اعتادت عائلة لاريا عبدالكريم على كسب لقمة عيشها من زراعة الفول والسرغوم في إحدى قرى ولاية كاتسينا في شمال غرب نيجيريا، لكن تهديدات قطاع الطرق أجبرتها على التخلي عن أراضيها والزراعة في مكان آخر. واليوم، أدى تفاقم انعدام الأمن إلى اضطراب الزراعة والإمدادات الغذائية في المنطقة، وتقول هذه الجدة إن إطعام أسرتها أصبح يمثل تحديا. وتروي عبدالكريم حاملة حفيدتها الرضيعة في عيادة أنشأتها السلطات قبل عام بالتعاون مع منظمة أطباء بلا حدود “لا يمكننا الوصول إلى الأماكن التي كنا نصل إليها في السابق”. وتعيث عصابات من قطاع الطرق المناطق الريفية في شمال غرب نيجيريا فسادا. يداهمون القرى وينهبون الماشية ويخطفون السكان ويحتجزونهم مقابل فدية في معسكرات في عمق الغابات التي تغطي المنطقة. عيادة كوفار سوري أُنشئت في مدينة كاتسينا لمعالجة 200 مريض لكنها تستقبل ما يصل إلى 350 مريضا ونزح مئات الآلاف من الأشخاص عبر المناطق الشمالية الغربية والوسطى وقتل آلاف آخرون. وبالإضافة إلى ذلك، يستشري صراع جهادي مستمر منذ 13 عاما في شمال شرق نيجيريا أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص حتى الآن. لكن في شمال غرب نيجيريا، أضيفت جرائم العصابات إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود ما أدى إلى أزمة جوع تؤثر على الشباب المعرضين أصلا للملاريا وأمراض أخرى، كما يقول عمال الإغاثة ومسؤولو الصحة. وتشير منظمة أطباء بلا حدود، وهي إحدى الوكالات الدولية القليلة التي تنشط في شمال غرب البلاد، إلى أن الأزمة المعقدة أدت إلى زيادة حالات سوء التغذية الحاد بين الشباب. وفي ولاية كاتسينا وحدها سجّل حوالي 44500 طفل في برامج التغذية هذا العام، وتستعد وكالة الإغاثة والسلطات الصحية المحلية لارتفاع هذا العدد إلى 100 ألف بحلول نهاية العام. وقالت نفيسة ساني وهي مسؤولة صحية رفيعة المستوى في كاتسينا، إن الولاية تشهد أعدادا “مرتفعة” من الأشخاص الذين يعانون سوء تغذية حتى لو أن هذه المنطقة تعاني سوء تغذية الأطفال. وأنشئت عيادة كوفار سوري في مدينة كاتسينا لمعالجة 200 مريض لكنها تستقبل ما يصل إلى 350 مريضا، وغالبا ما تتشارك الأمهات الأسرّة في عنابرها. وتشهد أيضا المرافق الصحية الأخرى تدفقا يوميا للمئات من الأمهات اللواتي يحتجن إلى مساعدة. وستوسّع المرافق الطبية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في كاتسينا طاقتها الاستيعابية إلى 500 سرير الشهر المقبل لتلبية الحاجات المتزايدة خلال الأسابيع الأخيرة، لكن الحالات المعقدة ارتفعت بنسبة 40 في المئة الأسبوع الماضي. وداخل الخيام، يوزن الأطفال دون سن الخامسة وتؤخذ مقاساتهم وتشخّص إصابتهم بسوء التغذية، غالبا بعد إصابتهم بأمراض أخرى، وفق ما يوضح الطاقم الطبي. ويقول الدكتور ياكوبو أبوبكر، طبيب الأطفال الذي يعمل في إحدى عيادات منظمة أطباء بلا حدود في كاتسينا “لدينا انتشار للحصبة وأزمة الغذاء وهناك الكثير من النازحين بسبب قطاع الطرق. كل ذلك لديه تداعيات وخيمة على الأطفال”. ويضيف “وهذه الأمور في ولاية واحدة فقط”. وأفادت منظمة أطباء بلا حدود في غومي في محافظة زامفارا المجاورة أن فرقها فحصت أكثر من 36 ألف طفل دون سن الخامسة في يونيو، بعدما تلقت تحذيرا بشأن سوء التغذية. وتبيّن أن أكثر من نصف الأطفال يعانون سوء تغذية. أطفال يعيشون الفقر المدقع أطفال يعيشون الفقر المدقع وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن نيجيريا تحتل المركز الأول في القارة الأفريقية والثاني في العالم من حيث سوء تغذية الأطفال. وأفادت الوكالة بأن ثمانية ملايين طفل في شمال غرب البلاد يعانون سوء تغذية. وأبعد الخوف من الهجمات أو أعمال العنف من عصابات قطاع الطرق المتمركزة في غابات روغو القريبة في المناطق الغربية من كاتسينا قرب حدود النيجر، العديد من العائلات عن زراعة الأراضي. وهذا العام وحده، نزح 20 ألف شخص بسبب العنف أو التهديدات في ثلاث مناطق في منطقة جيبيا المحلية، على ما قال مسؤول محلي وقادة مجتمعيون. وعبر كثر الحدود للبقاء مع عائلات في النيجر المجاورة، فيما لجأ البعض الآخر مع عائلات في مدينة كاتسينا أو بلدات أخرى، لكن البعض يقيمون في مخيّمين قرب المدينة. ويقول نوهو إيليا، وهو مسؤول الرعاية الصحية الأولية في جيبيا “الناس يخشون التعرض للخطف أو القتل أو التشريد”. ويضيف “يعاني الآباء للحصول على ما يحتاجون إليه من طعام، وبالتالي يعاني الأطفال والرضع”. وغالبا ما يواجه شمال غرب نيجيريا انعدام الأمن الغذائي خصوصا في الأشهر العجاف التي تسبق الحصاد، عندما تنخفض المخزونات. لكن، كما هي الحال مع أجزاء أخرى من القارة، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تعطيل إمدادات القمح العالمية وارتفعت أسعار الوقود ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الغذاء. ويقول مزارعون خارج حقول العمل قرب مدينة كاتسينا إن سعر بذور السرغوم (الذرة الرفيعة) والفول السوداني تضاعف منذ بداية العام. وقالت وسيلة عبدالله (24 عاما) وهي أم لثلاثة أطفال، إن ارتفاع الأسعار أثر على دخلها الضئيل أصلا، مضيفة “في بعض الأحيان لا يكون لدينا ما يكفي لإطعام الأسرة”.
مشاركة :