود الماضية، لكن ظهره كان مكشوفاً، وأُجهض الكثير من المحاولات الإبداعية التي لو وهبت فرصة الدعم وضمانات الحماية لاشتبكت مع كثير من التابوهات الاجتماعية المبالغ فيها، ولأصبح المجتمع أكثر تقبلاً للتحول الاجتماعي الذي نمر به حالياً، لكن الإبداع لدينا لم يكن جوهراً يوماً ما، وقد استسلم هو لهذا الوضع فكان دائماً مجرد مظهر للتقلبات السياسية والاجتماعية، متأثر بها وليس مؤثراً. ما أقرب أعمالك إليك؟ وهل لا يزال هناك المزيد الذي لم يكتب بعد؟ أقرب أعمالي إليّ «الصغير حتى يكبر» العمل السردي الراهن الذي أعمل عليه هو الأقرب الذي يحتاج عنايتي، يساورني القلق وأنا أمحو وأكتب فيه من أن أكون فقدت مهارة الكتابة التي تحققت في أعمالي السابقة، وأستيقظ أحياناً وقد تملكني شعور بأنه ليس جدير بكل هذا العناء ثم لا ألبث أن أحتضنه من جديد كأنما اعتذار عن ظنوني السيئة إزاءه. هناك من يقول إن المبدع السعودي يعاني من التشتت وغياب النقد ما رأي كاتبنا بهذا؟ سبب التشتت يكمن في عدم الإلمام الكافي بمفاهيم الأجناس الأدبية التي يعمل المبدع ضمنها، والافتقار إلى رؤية ناضجة للحياة والكون، ليس هناك غياب مطلق للنقد لكنه غير قادر على متابعة إنتاج الأعمال الأدبية الغزيرة والتحاور معها، وطبيعة إنتاج النصوص الأدبية تجعلها أكثر استفادة من التطور التقني، والنقد بطبيعته البحثية المرجعية أقل إغراء من الإصدارات الإبداعية وهو لم يزل منوطاً في غالبه بأصحاب الشهادات الأكاديمية الذين يصبحون أقل اكتراثاً بالإبداع. بصفتك ناشراً أو معنياً بالنشر، ماذا عن مستقبل الكتاب الورقي في ظل المد الرقمي الحالي، وهل يمكن لك أن تضرب لنا أمثلة على ذلك؟ الكتاب الرقمي أعلن عن وجوده منذ سنوات، فمنصات الكتب العالمية مثل أمازون وغيرها تروج للكتاب الرقمي مدعوماً بأجهزة صنعت تحديداً لذلك الأمر مثل: كيندل، لكنه لم ولن يحل محل الكتاب الورقي لمدة طويلة قادمة على الأقل، ويمتاز الكتاب الرقمي بكونه أرخص من الورقي، وأكثر تصالحاً مع البيئة ويربطك الجهاز المخصص له بعالم التواصل الاجتماعي مباشرة فيمكنك مشاركة اقتباسك، أو ما تريد عبر تطبيقات مزودة بها تلك الأجهزة. العائق الكبير لدينا أن تلك التطبيقات لم تكن تخدم اللغة العربية، قبل مدة قليلة، على حد علمي يضاف إلى ذلك أن ليس جميع القراء لديهم الدراية التامة عن استخدام أجهزة القراءة الرقمية ويواجهون صعوبة في تعلم ذلك. كيف كان للقراءة دور في تشكيل ثقافتك وفكرك ومنتجك الإبداعي، وماذا عن أهم ما قرأت مما كان مساهماً في ذلك التأثير؟ قبل مدة أعلنت عبر تويتر عن رغبتي في اقتناء بعض مجلدات القصص المصورة للأطفال، لقد اكتشفت أخيراً أن في داخلي فراغًا تم البناء عليه، فأنا لم تتسن لي القراءة المنهجية كما يجب أن يحدث لطفل، بدايتي مع القراءة ارتجالية، عصامية، فوضوية، مزيج من كل ما يسوقه القدر بين يدي حتى إني قرأت كتاب حياتنا الجنسية لصبري القباني قبل أن أصل سن البلوغ! كيف حدث أن أحببت القراءة في بيئة لا تكترث للقراءة، سر لا زال يحيرني، لماذا قاومت كل الإحباطات وواصلت فعل القراءة رغم كل ما يوصم به من يتوحد في تلك البيئة مع كتاب، هو امتداد لذلك السر، لكن ذهني سجل غير جيد لعناوين الكتب المؤثرة في حياتي وإن كان في الوقت نفسه حاضناً جيداً لمضامينها.
مشاركة :