لا التقليديون على حق ولا الحداثيون على باطل..!

  • 8/18/2022
  • 21:46
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا يعني أن تكون إنسانا حداثيا؟ هل هذا يعني أنَك لا تؤمن بالدين؟ هل هذا يعني أنَك لا تمتلك أي معايير أخلاقية؟ بالتأكيد لا، الحداثة بتفسير بسيط وواضح هي تحديث وتجديد كل ما هو قديم وإظهاره بما يتناسب ويتوافق مع الأوضاع البيئية الحديثة، لابد أن يدرك الكثيرين أن تعاريف الحداثة مختلفة ومتنوعة، بل إنها تختلف في مضامينها بين قراءة الفلاسفة في الغرب والشرق، وهذا ما يجعلنا مجبرين على إيضاح هذا المفهوم لكيلا يختلط على البعض بأننا نتبع الفكر الغربي كما يروج له بعض من يتحدثون دون اطلاع ودراية.هناك أحد التعريفات التي أسرتني منذ وقت طويل تقول «الحداثة هي حالة ولادة جديدة لعالم يحكمه العقل وتسوده العقلانية يقوم برفض جميع الأفكار والمعتقدات التي لا تستند على أسس عقلية أو علمية». هذا المفهوم قد يكون بأعين البعض جريئا نوعا ما ولكن الواقع يقول بأن كل الأفكار الجديدة لطالما كانت مرفوضة لأنهم يرونها جريئة وإن لم تكن في حقيقتها كذلك، البعض يتخوف من مثل هذه الأطروحات ونقاشها حتى وإن كانت ستصب في مصلحة المجتمع، وهذه هي الكارثة.عندما نغلق فكرة الحوار نحن بذلك نغلق على ذواتنا وعقولنا ونبقى متقوقعين في ذات الدائرة لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، أعلم تماما ما مدى صعوبة أن تحاول تجديد بعض الأفكار في الدين أو المجتمع أو الحياة بشكل عام ولكن لابد أن نعي أن ثمة ما يطرأ في هذا العالم اليوم يحتم علينا أن نكون جزءا من هذا التغيير بما لا يتقاطع بكل تأكيد مع المبدأ الإنساني أو المنطق الأخلاقي، كما يطرح البعض بأن هناك ثوابت غير قابلة للنقاش هناك طرفا آخر يرى بأن كل شيء قابل للحوار من أجل التطوير والتغيير نحو الأفضل، ولا شك أن كلا الطرفين لابد أن تحترم وجهة نظرهم، ولكن الأهم من وجهة نظري هو أن نترك مساحة لكليهما من أجل أن يقوموا بخدمة الحضارة الإنسانية وفقا لمعتقداتهم وآرائهم ونرى من بعد ذلك من يكون الأكثر إفادة للمجتمع من بينهم.عدم تقبلنا لوجود طرف على حساب آخر فهذه إقصائية ولا مكان لها في العهد الحديث الذي ننادي به اليوم، أعتقد بأننا نعيش مرحلة في غاية الصعوبة اليوم ألا وهي مرحلة صراع الأجيال فهناك جيل تعلم على مبادئ وأخلاق وقيم تناسب ذلك الزمان الذي مضى وهناك جيل حديث يرى بأن كل ما مضى ما هو إلا موروث ولا يمكن الالتزام به بأي شكل من الأشكال.شخصيا أرى بأن سد الفجوة ما بين الجيل السابق والجيل الجديد ليست عملية مستحيلة لكنها بحاجة للعديد من العوامل الرئيسة، أبرزها سلاح الإعلام فلو استطاعت الجهات الإعلامية أن تخلق خطابا يقرب بين وجهات النظر بشكل أو بآخر ستنجح مع مرور الوقت، وأيضا لا يمكن تجاهل الدور الهام للتعليم في المدارس فلابد أن يكون هناك شيء من الحوار مع هذا الجيل الصاعد لكي يفهم ما له وما عليه وكيف من الممكن أن يتعاطى في وجهات نظره المختلفة مع كبار السن المنتمين للمدرسة القديمة.الحقيقة الثابتة والتي لا جدال فيها تقول «إن أردت الوصول إلى نقطة التقاء بين الأضداد عليك أن تبدأ بالحوار تحت مبدأ لا خلاف في الاختلاف».ختاما رسالة إلى جيل آبائي وأجدادي وإلى جيل إخواني وأخواتي انفتحوا على بعضكم البعض وتوقفوا عن إطلاق الأحكام بشكل مسبق، لا التقليديون على حق ولا الحداثيون على باطل.Alsadiq20m@

مشاركة :