قالت مصادر سياسية عراقية إن دعوة التيار الصدري لأنصاره لإخلاء مبنى البرلمان العراقي ونقل اعتصامهم إلى خارجه تفسح المجال للدخول في حوار سياسي مع الإطار التنسيقي، ما يجنب العراقيين صدامات قد تتخذ أبعادا مذهبية وطائفية تعصف باستقرار البلد الهش وتعمق أزماته. وأضافت المصادر أن دعوة التيار الصدري لإخلاء مبنى البرلمان خطوة أولى لحلحلة الأزمة السياسية بالحوار، لا بد أن تقابلها خطوة أيضا من خصومه السياسيين. ولا يستبعد مراقبون دخول الطرفين في حوار سياسي لرأب الصدع، لكن نتائجه تظل غير مضمونة ورهينة الطرف الذي سيدير الحوار ومدى نفوذه ومصداقيته وتأثيره أيضا. ودعا التيار الصدري إلى إخلاء مبنى البرلمان العراقي الثلاثاء، ونقل اعتصام مناصريه الذين يتواجدون داخله منذ أربعة أيام إلى باحاته الخارجية، فيما تتوالى الدعوات إلى الحوار من أجل حلّ الأزمة. وطلب محمد صالح العراقي المقرب من الصدر في تغريدة “إخلاء مبنى البرلمان” العراقي، و”تحوّل الاعتصام أمام وحول البرلمان ومقترباته خلال مدّة أقصاها 72 ساعة”. وأضاف متوجهاً إلى مناصري التيار الصدري أن “ديمومة الاعتصام مهمة جداً لتتحقق مطالبكم”. وتصاعد التوتر في العراق إثر رفض مقتدى الصدر لاسم مرشح الإطار التنسيقي، الذي يضمّ فصائل شيعية موالية لإيران، لرئاسة الوزراء. لكن الأزمة السياسية في البلاد لا تنفكّ تزداد سوءاً، إذ يعيش العراق شللاً سياسيا تاما منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021. ولم تفضِ مفاوضات لامتناهية بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. وأظهر الصدر الذي يملك قاعدة شعبية واسعة أنه لا يزال قادرا على تحريك الجماهير لأهدافه السياسية. واقتحم مناصرو التيار الصدري البرلمان مرتين خلال أقل من أسبوع، وباشروا داخله اعتصاما السبت رفضاً لترشيح محمد شياع السوداني (52 عاما) من قبل الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة. ◙ مهدي الصميدعي قدم مبادرة جديدة للتدخل وعقد جلسة قضاء وتفاهم وحلول وحتى بعد ظهر الثلاثاء كان مئات من المعتصمين لا يزالون متجمعين داخل مبنى البرلمان العراقي وخارجه. ونصبت خيم في حدائق البرلمان، بالإضافة إلى مواكب عاشورائية تقليدية تقوم بتقديم الطعام والشراب. ولجأ خصوم الصدر الاثنين إلى الشارع أيضاً. وتظاهر الآلاف من مناصري الإطار التنسيقي عند الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضمّ مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية غربية ومقر البرلمان “للدفاع عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها”. في الأثناء، تتوالى الدعوات إلى الحوار. ودعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ليل الاثنين إلى “حوار وطني بتشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خارطة طريق للحلّ”، داعياً “جميع الأطراف إلى التهدئة، وخفض التصعيد”. وأعرب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم المنضوي في الإطار التنسيقي عن “تأييده” لمبادرة الكاظمي “لاسيما ما يتعلق بركون وجلوس فرقاء وشركاء المشهد العراقي على طاولة حوار تتبنى مبادرة وطنية شاملة تفضي إلى إنهاء الانسداد السياسي في البلاد”. ومن جهته أعلن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي تحالفت كتلته مع التيار الصدري في البرلمان العراقي قبل استقالتها عن تأييده للمبادرة، مؤكداً في تغريدة “أهمية جلوس الجميع إلى طاولة الحوار، والمضي بخطوات عملية لحل الأزمة الراهنة”. والثلاثاء قدم مفتي الجمهورية في العراق مهدي الصميدعي مبادرة جديدة “للتدخل وعقد جلسة قضاء وتفاهم وحلول”، وقال “ننتظر موافقتكم على هذا الطلب العلمائي”. وخاطب الصميدعي هذه الأطراف بالقول “نرجو قبول دعوتنا وفتح باب دار الإفتاء العراقية لكم (…) للتدخل بينكم لجلسة قضاء وتفاهم وحلول ونحن ننتظر موافقتكم على هذا الطلب العلمائي متمنّين منكم وضع نصب أعين ضمائركم أبناء الشعب”. وتأتي هذه المبادرات والدعوات للحوار والتهدئة ومنع الصدام بين الأطراف الشيعية فيما لا يزال مقتدى الصدر متمسكا بقناعته بعدم السماح لقوى الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة جديدة ورفض ترشيح محمد شياع السوداني. وتتمسك قوى الإطار بحقها الدستوري بتشكيل الحكومة بوصفها الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي بعد أن استحوذت على 73 مقعدا على خلفية تقديم نواب التيار الصدري استقالاتهم من البرلمان.
مشاركة :