كشف المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، عن تنفيذه 164 طلعة استمطار جوية خلال عام 2015، استمرت كل عملية ما بين ساعتين وثلاث ساعات، تم خلالها إطلاق 3489 شعلة ملحية، مشيراً إلى أنه تم تلقيح أغلب السحب التي تكونت على الدولة، وتوافرت بها شروط التلقيح، موضحاً أن عملية التلقيح تهدف إلى تحفيز السحب الركامية لإدرار أكبر قدر ممكن من المياه، بالإضافة إلى إطالة عمر السحب الركامية التي تستغرق كل واحدة منها نحو 45 دقيقة لتبدأ سحابة ركامية أخرى في التكون. تلقيح السحب تعد دولة الإمارات من الدول السباقة في استخدام تقنية تلقيح السحب في المنطقة، واستخدمت هذه التقنية منذ نهاية التسعينات وطورتها تدريجياً في بداية عام 2000، بعد إجراء دراسات مستفيضة تتعلق بكيمياء وفيزياء الغلاف الجوي الخاص في الدولة، وشهد عام 2015 عمليات واسعة من الاستمطار، كان أشدها في شهر سبتمبر، حيث شهد 32 طلعة جوية تم خلالها إطلاق 816 شعلة، فيما لم يشهد شهر يوليو أي طلعات جوية. وتفصيلاً، قال المركز لـالإمارات اليوم إن إجراء عمليات تلقيح السحاب تتطلب وجود بنية تحتية متكاملة متخصصة في هذا المجال، تشمل وجود شبكة محطات رصد أرضية، تتولى رصد عناصر الطقس على مدار الساعة، تشمل درجة الحرارة الجافة، ودرجة الندى، والضغط الجوي، والرياح (سرعتها واتجاهها)، وشدة الإشعاع الشمسي، بالإضافة إلى قياس كميات الأمطار، مشيراً إلى أن لديه شبكة رصد على أحدث مستوى، تضم 68 محطة أوتوماتيكية لقياس عناصر الطقس، موزعة بشكل مدروس على مناطق متفرقة من الدولة، تتلاءم مع الطبيعة الجغرافية لكل منطقة، وتتم مراقبة الأجواء بشكل مباشر ومتواصل، كما تضم البنية التحتية شبكة رادارات متطورة تشمل ستة رادارات، (خمسة رادارات جوية ثابتة، ورادار جوي متحرك). وتابع أن هذه الشبكة تتولى مراقبة السحب الممطرة، التي تستخدم في توجيه طائرة الاستمطار لوضعها في المكان المناسب داخل السحاب، حيث يقوم الرادار بتشريح السحابة إلى مقاطع عرضية متعددة، تتم من خلالها معرفة أماكن الرياح العمودية داخل السحاب، كما تتم أيضاً معرفة أماكن الأمطار المتوقعة وأماكن حدوثها وشدتها في الوقت نفسه، فيما تتعامل الأقمار الاصطناعية ذات القنوات المختلفة مع عناصر عدة تتعلق بالأحوال الجوية، يستدل عن طريقها ببداية تكون السحاب التي تعد من الخطوات المهمة والحرجة في إجراء عمليات التلقيح. وأشار إلى أن دراسة الأحوال الجوية تبدأ عادة مع بداية الصباح، حيث يتم التعرف على حالة الطقس المتوقعة على الدولة، وتتم دراسة إمكانية تكون السحب الركامية التي تستهدف بالعمليات الجوية، ثم يتم الإبلاغ عن فرصة تكون هذه السحب، ومن ثم وضع الطيارين في حالة جاهزية وتنبيههم بالوقت المتوقع والمناسب لبدء إجراء هذه العمليات، مشيراً إلى أن المركز لديه خمس طائرات من نوع بيتشكرافت سي 90 مجهزة بأدق الأجهزة مع حاملات خاصة للشعلات الملحية، كما يضم المركز ستة طيارين مدربين على التعامل مع السحب الركامية ذات الخطورة في وجود الرياح الصاعدة التي تتخللها مطبات هوائية شديدة. وعن آلية تنفيذ الطلعات الجوية، أوضح المركز أن الخبراء التابعين له يرصدون السحب عن طريق الأقمار الاصطناعية، وعند ظهور تشكل سحابة في منطقة ما داخل الدولة من خلال توافر مجموعة من المعايير المناسبة التي تشير إلى قابلية إجراء عملية التلقيح، يتم وضع الطائرة والطيار في وضع الاستعداد، ثم يتولى خبراء الأرصاد توجيه الطيار ومتابعته أثناء عملية التلقيح من خلال الاتصال اللاسلكي. وأشار إلى أن الطيار يبدأ بحرق الشعلات وإطلاق مواد التلقيح، وتبدأ هذه المواد بتجميع قطيرات الماء لتصبح كبيرة الحجم، ويصبح الهواء غير قادر على حملها لتسقط على الأرض، لافتاً إلى أن تلك العملية معقدة جداً تستوجب الدقة في طريقة التلقيح، حيث يتم توجيه الطائرة إلى المكان المناسب في الوقت الملائم، وذلك لضمان الهدف المرجو من هذه العمليات، ويقوم بتنفيذها خبراء أكفاء من المركز. وأكد المركز عدم استخدامه أي مواد كيمياوية ضارة في عملية التلقيح، حيث يتم الاعتماد على إملاح طبيعية مثل كلوريد البوتاسيوم، وكلوريد الصوديوم، التي تتوافر في الغلاف الجوي بشكل كبير، وأن الإضافات التي تأتي أثناء عمليات التلقيح داخل السحاب تكاد لا تذكر عند مقارنتها بالكم الكلي المتوافر في الغلاف الجوي. ولفت إلى أن عملية تلقيح السحب تتم في أماكن وجود التيارات الهوائية الصاعدة في أسفل قاعدة السحاب، التي تعمل على نثر أملاح التلقيح ورفعها إلى الطبقات العليا من السحابة، وتستغرق عملية حقن السحب من دقيقتين إلى ثلاث دقائق لكل حقنة، ويعتمد عدد الحقن المطلوبة على الطبيعة الديناميكية والفيزيائية للسحاب المستهدف، بالإضافة إلى ضرورة استمرارية الهواء الصاعد داخل السحاب، حيث إن عملية تفاعل السحاب مع هذه المواد تستغرق نحو 15 إلى 20 دقيقة بوجه عام. وأكد أن أهمية برنامج الاستمطار تعود إلى أن الدولة مناخها جاف ويقل فيه معدل الأمطار السنوي عن 100 مم، مع معدل تبخر عالٍ للمياه السطحية ومعدلات ضئيلة لتجدد المياه الجوفية، أقل بكثير من معدلات الاستهلاك السنوي، مشيراً إلى أن برنامج الإمارات لاستمطار الغيوم تم تأسيسه في نهاية التسعينات، ومع بداية 2001 تم التعاون مع منظمات عالمية مثل المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو بالولايات المتحدة الأميركية، وجامعة وتويترز راند في جنوب إفريقيا، ووكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وتم تنفيذ دراسات مشتركة للخصائص الفيزيائية والكيميائية للغلاف الجوي، الخاص بدولة الإمارات، مع التركيز على خصائص الهباء الجوي والملوثات ذات الأثر في تشكل السحاب وتراكمه. وأوضح أن لبرنامج الاستمطار هدفين رئيسين، هما الإسهام في تقديم علم الاستمطار والتكنولوجيا المستخدمة فيه وتطبيقاتها، وتحفيز الاستثمار في تمويل البحوث والشراكات عالمياً، بالإضافة إلى زيادة معدلات الأمطار في الإمارات والمناطق الجافة وشبه الجافة الأخرى. وأشار إلى وجود أربعة مسارات رئيسة لتحقيق أهداف برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، إذ يتضمن المسار الأول الارتقاء بمستوى البحث والابتكار في هذا المجال، من خلال زيادة مستوى النشاط البحثي، والعمل على تحسين مصادر التمويل عالمياً، وجذب الباحثين الجدد في مختلف المجالات المتعلقة بالاستمطار، فيما يختص المسار الثاني بتعميق الفهم العلمي بعملية الاستمطار، واستنباط حقائق علمية جديدة حول فيزياء السحب وديناميكيتها، فيما يركز المسار الثالث علي تطوير الأساليب الحديثة المستخدمة في عمليات الاستمطار وتسهيل الوصول إلى بيانات التجارب الحالية والسابقة للباحثين، ويختص المسار الرابع بتحسين وتطوير القدرات المحلية والعالمية في هذا المجال من خلال تحسين كفاءة القوة العاملة، وتطوير قدرات البحث والتطوير المحلية والإقليمية، وتحفيز التعاون في مجالات البحث العلمي.
مشاركة :