«أوكار» تقليدية وإلكترونــية لترويج السلع والبضائع المقلدة في دبــي (1-2)

  • 12/29/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في البحث عن السلع الأفضل، سواء من خلال الجولات في الأسواق، أو عبر الإنترنت، فإن قدرات الشراء المحدودة تحصر اختيارات المستهلك أحياناً في السلع الرخيصة، بل ربما تدفع رغبته في اقتناء ما يبدو أنه فاخر إلى شراء السلع المقلدة دون اكتراث للجوانب السلبية لهذا القرار. ولا توجد اختلافات كثيرة في طبيعة الأسواق، سواء كانت تقليدية ملموسة أم إلكترونية افتراضية عبر الإنترنت، فالسلع متوافرة هنا وهناك، لكنها تتنوع حسب طبيعة الطلب على السلع، وطبيعة المستهلك ذاته، ومزود السلعة من المحال التجارية، بيد أن هناك تصنيفاً جديداً أصبح هو الفيصل في سعر السلع وجودتها، وهو أن تكون سلعاً أصلية أم مقلدة. صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تروّج البضائع المقلدة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات وحسابات تروّج السلع المقلدة. ويعرض أحد الحسابات بموقع إنستغرام عدداً كبيراً من صور المنتجات التي يبيعها، ويقوم بتوفير رقم الهاتف للتواصل معه عبر تطبيق واتس أب للتراسل النصي. تم ارسال رسالة للسؤال عن أحد المنتجات المعروضة، فرد منوهاً بضرورة إرسال صورة المنتج المراد شراءه، وبعد عرض السعر قال إن عملية التوصيل تتم من خلال شركة خاصة بالتوصيل والدفع عند الاستلام، وعرض منح حسومات جيدة إذا كان تم شراء أكثر من منتج. وبسؤاله عن جودة المنتج، قال إنه درجة أولى من المنتجات المقلدة والمصنوعة في الصين، وعن الضمان قال إنه لا يعطي أي ضمان للمشتري، لكنه سرعان ما وعد بتبديل المنتج إذا ظهر أي عيب بعد التسليم. ثم أرسل عنوان موقعه الإلكتروني، ويعرض فيه سلعاً كثيرة، منها ساعات وعطور ونظارات وحقائب وأحذية وملابس رجالية ونسائية. حماية المستهلكين من البضائع المغشوشة حققت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، خلال مارس الماضي، إنجازاً يضاف إلى رصيدها في التصدي لتجارة المنتجات المقلدة وحماية الأسواق والمستهلكين من البضائع المغشوشة، حيث تم ضبط مستودع يضم أربعة ملايين عبوة عطور مقلدة ومغشوشة، تقدر قيمتها بنحو 100 مليون درهم، وتعد الضبطية الأكبر من حيث الحجم والقيمة، التي تتم مصادرتها، خلال العام الجاري. ودعت الدائرة، في منشورات توعوية عدة، لتجنب مختلف المنتجات المقلدة وغير الأصلية، وفي مقدمتها مستحضرات التجميل والعطور، وذلك لخطورتها على صحة وسلامة الإنسان. ولا توجد فروق جوهرية في الشكل بين السلع المقلدة والأصلية، فساعة اليد التي تحمل علامة شهيرة يصل سعرها إلى آلاف عدة من الدراهم عند وكيلها المحلي المعتمد، يمكن شراء مثيلتها المقلدة، التي يطلق عليها هاي كوبي High Copy، وتعني سلع مقلدة ذات جودة عالية، بمبلغ زهيد من وكر للسلع المقلدة في أحد الأسواق القديمة بدبي، أو عبر حسابات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن عملية الشراء تلك قد تتطلب القيام بمغامرة في بعض أسواق دبي، مثل منطقة نايف بديرة أو الكرامة في بر دبي. سوق الذهب وتفصيلاً، دخل محرر الإمارات اليوم إلى سوق الذهب بمنطقة ديرة، بصحبة صديق، مدعياً بأنه سائح جاء للمشاهدة والتسوق، ولم يستغرق وقتاً طويلاً حتى اقترب منه رجل يحمل ملامح آسيوية، وبادر بالسؤال عن جنسية المحرر، فأجاب بأنه ليس مواطناً، فقال له إنه يبدو سعودياً، فسأله: ماذا لديك لتعرضه عليّ؟ فقال: كل شيء.. هل تريد ساعات (هاي كوبي)، أم ملابس عن علامات تجارية عالمية، حقائب وجلود واكسسورات، ولديه أيضاً مستحضرات التجميل والعطور، وربما ما هو أكثر. وطلب منه مشاهدة الساعات، من العلامات التجارية الفخمة، بأسعار معقولة، فأشار إلى أن يتّبعه لتبدأ رحلة اكتشاف أوكار السلع المقلدة والمغشوشة في أسواق دبي. وتشهد دبي سنوياً ملايين السياح من كل أنحاء العالم، يقصدون التنوع الذي تقدمه إليهم كتجربة مثيرة للشراء، ما بين مراكزها التجارية وأسواق تقليدية، فهم يحبون دبي، ويعشقون تجربة الشراء فيها. أزقة ضيقة في الأزقة الضيقة المحيطة بسوق الذهب، سار الرجل من دون تردد، وهو ينظر إليّ وكأنه يود أن يتأكد أنني لست مفتشاً تابعاً لدائرة التنمية الاقتصادية، التي تطارد المزورين، كان يلتفت حوله ليتأكد أنني لست طعماً لصيد ثمين، وأنه لا يوجد من يتبع خطواتنا، وعندما التفت خلفي وجدت أحدهم يتبعني، وكأنه يود التأكد من أنني لست مُراقباً، فمهمته تأمين الرجل الأول للوصول إلى مكان البيع من دون أن يتبعنا أحد المفتشين. وبعد قليل، توقفنا أمام مدخل لأحد البيوت القديمة، صعد الرجل درجات السلم بخفة، وأنا أحاول اللحاق به، ليطرق أحد الأبواب بطريقة متفق عليها مع من بالداخل. ليس الأمر في دبي مجرد تجربة تسوق مبهجة في سوق قديم أو مركز تجاري فخم، أو حتى عبر الإنترنت، فالتسوق له أيضاً خطر من نوع آخر، إذا وقع المستهلك فريسة للغش التجاري أو لشراء سلع مقلدة قد تصيبه بما هو أخطر من عدم وجود ضمان تجاري، أو أوراق تكفل جودة السلعة، وتمنح المستهلك حق الرجوع إلى التاجر. السلع المقلدة في الداخل وجد المحرر أحد أوكار السلع المقلدة في دبي، وهو شقة صغيرة الحجم، تمتلئ فيها الأرفف بالبضائع، هنا كل شيء من الساعات، والمصوغات، والاكسسوارات، والملابس، وكلها سلع مقلدة لعلامات تجارية عالمية باحتراف شديد. وبدأ الرجل في عرض ما لديه من بضائع، تضم عشرات القطع من الساعات التي تبدو جيدة الصنع ولا غبار عليها، وكان عليّ أن أبدأ الاختيار فيما بينها، فأوقفته مشيراً إلى اختياري، فقال إنها الأغلى بين القطع المعروضة. واستطرد قائلا: إذا كنت تريد الأعلى جودة فعليك باختيار السلع الكورية، فهي الأفضل، فيما أن القطعة المستوردة من الصين أقل سعراً، لكنها أيضاً أقل جودة. وبينما أقوم بفحص الساعات التي اخترتها، وقف خلفي ثلاثة من البائعين، ينظرون إليّ بريبة شديدة، حتى اخترت واحدة وسألته عن سعرها، فقال إنه ٣٠٠ دولار، وهنا بدأنا التفاوض حول السعر حتى قال لي: اعطني ١٥٠ دولاراً، فقلت له سألتقط لها صورة وأرسلها إلى أخي فإذا أعجبته سأشتريها، وتظاهرت بأنني غير مهتم، وطلبت منه أن يفتح الباب لأخرج من الشقة إلى السوق مرة أخرى، لكنني فقدت طريق العودة، لكثرة الأزقة التي خضناها في بداية الرحلة. شقق المقلد أكمل محرر الإمارات اليوم رحلته عبر وكر آخر للسلع المقلدة، حيث اصطحبه أحد المروّجين في السوق نفسها إلى وكر جديد، وهو شقة مزودة بكاميرات وشاشات كبيرة، تعرض بثاً حياً من شوارع السوق وطرقاته، ومدخل البناية، وأمام باب الشقة، وبعض المواقع الأخرى، كما أن عدد البائعين بالداخل ربما أكثر من عدد المتسوقين. اللافت للنظر أيضاً أن البائع عندما يشعر بأنك لا تريد السلعة التي كنت تسعى لها يعرض عليك سلعاً أخرى، فإذا لم تعجبك الساعات هناك الملابس، وإذا لم تكن قد أحببت الحقائب فهناك الحُلي والاكسسوارات المقلدة، والأحذية. خرجت من الشقة وأغلق الباب خلفي، وسرعان ما عاد المحرر مرة أخرى إلى السوق ليمارس دور السائح المتسوق، بيد أن التجربة نفسها تكررت مرة أخرى مع مروّج آخر، وبالتفاصيل نفسها لكن الاختلاف كان في موقع الشقة وفي البائعين، فيما لم تختلف تفاصيل السلع عن سابقتها. صعدت إلى شقة جديدة، متطلعاً إلى شراء ملابس من علامة تجارية معينة، سأل المحرر عن السعر، فقال إنه لن يختلف معه، وعندما دخلا الشقة وجدا معرضاً كبيراً للملابس والأحذية من كل الأنواع. وتبدو المنتجات ذات جودة عالية، لكنها أرخص كثيراً، فالقميص الذي يبلغ ثمنه 400 درهم عند وكيله المحلي يمكن شراؤه بأقل من 30 درهماً، وأحذية لا تزيد قيمتها على 70 درهماً ويبلغ سعر المنتج الأصلي منها أكثر من 500 درهم. الهواتف المحمولة ترك المحرر سوق الذهب إلى منطقة نايف، فالأسواق هنا كبيرة ومتنوعة، فالتجار يبيعون كل شيء، لكن في سوق الهواتف المحمولة بمنطقة السطوة هناك منتجات مقلدة تباع بحذر عندما يتأكد البائع من أنك لست مفتشاً في دائرة التنمية الاقتصادية. وهنا يمكن أن تشتري هاتفاً تظن أنه جديد لكنه في الحقيقة مجدّد، أي أنه في الأصل مستعمل، لكن تمت إعادة تجديده بتغيير بعض أجزائه وإضافة ملحقات مقلدة له كنوع من الغش التجاري. فالتاجر يخبرك بأنه هاتف جديد، لكنه من دون أي ضمان ولا فاتورة شراء، لذا يراوح ثمنه بين 1500 و2000 درهم، فيما يباع لدى الوكيل بنحو 3000 درهم. إلى ذلك، وعند الانتقال في مسار الرحلة إلى تجار قطع غيار السيارات، فإن البائع يعرض عليك سلعاً يطلق عليها سلع تجارية، على حد زعمه، لتجنب شراء المنتج الأصلي المرتفع الثمن، لكنه لا يضمن لك أن تعمل بكفاءة المنتج الأصلي نفسها، ولا يضمن أيضاً الآثار السلبية لاستخدامها على سلامتك أو سلامة سيارتك. وخلال عام 2014، ضبطت دائرة التنمية الاقتصادية 19 مستودعاً، و41 محلاً تجارياً، وتمت مصادرة أكثر من مليون قطعة مقلدة لقطع غيار السيارات، بقيمة تسويقية تصل إلى 15 مليون درهم. في سياق آخر، لا يتخفى مروّجو السلع المقلدة في الشقق البعيدة عن الأسواق فقط، بل إنهم يوجدون ويبيعون منتجاتهم تحت ساتر من نشاط تجاري آخر، ففي العام الماضي ضبط مفتش في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، محلاً لبيع المثلجات والآيس كريم يروّج لبيع منتجات مقلّدة بطريقة سرية، وتمت مصادرة نحو ‬1500 قطعة من الحقائب والمنتجات الجلدية والأحذية والإكسسوارات المقلّدة عن علامات تجارية عالمية. وفي السوق محال كبرى تبيع أي شيء بدرهم إلى خمسة دراهم، ولديهم كل شيء، لكنك في الحقيقة لا يمكن أن تضمن أن الشامبو الذي اشتريته بأقل من ١٠ دراهم هو ذاته الذي يبلغ سعره ١٥ درهماً لدى منافذ البيع الكبيرة. وهناك عشرات الأنواع من الكريمات ومستحضرات التجميل، بل إن المنتجات الغذائية متاحة أيضاً، لكنها مقلدة. وأسفر التعاون بين دائرة التنمية الاقتصادية، وإدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية في شرطة دبي، عن ضبط مصنع ومستودع في منطقة صحراوية يضم 