بغداد - أعلنت أعلى سلطة قضائية في العراق الأحد أنها لا تملك صلاحية حلّ مجلس النواب، بعدما طالب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر القضاء بذلك خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع، وسط أزمة سياسية خانقة تعيشها البلاد. ودعا الصدر القضاء العراقي إلى حلّ البرلمان قبل نهاية الأسبوع "بعد المخالفات الدستورية" المتمثّلة بانتهاء مهل اختيار رئيس جمهورية ورئيس الحكومة، مبرراً طلبه بأن الكتل السياسية لن ترضخ "لمطالبة الشعب بحلّ البرلمان". ويواصل كلّ من التيار الصدري وخصومه في الإطار التنسيقي، الضغط في الشارع مع تأزّم الوضع بينهما، حيث يقيم مناصرو الصدر منذ 30 تموز/يوليو اعتصاماً في باحات البرلمان العراقي، بينما باشر مناصرو الإطار التنسيقي اعتصاماً مضاداً على أسوار المنطقة الخضراء منذ يومين. وقال مجلس القضاء الأعلى الأحد في بيان إنه "لا يملك الصلاحية لحل مجلس النواب". وأضاف أن "مهام مجلس القضاء، بمجملها، تتعلق بادارة القضاء فقط وليس من بينها اي صلاحية تجيز للقضاء التدخل بامور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية" الوارد في الدستور. وينصّ الدستور العراقي في المادة 64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناء على طلب من ثلث اعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية". واتفق مجلس القضاء الأعلى في الوقت نفسه مع الصدر "في تشخيص سلبية الواقع السياسي الذي يشهده البلد والمخالفات الدستورية المستمرة المتمثلة بعدم اكتمال تشكيل السلطات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة ضمن المدد الدستورية". ورفع الصدر من مستوى الضغط على خصومه السبت بدعوة مقرّب منه لتظاهرة "مليونية" في بغداد، لم يحدّد موعدها بعد. وقال صالح محمد العراقي في بيان إنه "بعد أن انقسم الاحتجاج الى فسطاطين"، بات لزاماً معرفة أي المعسكرين "أكثر عدداً وأوسع تعاطفاً عند الشعب العراقي". ولا يزال العراق منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة في تشرين الأول/أكتوبر 2021، في شلل سياسي تام مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. ومنذ تموز/يوليو، يتواجه الطرفان الشيعيان في تصعيد جديد لخلافات سياسية حادة من دون ان يؤدي الوضع المتأزم إلى أعمال عنف، وسط مطالبة التيار الصدري بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، مقابل مطالبة الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة وعودة انعقاد البرلمان. ويضمّ الإطار التنسيقي خصوصاً الكتلة البرلمانية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران التي تدعم ايضا كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الخصم التاريخي للصدر. وطلب مجلس القضاء الأعلى في بيانه الأحد من "الجهات السياسية والإعلامية" عدم "الزج بالقضاء في الخصومات والمنافسات السياسية"، مؤكداً أن القضاء "يقف على مسافة واحدة من الجميع". بغداد - دعا التيار الصدري السبت إلى مظاهرة مليونية لم يحدد موعدها وسط العاصمة العراقية بغداد ضد ما سماه "الفساد والمليشيات والأحزاب الفاسدة المتسلطة". واندلعت الجمعة تظاهرات عند بوابات المنطقة الخضراء وفي داخلها وفي عدد من محافظات العراق باستثناء النجف وكربلاء نظمها التيار الصدري وخصومه في قوى الإطار التنسيقي وحركات وأحزاب مدنية. وقال صالح العراقي المقرب من زعيم التيار مقتدى الصدر في تغريدة عبر حسابه على تويتر إنه "يدعو العراقيين كافة الى الخروج في تظاهرات سلمية مليونية في ساحة التحرير ببغداد". وأضاف العراقي الذي يصف نفسه بأنه "وزير القائد" ان "التظاهرة موحدة من جميع المحافظات هدفها مناصرة العراق من أجل الإصلاح وإنقاذ ما تبقى منه لكي لا تكونوا لقمة سائغة للفساد والظلم والميليشيات والتبعية وأهواء الأحزاب الفاسدة والمتسلطة". ودعا العراقي المتظاهرين إلى "التوجه من كافة المحافظات لبغداد وساحة التحرير ومنها إلى المعتصمين (في المنطقة الخضراء من أنصار التيار) لمؤازرة الإصلاح بزحف مليوني ثم العودة إلى منازلهم". وأشار إلى أن التظاهرات "تمثل رسالة مليونية شعبية إلى العالم كله بأن العراق مع الإصلاح ولا مكان للفساد والفاسدين فيه". وقال العراقي مخاطبا مؤيدي الصدر "أعول عليكم واتوسم منكم الشجاعة وعدم الخذلان، فهي نهاية الفرصة الاخيرة". وفي نهاية البيان الذي ذيل باسم العراقي مسبوقا بكلمة "عنه" في إشارة إلى زعيم التيار مقتدى الصدر، قال "انتظروا التوقيت والتعليمات واستعدوا". بدوره كشف قيادي بارز في التيار الصدري لوكالة أنباء الأناضول أن "الدعوة التي أطلقها زعيم التيار الصدري ووصفها بأنها نداؤه الأخير تهدف إلى منع أي محاولة للإطار التنسيقي لعقد جلسات لمجلس النواب لانتخاب رئيس جمهورية يكلف بدوره مرشح الإطار بتشكيل الحكومة الجديدة". وأضاف المصدر طالبا عدم الكشف عن هويته ان "التيار الصدري متمسك بخيار الشارع لمنع أي محاولة لعقد مجلس النواب جلساته ما لم تستجب القوى والأطراف السياسية لمطالب المعتصمين بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة". والأربعاء دعا الصدر مجلس القضاء الأعلى إلى حل البرلمان خلال مدة لا تتجاوز نهاية هذا الأسبوع وتكليف رئيس الجمهورية بتحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة مقيدة بشروط سيتم إعلانها لاحقا. وتظاهر أنصار الإطار التنسيقي لمدة ساعتين قرب الجسر المعلق عند إحدى بوابات المنطقة الخضراء وفي البصرة والموصل تحت شعار "تظاهرات دعم الشرعية والقانون" في إشارة إلى ما يرونه "انتهاكات" التيار الصدري سواء اقتحامهم مبنى البرلمان أو المنطقة الخضراء والاعتصام فيها وتعطيل جلسات مجلس النواب والمطالبة بحله خارج الأطر الدستورية. في المقابل تظاهر أنصار التيار الصدري في عدد من المحافظات وداخل المنطقة الخضراء فيما تظاهر أنصار الحزب الشيوعي والقوى المدنية في ساحة الفردوس وسط بغداد. ومنذ 30 يوليو/ تموز الماضي يواصل أتباع التيار الصدري اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء رفضا لترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء فيما تستمر الخلافات بين القوى السياسية التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء الانتخابات الأخيرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وفي 3 أغسطس/آب الجاري دعا الصدر في خطاب متلفز إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة "على ألا يكون للوجوه القديمة وجود بعد الآن من خلال عملية ديمقراطية ثورية سلمية وعملية ديمقراطية مبكرة بعد حل البرلمان الحالي".
مشاركة :