قلت أكثر من مرة.. •• إن بنات الوطن.. يقدمن كل يوم أروع الامثلة على التضحية.. والإخلاص.. والتفاني خدمة لهذا الوطن وابنائه.. وتجسيداً للمستوى الرفيع من التربية الأسرية التي تجعلهن في مستوى المسؤولية ولا سيما في الظروف أو المواقف الصعبة. •• وما فعلته الممرضتان العظيمتان من بنات جازان، نجود ابراهيم حمود بكري البدري، وأميرة اسماعيل احمد من اقتحام النيران المشتعلة في غرفة الأطفال المواليد بمستشفى جازان الذي شهد المأساة التي ذهب ضحيتها (24) متوفى.. و(123) مصاباً.. وإخراجهما ل(7) أطفال اوشك الحريق أن يلتهمهم، ولما يمض على ولادتهم أكثر من أيام أو ساعات معدودات لهو عمل يفخر به الجميع.. ويرقى إلى مستوى التكريم بأعلى درجاته.. •• فلقد كانت الممرضتان مناوبتين.. واكتشفتا المصيبة في اللحظة الأخيرة.. ولم تترددا في التضحية بروحيهما لإنقاذ أطفال أبرياء اؤتمنتا عليهم في تلك الليلة المشؤومة.. واستجابتا لواجبهما الإنساني العظيم.. وتجاهلتا المخاطر المؤكدة التي كانت تحيط بدخولهما الغرفة التي كانت تضم هؤلاء الأطفال الابرياء وتحاولان انقاذهم من الباب الخلفي بعد أن تعذر عليهما الوصول إليهم من الباب الرئيسي.. حيث اقدمتا على كسر الزجاج.. وانقاذ الأطفال في اللحظات الأخيرة رغم صيحات الجميع وتحذيراتهم لهما من المغامرة بروحيهما.. •• فعلتا هذا وأكدتا بذلك أنه عندما تحضر إنسانية الإنسان.. وحنان الأمومة.. وعواطف المرأة.. فإنها تكون أقوى من المخاوف.. وأعظم من رعب الموت.. حيث تفوق الشعور بالمسؤولية.. لديهما.. •• وهكذا كانت (أميرة) و(نجود) نموذجاً حياً لضمير المسؤولية.. وتفجر أحاسيس الامومة.. وقوة العاطفة الإنسانية.. عندما غامرتا.. وقامتا بهذا العمل المشرف.. بعد أن سخرهما الله سبحانه وتعالى لأداء هذا الواجب وحماهما.. ووفقهما للخروج من وسط النيران وانقاذ هؤلاء الصغار بكل شجاعة.. وبإيمان الإنسان القوي بربه.. والواثق بأنه معه.. ومعين له على أداء أصعب المهام وأشدها قسوة على النفس. •• فهل يكفي أن نقول شكراً ل"نجود" و"أميرة" ؟ •• وهل يكفي بحق أسرهم أن نقول لهم.. ها أنتم تشهدون ثمار تربيتكم الصالحة.. وقد تُوِّجت بهذا العمل البطولي المقدام؟! •• وهل نقول لهما ولأسرتيهما.. وللمدينة العظيمة التي شهدت ولادة هذا الانموذج الرائع من البنات.. هل نقول لهم جميعاً.. لأَنْتُم مصدر فخر كل مواطن في هذه البلاد.. وفي مقدمة الجميع أمهات وآباء هؤلاء الأطفال الذين كتب الله لهم الحياة على أيديكم..؟ •• إن كل ذلك – في الحقيقة – لا يكفي.. لأن ما أقدمت عليه "أميرة" و"نجود" يستحق ما هو أكثر من هذا.. •• وأنا على ثقة تامة بأن ولي الأمر سيكون في مقدمة من يبارك جهودهما.. ويُحيي تضحيتهما.. ويمنحهما.. التكريم الذي تستحقانه بعد أن أعطتا أروع مثال على التضحية بأعظم صورها.. وبعد أن أكدتا أن ثقة أولي الأمر في المرأة هي في محلها.. •• وفي الوقت الذي نرفع رؤوسنا للفتاتين العظيمتين تقديراً لما قامتا به.. فإننا ننتظر انزال أشد العقوبات بمن تسبب في إزهاق أرواح الأبرياء حتى يكونوا عبرة لكل متهاون ومقصر وعاجز ودون مستوى المسؤولية أياً كان موقعه.. ومكانته.. ووزنه.. •• لكن مرارتنا.. وألمنا مما حدث.. وإن كانا عظيمين إلا أنه لا يجب أن ينسينا مطالبة وزير الصحة ورجال وزارته.. بمعالجة الأوضاع الصحية المتردية في المنطقة بصورة شاملة.. والالتفات إلى أصحاب الكفاءة والخبرة والإخلاص من أبناء المنطقة.. أطباء وفنيين.. وممرضين ودعمهم وتشجيعهم.. فهم يشعرون بالكثير من الإحباط.. والتجاهل.. وعدم الاهتمام.. جنباً إلى جنب أهمية الاستجابة لاحتياجات مستشفيات المنطقة ومصحاتها من الاجهزة.. والأدوية.. والتجهيزات التي لم تجد آذاناً صاغية من الوزارة لسنوات طويلة.. وكفاهم صبراً وانتظاراً وألماً.. والله المستعان. * ضمير مستتر: •• لا يخلو الوطن من الشرفاء.. والمخلصين.. وإن قست الظروف عليهم.
مشاركة :