لماذا تنجح الصين في تجنب التضخم القوي؟ «2 من 2»

  • 8/22/2022
  • 23:08
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تخطط الحكومة الصينية لإطلاق جولة جديدة من التحفيز لبقية العام. مع ارتفاع معدل البطالة ـ الذي بلغ بين الأشخاص من سن 16 إلى 24 عاما نحو 19.3 في المائة في حزيران (يونيو)، بزيادة أربع نقاط مئوية على أساس سنوي ـ تتجلى الحاجة الماسة إلى التحفيز. لكن رئيس الوزراء لي كه تشيانج، كان حكيما للغاية بتسليط الضوء على أهمية عدم المبالغة في التحفيز. في الماضي كان التحفيز يتخذ هيئة استثمار مفرط في البنية الأساسية. لكن حيز المناورة المتاح للصين الآن محدود. يتمثل أحد القيود الرئيسة في أعباء الديون الضخمة الناجمة عن جولة التحفيز الهائلة خلال الفترة 2009 - 2011، التي تشكل خطرا جسيما على النظام المالي. وسيظل من الضروري تمويل معظم السيولة التي يمكن استخدامها للاستثمار في مشاريع البنية الأساسية الإضافية من خلال آليات تمويل محلية والسندات الحكومية المحلية. ورغم أن السلطات طالبت بنوك السياسة والتنمية في الصين بإضافة ما مجموعه 1.1 تريليون يوان صيني "163 مليار دولار أمريكي"، إلى خطوط الائتمان الجديدة لدعم مشاريع البنية الأساسية، فإن نفقات الميزانية الجديدة ـ والديون الجديدة ـ قد تظل مطلوبة. يتمثل قيد آخر مفروض على التحفيز في خطر التضخم المستورد. تعمل التأثيرات التي خلفتها الجائحة، مقترنة بتداعيات الحرب الدائرة في أوكرانيا، على زيادة توقعات التضخم في أغلب الدول الغربية، التي تشهد بالفعل زيادات سريعة في أسعار المستهلك، في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تجاوز مؤشر أسعار المستهلك 9 في المائة في حزيران (يونيو)، في حين تجاوز مؤشر أسعار المستهلك في منطقة اليورو 8 في المائة. على نحو مماثل، في آسيا، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في كوريا الجنوبية 6 في المائة على أساس سنوي، وهذه أكبر زيادة من هذا القبيل منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 1998. وفي اليابان، تجاوزت الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك ـ 2.4 في المائة ـ هدف البنك المركزي للشهر الثالث على التوالي. بوصفها مستوردا رئيسا للطاقة والغذاء، ستواجه الصين صعوبة في عزل نفسها عن الاتجاه العالمي. هناك عاملان يفسران لماذا لم يسجل مؤشر أسعار المستهلك في الصين ارتفاعا كبيرا بالفعل؟ أولا، كل الشركات المستوردة للطاقة والمواد الغذائية في الصين عملاقة، ومملوكة للدولة، وتسيطر عليها الدولة، وعلى هذا فإن قرارات التسعير خاضعة لتنظيم مـحـكم. وإلى أن تتشكل توقعات التضخم، لا تـمـرر الزيادة في تكاليف الاستيراد إلى المستهلك. ينعكس هذا في مؤشر أسعار المنتجين في الصين، الذي كان أقل استقرارا من مؤشر أسعار المستهلك على مر الأعوام. ثانيا، حتى في حين أن الصين تستورد عديدا من السلع الحيوية، فإن السلع التي تـدرج في مؤشر أسعار المستهلك تـورد محليا إلى حد كبير. وكما هي الحال مع المستوردين، نجد أن الأسعار التي تفرضها الشركات المملوكة للدولة في الروافد العليا للاقتصاد الصيني لا تعكس بشكل كامل التغيرات في التكاليف التي تتحملها، بسبب الضوابط الحكومية. لنتأمل هنا أسعار لحم الخنزير ـ العنصر الوحيد الأكثر أهمية الذي يؤثر في مؤشر أسعار المستهلك، الذي يمثل 2.5 في المائة من المؤشر. قطع التنظيم المعاكس للدورة الاقتصادية لتربية الخنازير وإعانات الدعم التي تقدمها الدولة لمنتجي لحوم الخنازير شوطا طويلا نحو الإبقاء على أسعار لحوم الخنازير ـ وبالتالي مؤشر أسعار المستهلك ـ عند مستوى مستقر نسبيا. لكن، على الرغم من أن مثل هذه الضوابط التنظيمية من الممكن أن تساعد على التخفيف من صدمات العرض الخارجية، فإن خفض الإيرادات أو زيادة إعانات الدعم من شأنه أن يضيف إلى العبء المالي الذي تتحمله الحكومة، خاصة في خضم التضخم العالمي. أضف إلى هذا موارد الحكومات المحلية المالية المجهدة بالفعل والتكاليف الضخمة اللازمة للمحافظة على سياسة خفض انتشار كوفيد - 19 إلى الصـفر، فتصبح قدرة الحكومة على توسيع وتمويل الإنفاق الرأسمالي العام محدودة للغاية. في هذا السياق، من المفهوم أن تختار حكومة الصين تبني حزمة تحفيز متواضعة. فقد أوضحت التجربة أن التحفيز القوي بدرجة مبالغ فيها يكاد يستلزم حتما توسعا نقديا مفرطا، ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في التضخم قد تصنع مزيدا من التحديات في مواجهة الاقتصاد الصيني في الأعوام المقبلة. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :