لماذا تنجح الصين في تجنب التضخم القوي؟ «1 من 2»

  • 8/21/2022
  • 22:45
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تسببت المستويات المرتفعة من الإنفاق الاستثماري الرأسمالي في تغذية زيادة مطردة في التضخم الصيني خلال الفترة من 1991 إلى 2011، سرعان ما تمكنت السلطات من السيطرة على الوضع. وعلى مدار العقد الماضي، نادرا ما تجاوز مؤشر أسعار المستهلك 2 في المائة، مقارنة بنحو 5.4 في المائة في 2011. مع فشل صناع السياسات في أغلب الاقتصادات الكبرى الآن في تثبيت استقرار الأسعار، هل تتمكن الصين من الاستمرار في كبح جماح التضخم هذا العام الذي يليه؟ للإجابة عن هذا التساؤل، ينبغي لنا أن ننظر في كيفية نجاح الصين في كبح جماح التضخم على مدار العقد الماضي. من الملاحظ أن الحكومة امتنعت عن أي جولات جديدة من التحفيز المالي والنقدي الضخم، وبفضل استقلالية البنك المركزي المتزايدة، توقف إنشاء الأموال والنمو الائتماني عن تلبية احتياجات المشاريع الاستثمارية بشكل سلبي من الأسفل. بعد 2015، تبنى البنك المركزي الصيني نبرة حكيمة وعمل على تعديل عملية تخصيص الائتمان لدعم القطاعات التي تتحمل نسب ديون مفرطة. وواجه قطاع الصناعات الشديدة التلويث وقطاع العقارات ـ وكل منهما دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي السريع في الماضي ـ القمع المالي. في الوقت ذاته، تسامحت الحكومة المركزية مع معدلات النمو الدنيا التي كان بوسعها استيعاب نمو العمالة المطرد. اليوم، يخضع هذا التسامح للاختبار. تسببت عمليات الإغلاق المرتبطة بالجائحة، خاصة في شنتشن وشنغهاي، في تكبيد الاقتصاد الصين خسائر فادحة. في الربع الثاني من 2022، هبط الناتج المحلي الإجمالي في شنغهاي بنحو 14 في المائة. في الوقت ذاته، أصبح قطاع العقارات ـ الذي يعد تقليديا مساهما رئيسا في الطلب الكلي ـ عبئا على الاقتصاد. في 2020، فرضت حكومة الصين "ثلاثة خطوط حمراء" لتقييد قدرة القطاع على الوصول إلى الائتمان: لا يجوز لالتزامات المطورين أن تتجاوز 70 في المائة من الأصول، ولا يجوز أن يتعدى صافي ديونهم صافي الأصول المملوكة، ويجب أن تكون حيازاتهم النقدية مساوية للاقتراض القصير الأجل. فرضت مقاييس الدين الجديدة، جنبا إلى جنب مع جائحة مرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19، ضغوطا شديدة على القطاع، والآن، يواجه أزمات ديون خطيرة. مع تأجيل أو إيقاف بعض المشاريع السكنية، اضطر مشترو المساكن في عديد من المدن، إلى التوقف عن سداد أقساط الرهن العقاري الشهرية منذ النصف الثاني من العام الماضي. النبأ السار هو أن الصين نجحت في الإبقاء على التضخم تحت السيطرة بالفعل. في النصف الأول من هذا العام، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك 1.7 في المائة، وتبلغ توقعات الحكومة للتضخم في 2022 نحو 3 في المائة. أما النبأ غير السار، فهو أنه على الرغم من نجاة الاقتصاد الصيني من فرط النشاط، فمن الواضح أن هذا يأتي على حساب تباطؤ مستمر في نمو الناتج المحلي الإجمالي، بل حتى الركود في بعض المناطق. على هذه الخلفية، لن يتسنى تحقيق التوقعات الرسمية للنمو الاقتصادي 5.5 في المائة هذا العام. في الربع الثاني من هذا العام، كان النمو في الصين إيجابيا بالكاد. ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي لا يزال ينمو 2.5 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من 2022، بفضل الصادرات القوية نسبيا، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا بد أن يصل إلى 8 في المائة على الأقل في النصف الثاني من العام لتحقيق المستوى المستهدف 5.5 في المائة لـ 2022، وهذا من غير المرجح أن يحدث بطبيعة الحال. لذا، ستضطر الحكومة المركزية في الأرجح إلى تعديل الحد الأدنى لتوقعات النمو عن الفترة من يوليو إلى ديسمبر نزولا إلى 6 في المائة بدلا من 8 في المائة، وهذا يعني ضمنا أن معدل النمو السنوي للعام بالكامل سيراوح بين 4 و4.5 في المائة... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :