كيف نتغلب على أزمات ديون الأسواق النامية؟ «1 من 2»

  • 7/30/2022
  • 23:42
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أزمة الديون التي عانتها أمريكا اللاتينية في ثمانينيات القرن الـ20، أصبحت أزمات الديون السيادية أمرا متكرر الحدوث في الاقتصادات الناشئة والنامية. واليوم، تحتاج سريلانكا إلى خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بعد تخلفها عن سداد ديونها الخارجية في أيار (مايو)، ويواجه عدد متزايد من البلدان منخفضة الدخل تحديات متشابهة، إذ تفيد تقديرات البنك الدولي أن نحو 60 في المائة من الاقتصادات الناشئة والنامية أصبحت مدينة بدرجة عالية من المخاطر، كما أن ما يصل إلى 12 من هذه الاقتصادات قد تتخلف عن السداد خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وعلى عكس الاقتصادات المتقدمة، حيث شجعت الزيادات الحادة في الديون الحكومية بعد ظهور كوفيد - 19 على العودة السريعة إلى اتجاه النمو، كانت الاقتصادات النامية مقيدة بنقص اللقاحات ونقص الحيز النقدي والمالي. ونظرا إلى عدم قدرة هذه الاقتصادات على تمويل العجز للخروج من الاتجاه التنازلي المتزامن الذي شهده الاقتصاد العالمي، أصبحت الآن مجبرة على أن تتعامل مع التداعيات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية، التي تقضي على احتمالات العودة على المدى القريب إلى معدلات النمو قبل انتشار جائحة كوفيد - 19. إن معظم الاقتصادات النامية ليست مثقلة بالديون فيما عدا استثناءات قليلة، بما فيها سريلانكا، وزامبيا. وإجمالا، زاد متوسط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في هذه البلدان سبع نقاط مئوية فقط "ليصل إلى 65 في المائة" منذ بداية الوباء، وهو أقل بكثير من الزيادة بنسبة 20 نقطة مئوية في الاقتصادات المتقدمة، حيث يشكل متوسط الدين السيادي المشترك، الآن، 122 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وظل تدفق الأموال التي تتلقاها الاقتصادات النامية من أسواق السندات العالمية والبنوك منخفضا بصورة مثيرة للقلق. ووفقا لأحدث التقديرات الصادرة عن معهد التمويل الدولي، تمثل المطلوبات السيادية مجتمعة أقل من 30 في المائة من الدين العام العالمي. والأسوأ من ذلك أنه في أعقاب تخفيض التصنيف الائتماني بعد الجائحة، لم يعد عديد من البلدان ذات الدخل المنخفض يستطيع الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، ويواجه الآن قيودا حادة على السيولة يمكن أن تتحول إلى أزمات ملاءة. ونظرا لأن التصنيفات الائتمانية ذات الدرجة دون مستوى الاستثمار لهذه البلدان أدت إلى زيادة تكاليف الاقتراض، فقد زاد التأثير المالي لالتزاماتها السيادية، كما أثار تراجع قدرة حكوماتها على ترحيلها عند استحقاقها مخاوف بشأن حدوث أزمة الديون التي تعانيها البلدان النامية. وخططت غانا، على سبيل المثال، لإصدار سندات لإعادة تمويل ديونها المقومة بالعملة الأجنبية في وقت سابق من هذا العام. لكن مع موجة تخفيض التصنيفات التي أدت إلى ارتفاع عائدات السندات الدولية، استبعدت غانا فعليا من الأسواق المالية الدولية، وارتفع عائد السندات السيادية لمدة عشرة أعوام إلى أكثر من 22 في المائة. وبعد لجوء غانا إلى التعديلات الداخلية المؤلمة "الزيادات الضريبية، والتخفيضات في الإنفاق التقديري" أثناء الوباء، أصبحت تواجه الآن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتسعى حكومتها إلى الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي. ويقترن عاملان آخران لزيادة مخاطر أزمة السيولة في الأسواق النامية: عملة الإقراض والتحول نحو أسعار الفائدة المتغيرة في سياق هياكل الإقراض المتزايدة التعقيد، والاعتماد المتزايد على أسواق رأس المال الدولية، إذ بين عامي 2000 و2020، ارتفع عدد البلدان ذات الدخل المنخفض التي لها ديون خارجية متغيرة ارتفاعا حادا من 13 إلى 31. والآن، بعد أن قامت البنوك المركزية النظامية بتطبيع السياسات النقدية لمكافحة التضخم، فإن هذه البلدان ستتحمل تكاليف أعلى بكثير عند خدمة ديونها الخارجية. ورغم أن الاعتماد على الديون المقومة بالعملات الأجنبية يمكن أن يقلل من مخاطر التضخم الجامح، إلا أنه يمكن أن يزيد أيضا من مخاطر التخلف عن السداد السيادي، خاصة عندما يؤدي الانخفاض الحاد في سعر الصرف، إلى زيادة تكاليف خدمة الديون الخارجية فجأة. وهذا ما يحدث خاصة خلال فترات التقلبات العالمية المتزايدة وشروط التمويل الصارمة، التي في الأغلب ما ترتبط بتدفقات كبيرة من رأس مال الاقتصادات الناشئة والنامية نحو الخارج... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022

مشاركة :