قراءة نقدية في رواية «أحمر أفضل من ميت» للروائي أحمد إبراهيم السعد

  • 8/6/2022
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أحرص‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬المنتج‭ ‬السردي‭ ‬للأديب‭ ‬البصري‭ ‬المبدع‭ (‬أحمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬السعد‭) ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬ستكون‭ ‬لي‭ ‬وقفة‭ ‬نقدية‭ ‬مع‭ ‬روايته‭ ‬الجديدة‭ (‬أحمر‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت‭)(‬1‭) ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬منشورات‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬2022،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬الروايات‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عبر‭ ‬سمات‭ ‬السرد‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحداثي‭ ‬او‭ ‬روايات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحداثة،‭ ‬لما‭ ‬تشتمله‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التمظهرات‭ ‬في‭ ‬بنيتها،‭ ‬ليس‭ ‬ابتداءً‭ ‬بموضوع‭ ‬التداخل‭ ‬الاجناسي‭ ‬ضمن‭ ‬تأثيث‭ ‬فضاءاته‭ ‬السردية‭ (‬شعر،‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة،‭ ‬مقولات‭ ‬وحكم‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬اعتقاد‭ ‬ص29،‭ ‬ومقولة‭ ‬نيتشه‭ ‬ص‭ ‬99،‭ ‬والاغنية‭ ‬البوذية‭ ‬ص103‭ ‬وقصة‭ ‬حضور‭ ‬امه‭ ‬الى‭ ‬بغداد‭ ‬وحادث‭ ‬جامعة‭ ‬المستنصرية‭ ‬وكذلك‭ ‬قصة‭ ‬سيمون‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬وطلب‭ ‬رأي‭ ‬وسيم‭ ‬نعمان‭ ‬الموسومة‭ ‬‮«‬عباس‭ ‬سيمون‭ ‬وسيمون‭ ‬عباس‭ ‬ص86‮»‬،‭ ‬قصيدة‭ ‬البحتري‭ ‬ص‭ ‬55،‭ ‬قصيدة‭ ‬عبدالرزاق‭ ‬عبدالواحد‭ ‬ص64‭ ‬ولا‭ ‬ادري‭ ‬لماذا‭ ‬اهمل‭ ‬المؤلف‭ ‬ذكر‭ ‬اسم‭ ‬شاعر‭ ‬قصيدة‭ ‬لا‭ ‬تطرق‭ ‬الباب‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬مع‭ ‬البحتري،‭ ‬والرسائل‭ ‬كذلك‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬جيسكيا‭ ‬ذات‭ ‬المدلول‭ ‬البلاغي‭ ‬ص99‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬بالأسلوب‭ ‬المقالي‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬معنى‭ ‬البتاوين‭ ‬ص111‭ ‬او‭ ‬شرح‭ ‬الدال‭ ‬والمدلول‭ ‬ص114‭ ‬او‭ ‬بطريقة‭ ‬ممسرحة‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬تحرك‭ ‬سيمون‭ ‬بالغرفة‭ ‬كممثل‭ ‬مونودراما‭ ‬يستشعر‭ ‬وحدته‭ ‬المسرحية‭ ‬في‭ ‬انصهار‭ ‬ابداعي‭ ‬مع‭ ‬النص‭ ‬والشخصية‭..... ‬ودار‭ ‬حول‭ ‬نفسه‭ ‬وهو‭ ‬يشتم‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬عرفني‭ ‬به‭ ‬ص124‭) ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬عبور‭ ‬اجناسي‭ ‬وانفتاح‭ ‬وتغذي‭ ‬السرد‭ ‬الروائي‭ ‬من‭ ‬اجناس‭ ‬وأنواع‭ ‬أخرى‭ ‬لزيادة‭ ‬متعة‭ ‬السرد‭ ‬وجمالياته‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحداثوية،‭ ‬بوصف‭ ‬الرواية‭ ‬الجنس‭ ‬الادبي‭ ‬الأكثر‭ ‬تغذياً‭ ‬من‭ ‬الاجناس‭ ‬الأخرى‭ ‬والأكثر‭ ‬انفتاحاً‭ ‬وتعايشاً‭ ‬او‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬الزمن‭ ‬النفسي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مصفوفاته‭ ‬السردية‭ ‬وعبور‭ ‬كرونولوجية‭ ‬الزمن‭ ‬عبر‭ ‬تنقلات‭ ‬افتراضية‭ ‬كاشفة‭ ‬عن‭ ‬مدلول‭ ‬العامل‭ ‬السيكولوجي‭ ‬لشخصيات‭ ‬هذه‭ ‬الرواية،‭ ‬انها‭ ‬رواية‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬التشويق‭ ‬في‭ ‬ثيمه‭ ‬الفرعية‭ ‬لتتأزم‭ ‬مع‭ ‬الثيمة‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬الراوي‭ ‬لصناعتها‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬المتلقي،‭ ‬رغم‭ ‬الكم‭ ‬الكبير‭ ‬للإيماءات‭ ‬والشفرات‭ ‬التي‭ ‬أوردها‭ ‬صانع‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬بقلم‭ ‬مأزوم‭ ‬كل‭ ‬سلط‭ ‬القتل‭ ‬المجاني‭ ‬والعبث‭ ‬الفوضوي،‭ ‬فهو‭ ‬يؤشر‭ ‬مكامن‭ ‬الألم‭ ‬والجرح‭ ‬بشيفرة‭ ‬حادة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معها‭ ‬التوقف‭ ‬والاسترجاع‭ ‬بل‭ ‬نتلقى‭ ‬هذا‭ ‬الألم‭ (‬كمعلومة‭ ‬سردية‭ ‬عابرة‭ ‬او‭ ‬وصفية‭ ‬جمالية‭ ‬ضمن‭ ‬مكملات‭ ‬البناء‭ ‬السردي‭... ‬يمررها‭ ‬المؤلف‭ ‬ببراعة‭ ‬وذكاء‭) ‬وهو‭ ‬صناعة‭ ‬ذكية‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬مقصلة‭ ‬الرقيب،‭ ‬رغم‭ ‬التصريح‭ ‬المباشر‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬ضمن‭ ‬نقده‭ (‬ثلاثية‭ ‬التابو‭) ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الخراب،‭ ‬انا‭ ‬وصفتها‭ ‬بانها‭ ‬رواية‭ ‬حرب‭ ‬لم‭ ‬تشم‭ ‬خلالها‭ ‬رائحة‭ ‬بارود‭ ‬او‭ ‬عطر‭ ‬بُسْطَال‭ ‬جندي‭ ‬مرابط‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭! ‬ان‭ ‬الراوي‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬بنائه‭ ‬السردي‭ ‬مصوراً‭ ‬يصنع‭ ‬حدثه‭ ‬عبر‭ ‬نافذة‭ (‬زمنية‭) ‬وعلى‭ ‬وفق‭ ‬بنية‭ ‬الخطاب‭ ‬السردي‭ ‬ونسيجها‭ ‬المكون‭ ‬لتفاعلات‭ (‬راوٍ‭ ‬ومروي‭ ‬ومروي‭ ‬له‭) (‬وسيم‭ - ‬احمر‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت‭ - ‬عابد‭ +‬سيمون‭) ‬هل‭ ‬تلاعب‭ ‬السعد‭ ‬بخطاطات‭ ‬المتن‭ ‬والمبنى‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬سردياته‭ ‬هذه؟‭ ‬يرى‭ ‬الدكتور‭ ‬حميد‭ ‬الحمداني‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬بنية‭ ‬النص‭ ‬السردي‭) ‬بان‭ ‬السرد‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تروي‭ ‬الرواية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هذه‭ ‬المكونات‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الراوي‭ ‬هو‭ ‬المرسل‭ ‬وهذا‭ ‬الراوي‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الا‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬ورق‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ (‬رولان‭ ‬بارت‭) ‬فكان‭ ‬في‭ ‬رواية‭ (‬احمر‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت‭) (‬وسيم‭) ‬بامتياز‭ ‬كائن‭ ‬ورقي‭ ‬يكاد‭ ‬يختلط‭ ‬عند‭ ‬قارئه‭ ‬مع‭ ‬شخصية‭ (‬المؤلف‭/ ‬صانع‭ ‬النص‭ ‬من‭ ‬لحم‭ ‬ودم‭)  ‬فالمتن‭ ‬الحكائي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬أحداث‭ ‬تنجزها‭ ‬الشخصيات‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬ما،‭ ‬بينما‭ ‬يرتكز‭ ‬المبنى‭ ‬الحكائي‭ ‬على‭ ‬الصياغة‭ ( ‬وسيم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭) ‬هو‭ ‬صانع‭ ‬الاحداث،‭ ‬هل‭ ‬أراد‭ ‬منا‭ ‬المؤلف‭ ‬ان‭ ‬نفصله‭ ‬عن‭ ‬شخصياته؟‭ ‬هل‭ ‬أراد‭ ‬منا‭ ‬المؤلف‭ ‬ان‭ ‬نخلط‭ ‬بين‭ ‬بطله‭ ‬وبينه؟‭ ‬هل‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تجاربه‭ ‬السردية‭ ‬السابقة؟‭! ‬احمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬سارد‭ ‬ذكي‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يرتب‭ ‬أوراقه‭ ‬السردية‭ ‬كمؤثث‭ ‬أولا‭ ‬وكمتلق‭ ‬ثانيا‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬رواياته‭ ‬على‭ ‬المتلقي،‭ ‬رغم‭ ‬انه‭ ‬حاول‭ ‬صناعة‭ ‬احداث‭ ‬صغرى‭ ‬موازية‭ ‬لثيمته‭ ‬المركزية،‭ ‬اذ‭ ‬يرى‭ ‬بوريس‭ ‬توماشفسكي‭ ‬بأن‭ ‬النص‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬الأدبي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬غرض‭ ‬أساسي‭ ‬بارز‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأغراض‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬أفكار‭ ‬أو‭ ‬ثيمات‭ ‬أو‭ ‬موضوعات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يشط‭ ‬عنه‭ ‬السعد‭ ‬في‭ ‬بنائه،‭ ‬ولكن‭ ‬ربط‭ ‬المشاهد‭ ‬السردية‭ ‬ووفقاً‭ ‬لعين‭ ‬ناقدة‭ ‬او‭ ‬متخصصة‭ ‬تشعر‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬الافتعال‭ ‬ذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬لمفاهيم‭ ‬جماعة‭ ‬السردية‭ ‬الدلالية‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬بمضمون‭ ‬الأفعال‭ ‬السردية،‭ ‬دونما‭ ‬اهتمام‭ ‬بالسرد‭ ‬الذي‭ ‬يكوّنها،‭ ‬إنما‭ ‬بالمنطق‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬تعاقب‭ ‬تلك‭ ‬الأفعال‭ ‬والذي‭ ‬يقول‭ ‬بهذا‭ ‬الرأي‭: ‬بروب،‭ ‬وبريمون،‭ ‬وغريماس‭ ‬كما‭ ‬في‭ (‬دخول‭ ‬بلاسم‭ ‬الى‭ ‬المطعم‭ ‬واتصاله‭ - ‬رؤية‭ ‬عابد‭ ‬في‭ ‬بغداد‭) ‬كما‭ ‬ان‭ ‬الرواية‭ ‬خطت‭ ‬لنفسها‭ ‬زمناً‭ ‬سيكولوجياً،‭ ‬تتسق‭ ‬حركته‭ ‬مع‭ (‬الدراما‭/ ‬بصراعها‭ ‬الداخلي‭ ‬وحسب‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يغيب‭ ‬أي‭ ‬مظهر‭ ‬للصراع‭ ‬الواقعي‭ ‬الخارجي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرواية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التركيز‭ ‬كثيراً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جمالي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬اغلب‭ ‬أجزاء‭ ‬الرواية،‭ ‬بما‭ ‬تملك‭ ‬اللغة‭ ‬من‭ (‬قوة‭ ‬تأثيرية‭) ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬احياناً‭ ‬الى‭ ‬الافراط‭ ‬في‭ ‬التشبيهات‭ ‬الوصفية‭ ‬وبما‭ ‬يملك‭ ‬السرد‭ ‬من‭ ‬خزين‭ ‬قاموسي‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬والوصف،‭ ‬لذا‭ ‬نرى‭ ‬الناقد‭ ‬العربي‭ ‬المختص‭ ‬بالسرديات‭ ‬عبدالملك‭ ‬مرتاض‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬الوصف‭ ‬بالسرد‭ ‬ووصفه‭ ‬بانه‭ ‬احيانا‭ ‬يكون‭ ‬مزعج‭ ‬ومعرقل‭ ‬لنماء‭ ‬السرد‭ ‬واحيانا‭ ‬يفسد‭ ‬متعة‭ ‬السرد‭ ‬بسبب‭ ‬طغيانه‭ ‬على‭ ‬السرد‭ ‬وافقاده‭ ‬خصائصه،‭ ‬وهنا‭ ‬اعود‭ ‬لمرجعية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬واعني‭ ‬الوظائف‭ ‬اللغوية‭ ‬لدى‭ ‬العالم‭ ‬اللغوي‭ ‬الروسي‭ ‬رومان‭ ‬أوسيبوفيتش‭ ‬جاكوبسون‭ ‬وفكرة‭ ‬هيمنة‭ ‬عنصر‭ ‬او‭ ‬ملمح‭ ‬داخل‭ ‬الجنس‭ ‬الادبي،‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يحدد‭ ‬وظيفته‭ ‬سواء‭ ‬اكانت‭ (‬جمالية‭) ‬او‭ (‬انفعالية‭) ‬او‭ (‬شعرية‭) ‬او‭ (‬مرجعية‭) ‬او‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الوظائف،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المبنى‭ ‬اللغوي‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الحبكة‭ ‬السردية،‭ ‬فقد‭ ‬تأخذ‭ ‬المنحى‭ ‬الارسالي‭ ‬برؤى‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬مقاصد‭ ‬صاحب‭ ‬الرسالة‭ (‬المؤلف‭). ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬كتبت‭ ‬بمفردات‭ (‬الخوف‭) ‬التي‭ ‬لونت‭ ‬فضاء‭ ‬السرد‭ ‬على‭ ‬امتداده‭ ‬فكانت‭ ‬هذه‭ ‬المفردة‭ ‬الأكثر‭ ‬تكراراً‭ ‬مما‭ ‬يولد‭ ‬ايقاعاً‭ ‬نفسياً‭ ‬ودرامياً‭ ‬يتعلق‭ ‬بثيمات‭ ‬هذه‭ ‬المفردة‭ ‬وما‭ ‬الت‭ ‬اليه‭ ‬من‭ ‬انزياح‭ ‬للأحداث،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬تشكل‭ ‬العتبة‭ (‬احمر‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت‭) ‬ودلالة‭ (‬الأحمر‭) ‬وما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬ارهاصات‭ ‬تتعلق‭ ‬بالالم‭ ‬والوجع،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬ارسطو‭ ‬‮«‬الالوان‭ ‬هي‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬لكي‭ ‬تصبح‭ ‬الاشياء‭ ‬مرئية‮»‬‭ (‬2‭) ‬فكانت‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬ثيمة‭ ‬مهمة‭ ‬ومعطى‭ ‬فكري‭ ‬دافع‭ ‬ضمن‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬الرواية،‭ ‬وهي‭ ‬العبارة‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مجهولة‭ ‬المعنى‭ ‬حتى‭ ‬الجزء‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬الرواية‭ ‬والتي‭ ‬يكمن‭ ‬سرها‭ ‬لدى‭ (‬عابد‭) ‬الذي‭ ‬راح‭ ‬يخط‭ ‬على‭ ‬الأشجار‭ ‬والجدران‭ ‬عبارة‭ (‬احمر‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت‭) ‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬وما‭ ‬يشكله‭ ‬بموروثنا‭ ‬النقدي‭ ‬والادبي‭ ‬والذي‭ ‬يرمز‭ ‬الى‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬والدمار‭ ‬والنيران‭ ‬وسفك‭ ‬الدماء‮»‬‭ (‬3‭) ‬وهو‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يتعالق‭ ‬تماماً‭ ‬مع‭ ‬متن‭ ‬احداث‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬ومدلولاتها،‭ ‬وفي‭ ‬متن‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬ثمة‭ ‬تهكم‭ ‬كبير‭ ‬وانتقادية‭ ‬واضحة‭ ‬للوضع‭ ‬في‭ ‬الوطن،‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬جغرافياً‭ (‬الأكثر‭ ‬اضطراباً‭ ‬في‭ ‬العالم‭) ‬حتى‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬يعد‭ ‬هروب‭ (‬وسيم‭) ‬انتقال‭ ‬جغرافي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬نحو‭ ‬السويد‭ ‬لكنه‭ ‬انتقال‭ ‬مشوب‭ (‬بالغربة‭) ‬وثقل‭ ‬زمنها‭ ‬الفيزيقي‭ ‬وما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬الم‭ ‬جديد‭ ‬لوسيم‭ ‬،‭ ‬ووسيم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ناقماً‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬ووطنه‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬مقرعاً‭ ‬لذاته‭ ‬ولاعنا‭ ‬نفسه‭ ‬كونه‭ ‬مداح‭ ‬لقائد‭ ‬الموت‭ ‬المجاني‭ ‬او‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الكاتب‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬لقب‭ ‬كاتب‭ ‬ام‭ ‬المعارك‭! ((‬بقيت‭ ‬انتظر‭ ‬احتراق‭ ‬الكتب‭ ‬ولهيبها‭ ‬الذي‭ ‬يشفي‭ ‬غليل‭ ‬الانتقام‭. ‬رأيت‭ ‬في‭ ‬النار‭ ‬المستعرة‭ ‬وجوه‭ ‬ابطالي‭ ‬وهم‭ ‬يتوسلوني‭ ‬ولم‭ ‬اكن‭ ‬رحيماً‭ ‬معهم‭ ‬ونارهم‭ ‬الصادقة‭ ‬تشفي‭ ‬غليل‭ ‬كذبي،‭ ‬ركبت‭ ‬السيارة‭ ‬وقبل‭ ‬ان‭ ‬اطلب‭ ‬من‭ ‬سيمون‭ ‬الانطلاق‭ ‬الى‭ ‬المطعم‭ ‬قلت‭: ‬انظر‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬الكذب‭ ‬الذي‭ ‬يحترق‭ ‬بسهولة‭ / ‬الرواية‭ ‬ص105‭)) ‬والمؤلف‭ ‬ايضا‭ ‬يستخدم‭ ‬الرموز‭ ‬لتكون‭ ‬مداخل‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬سرديته‭ ‬هذه‭ (‬المفتاح،‭ ‬صندوق‭+‬،‭ ‬النسور،‭ ‬أحلام‭ ‬الريش،‭ ‬لوحة‭ ‬العائلة‭ ‬،القُلق،‭ ‬كراتين‭ ‬الكتب‭...) ‬وهي‭ ‬مفاتيح‭ ‬مهمة‭ ‬يوظفها‭ ‬الروائي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬احداثه‭ ‬وفقاً‭ ‬للمرجعيات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والدلالية‭ ‬لهذه‭ ‬الرموز‭ ‬وما‭ ‬تشكلها‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬المتلقي‭ ‬اتساقاً‭ ‬مع‭ ‬الحقب‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬خلالها‭ ‬السارد‭ ‬سواء‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬2003‭ ‬او‭ ‬ما‭ ‬بعدها،‭ ‬وتغير‭ ‬الحمولات‭ ‬الدلالية‭ ‬لبعض‭ ‬تلك‭ ‬المرموزات‭ ‬مع‭ ‬التغير‭ ‬الحاصل،‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يسجل‭ ‬لهذه‭ ‬الرواية‭ ‬قوة‭ ‬خطابها‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬يمتاز‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬البلاغة‭ ‬والحكمة‭ ‬والقيم‭ ‬التي‭ ‬توزعت‭ ‬على‭ ‬الشخصيات‭ ‬حتى‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬رداء‭ ‬اكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬شخصيات‭ ‬تلك‭ ‬الرواية‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬المؤلف‭ ‬استطاع‭ ‬ان‭ ‬يمرر‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬بطريقة‭ ‬جمالية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬محلية‭ ‬الأمكنة‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬ضمن‭ ‬طبيعة‭ ‬مدينة‭ ‬البصرة‭ ‬او‭ ‬بغداد‭ ‬،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬الدقة‭ ‬بوصف‭ ‬الأمكنة‭ ‬ذلك‭ ‬بوصفها‭ ‬عمارة‭ ‬ذات‭ ‬مدلولات‭ ‬مفتوحة،‭ (‬5‭ ‬ميل،‭ ‬خمسون‭ ‬حوش،‭ ‬شفقة‭ ‬العامل،‭ ‬شارع‭ ‬الوطن،‭ ‬البتاوين‭....‬الخ‭) ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يجعلك‭ ‬تتشوق‭ ‬كلما‭ ‬تقدم‭ ‬الحدث‭ ‬لكي‭ ‬تمسك‭ ‬بزمام‭ ‬ما‭ ‬سيجري‭ ‬لوسيم‭ ‬وعابد‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬الممتعة‭ ‬حد‭ ‬اللعنة،‭ ‬بصراحة‭ ‬ان‭ ‬الرواية‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تقسم‭ ‬لجزئيين‭ ‬اول‭ ‬50‭ ‬صفحة‭ ‬تمثل‭ ‬التمهيد‭ ‬الحقيقي‭ ‬لما‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬احداث‭ ‬والنصف‭ ‬الثاني‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬عودة‭ ‬وسيم‭ ‬الى‭ ‬بلده‭ ‬بعد‭ ‬مدة‭ ‬اغتراب،‭ ‬والجزء‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬الجزء‭ ‬الأكثر‭ ‬تشويقاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاحداث‭ ‬وهو‭ ‬يشكل‭ ‬تصاعد‭ ‬واضح‭ ‬للأحداث‭ ‬باتجاه‭ ‬ما‭ ‬سيؤول‭ ‬اليه‭ ‬مصير‭ ‬وسيم‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬لوطنه‭ (‬الصغير‭/‬منزل‭ ‬العائلة‭) ‬فوجده‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬خراباً‭ ‬عن‭ ‬وطنه‭ ‬الكبير،‭ ‬بحيث‭ ‬وجد‭ ‬منزله‭ ‬مستباحاً‭ ‬للمخدرات‭ ‬وممارسة‭ ‬الجنس‭ ‬بصوره‭ ‬المختلفة‭! ‬ويمثل‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬لقائه‭ ‬مع‭ (‬سيمون‭) ‬وهو‭ ‬برأيي‭ ‬بطل‭ ‬ثالث‭ ‬يضاف‭ ‬لعابد‭ ‬ووسيم‭ ‬أي‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬البطولة‭ ‬التشاركية‭ ‬لا‭ ‬الأحادية،‭ ‬وهو‭ ‬يعتمد‭ ‬أساليب‭ ‬وتقنيات‭ ‬مونتاجية‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬احداثه‭ ‬السردية‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬مكاشفته‭ ‬وافصاحه‭ ‬لصديقه‭ ‬الجديد‭ ‬سيمون‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬تعارفه‭ ‬بحبيبته‭ (‬جيسيكا‭) ‬وهو‭ ‬أسلوب‭ ‬ماتع‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬احداث‭ ‬روايته‭ ‬بطريقة‭ ‬الاسترجاع‭ ‬او‭ ‬منتجة‭ ‬الاحداث‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬الافتراضية‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬وإقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الأماكن‭ ‬ومفترضاتها‭ ‬المكانية،‭ ‬مشكلا‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالكرونوتوب‭ ‬الباختيني،‭ ‬الرواية‭ ‬كتبت‭ ‬بإحساس‭ ‬عال‭ ‬جداً‭ ‬حتى‭ ‬اني‭ ‬استشعرت‭ ‬كمتلق‭ ‬تلك‭ ‬الدموع‭ ‬النقية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يذرفها‭ (‬وسيم‭) ‬كلما‭ ‬شعر‭ ‬باحتياج‭ ‬الى‭ ‬البكاء‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ان‭ ‬يتطهر‭ ‬من‭ ‬ادرانه‭ ‬الماضوية‭ ‬،‭ ‬وكلما‭ ‬اشتاق‭ ‬لحنين‭ ‬امه‭ ‬التي‭ ‬ماتت‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغربة‭ ‬هارباً‭ ‬من‭ ‬خوف‭ ‬كاسر،‭ ‬رغم‭ ‬كمية‭ ‬السوداوية‭ ‬التي‭ ‬تضمها‭ ‬الرواية‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬ادانة‭ ‬موثقة‭ ‬لحقب‭ ‬سوداء‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬اجاد‭ ‬خلالها‭ ‬الروائي‭ ‬ورسم‭ ‬تفاصيلها‭ ‬بشفرة‭ ‬على‭ ‬جسد‭ ‬ذاكرتنا‭ ‬المتوجعة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاحداث‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬ابطال‭ ‬رواية‭ ‬احمر‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬الامل‭ ‬الشفيف‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬الموت‭ ‬المجاني،‭ ‬التي‭ ‬اختارها‭ ‬الكثير‭ ‬فالوجع‭ ‬المؤقت‭ ‬والتوشح‭ ‬باللون‭ ‬الأحمر‭ ‬واوجاعه‭ ‬ربما‭ ‬افضل‭ ‬عند‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ (‬الموت‭ ‬المجاني‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يهدى‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يوسم‭ ‬بمعارضة‭ ‬النظام‭ ‬آنذاك‭. ‬اثني‭ ‬كثيراً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬وبودي‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬المقال‭ ‬النقدي‭ ‬ان‭ ‬اهمس‭ ‬لزملائي‭ ‬وطلبة‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬التربية‭ ‬الإنسانية‭ / ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬وكلية‭ ‬التربية‭ ‬بنات‭ /‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وكلية‭ ‬الآداب‭/ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وكلية‭ ‬التربية‭ ‬قرنة‭ / ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬أقول‭ ‬لهم‭ ‬ان‭ ‬نتاج‭ ‬هذا‭ ‬المبدع‭ (‬أحمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬السعد‭) ‬يستحق‭ ‬رسالة‭ ‬ماجستير‭ ‬او‭ ‬أطروحة‭ ‬دكتوراه‭ ‬فلا‭ ‬تبخلوا‭ ‬عليه‭ ‬بذلك‭.‬ هوامش‭: ‬ ‭(‬1‭) ‬احمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬السعد،‭ ‬رواية‭ ‬احمد‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬ميت،‭ ‬ط1،‭ (‬بغداد‭: ‬منشورات‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬في‭ ‬العراق،2020‭).‬ ‭(‬2‭) ‬صلاح‭ ‬عثمان،‭ ‬الواقعية‭ ‬اللونية،‭ (‬مصر‭: ‬منشاة‭ ‬المعارف،‭ ‬2006‭)‬،‭ ‬ص68‭.‬ ‭(‬3‭) ‬قدور‭ ‬عبدالله‭ ‬ثاني،‭ ‬سيمائية‭ ‬الصورة،‭ ‬ط1،‭(‬عمان‭: ‬دار‭ ‬الوراق،‭ ‬2008‭)‬،‭ ‬ص113‭. ‬ {‭ ‬ناقد‭ ‬اكاديمي‭ ‬من‭ ‬العراق‭.‬

مشاركة :