4.1 ملايين قطعة مقلدة، تصل قيمتها السوقية إلى 16 مليون درهم، ضمت مجموعة متنوعة من مستحضرات العناية بالجسم والتجميل وعبوات الشامبو والصابون، إضافة إلى كريمات العناية بالبشرة. أبواب سرية داخل الأوكار المخصصة لبيع السلع المقلدة، توجد أبواب سرية، تؤدي إلى أماكن لتخزين السلع، فالغرفة التي يستقبلك فيها المروّجون هي واجهة الشقة فقط، لكنهم على استعداد لفتح الأبواب السرية إذا أظهرت أنك ستدفع الأموال بلا حساب. كما أنهم يفرون إلى الغرف السرية لتضليل مفتشي دائرة التنمية الاقتصادية، وإخفاء البضائع وبيعها بطرق غير مشروعة، بما يصعب على المفتشين الوصول إليها. السوق الصيني في السوق الصيني في المدينة العالمية (إنترناشيونال سيتي) في دبي، مئات التجار الصينيين الذين يروّجون سلعاً مقلدة، لكن بشكل مختلف، حيث تتم تسميتها بأسماء مشابهة جداً لأسماء العلامات التجارية الشهيرة، وهي مصنفة تحت بند السلع الرديئة، فتغيير حرف واحد من اسم العلامة التجارية ربما يحميها من الملاحقة القانونية وفقاً لقوانين الملكية الفكرية، لكنه لا يعفيها من التصنيف كـسلعة رديئة، ومن الخطر اقتناؤها. ويمكن من خلال جولة صغيرة في السوق الصيني مشاهدة أنواع عدة من المستحضرات الطبية وأدوية التخسيس وأحياناً أدوية معالجة الضعف الجنسي، لكنها أيضاً لا تباع إلا إذا طلبها المستهلك. وبإمكانك أن تسأل البائع وتنتظره حتى يحضرها لك ويحصل على الثمن. وعندما سألت أحد البائعين: هل هناك ضمان أن هذا الدواء سيساعدني على انقاص وزني، قال إنه مصنوع من أعشاب طبيعية، وأنه جيد، فقلت له لكني لا أفهم اللغة الصينية المكتوبة على عبوة الدواء، فكيف يمكنني أن أتناول منتجاً لا أعرف محتواه. فقال إنني يجب أن أثق به، فسألته كيف لي أن أثق بك وأنت تبيع لي منتجاً لا تستطيع عرضه في منصتك بالمركز التجاري، وربما تتم مخالفتك إذا شاهدك مفتش من الجهات الحكومية المسؤولة، فرفض أن يبيع لي العبوة، وقال لا تشتري هذا، هناك آخرون يشترون من دون أن يسألوا بشكل كثيف مثلك. وفي منتصف العام الجاري، حذّرت وزارة الصحة من استخدام المكملات الغذائية الخاصة بالحمية وإنقاص الوزن والمقويات الجنسية غير المرخصة، وغيرها من الأدوية والمستحضرات التي يروج لها، نظراً إلى ما تشكله هذه المستحضرات من أضرار صحية جسيمة على مستخدميها، خصوصاً أن معظمها غير مسجل في الدولة وغير مسجل عالمياً. سوق الكرامة أكمل محرر الإمارات اليوم رحلته في عالم السلع المقلدة من خلال الانتقال إلى سوق الكرامة بمنطقة بر دبي، حيث يمكن شراء الحقائب المقلدة لماركات عالمية فخمة، وتقودك جولة صغيرة في السوق إلى شقة في شارع جانبي، تمر داخلها لتشاهد الغرف السرية، حيث يصحبك المروج إلى الداخل ويعرض عليك الكثير من الحقائب والملابس، والأحذية بأثمان رخيصة نسبياً عن مثيلاتها الأصلية، فالحقيبة ذات العلامة التجارية الفرنسية الشهيرة التي يبلغ ثمنها أكثر من 5000 درهم اشترتها سيدة كانت تتسوق بنحو 400 درهم، وخرجت وهي سعيدة. ولا تستثنى العطور من قائمة السلع التي يتم تزويرها، وإن كانت من أخطرها، فهي تلمس جلد المستهلك بصورة مباشرة، وتحذر جهات رقابية من تأثيرات خطرة لها في صحة الإنسان. وعلى الرغم من ذلك فإن العطور كانت حاضرة بقوة على الأرفف داخل الوكر الذي مررت عليه في سوق نايف.

مشاركة :