كما يزعم البعض، لا أحد يجرؤ على دخول حوش بكر بعد مغيب الشمس على خلفية ما يشاع عن لصوص ومخالفين يستهدفون الغرباء، اللافت أن بعض الأزقة أشبه بغابات خط الاستواء لظلمتها وهدوئها، كما أن وميض عدسة التصوير يعد عاملا محفزا لهؤلاء في السؤال عن الفضوليين ممن يرومون تعكير صفوهم. استخدمت «عكاظ» وعدستها معدة بناء في خوض تجربة التجوال الحر في الحوش الشهير، وبدت علامات الدهشة والاستغراب في عيون العمال الأفارقة والآسيويين وهم يقفون على هوية الزائر الغريب الذي اقتحم خلوة «حوشهم». يقول قدماء حوش بكر: إن تاريخه يعود إلى ستينات القرن الميلادي المنصرم، وقبل أن يكمل الراوي حكاية الحوش، إذ بأربعة عمال يبدون اعتراضهم على التصوير ولم يكن إقناعهم بقبول عرض التصوير أمرا يسيرا. في السوق الشهيرة تنبعث من المواقد روائح شواء لحم البقر، أو ما يطلقونه عليه «السيريه»، وللطبخة طهاة مهرة يستخدمون كل ما أنتجته القارة السمراء من توابل وخلطات سرية، وقريبا من الشواء تباع الأجهزة الكهربائية المستخدمة والهواتف النقالة والشرائح وليس للزائر الغريب أن يعلم ما يباع تحت الطاولات!. عمدة حي المنصور فوزي الهاشمي، يوضح خلال حديثه لـ«عكاظ»، حدود الحي التي تبدأ من الجهة الشرقية للشارع وهي الأقل خطورة عن غيرها، مضيفا أن 80 في المئة من المحال تمت إزالتها وأغلبها كانت تعمل في مجال بيع الهواتف والسلع المجهولة. يقول عمدة حي الهنداوية بدر القرني لـ«عكاظ»: إن لحوش بكر جغرافيا يتبع جزء منه لـ«الهنداوية»، فـ«حدوده» تبدأ من محطة المعطاني حتى حي الخالدية والجزء الغربي من شارع المنصور يضم حوش بكر، الموصوف بملاذ مخالفي أنظمة العمل والإقامة، وعند بدء عمليات تطوير مكة المكرمة استلزم هدم جزء من الشارع والسوق القديم وبقي حوش بكر بجزئه الأكبرعلى حاله. من ملامح الحي، السوق الذي يحمل اسم «الحرامية» وأسواق أخرى نشأت حديثا دون سند نظامي ينشط فيها أبناء الجاليات من مختلف الأجناس ويغلب عليهم الأفارقة، اختاروا اللجوء إلى هنا بعدما أزيحوا من حيهم الشهير في شارع أم القرى. يضيف عمدة الهنداوية القرني: إن معظم المتاجر غير النظامية في الحوش تفتح أبوابها بعد مغرب الشمس لاعتقاد ملاكها أن الليل يمحو كل شيء وأن عيون الرقابة تنام مبكرا، ويستغل هؤلاء معتقداتهم في بيع كل شيء بدءا من الأغذية منتهية الصلاحية والملابس المستخدمة ومساحيق التجميل، ويشهد الحوش جرائم متعددة أقلها سرقة الكيابل والأسلاك الكهربائية وأدوات البناء.
مشاركة :