المدير الطبي في الشركات ضرورة أم ترف؟

  • 8/27/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أدى ظهور فايروس كورونا المميت والمعدي، الذي اجتاح العالم عام 2020م إلى إدخال القيادات العليا في الشركات إلى اختبار حقيقي، وتحدٍ من نوع لم يسبق لهم معرفته من قبل، ولم يتوقعه أحد أبدًا. كان الرؤساء التنفيذيون في معظم الشركات في حيرة من أمرهم، وكانوا يسنون بعض القرارات بطرق غير متسقة، ومتناقضة في بعض الأحيان، وحسب وصف أحدهم "كنت أشعر كأني أطير كطائر أعمى". فقد كان أكثر الخبراء والمحللين الاستراتيجيين غير مؤهلين لفهم العديد من الأمور المجهولة، التي قد يتسبب بها هذا الوباء الغامض، الذي ضرب العالم بأسره في وقت وجيز. ومع ذلك، كان يتحتم على الشركات حماية صحة الموظفين والعملاء والجمهور مع استمرارية العمل ورفع معدلات الإنتاج، وقد كشفت مجلة هارفرد للأعمال في مقال نشر في 1 أكتوبر 2020 أن الشركات التي كان لديها مدير طبي من ضمن الرؤساء التنفيذيين في مجلس إدارتها، كانت أفضل أداء واستجابة لحماية كيان الشركة والموظفين والعملاء. عادةً ما يتحمل المدير الطبي للشركة، المعروف أيضًا باسم كبير المسؤولين الطبيين أو كبير مسؤولي الصحة، المسؤولية الطبية الشاملة للشركة، بما في ذلك جميع القضايا المتعلقة بالصحة، والصحة والسلامة الصناعية، كالمراقبة البيولوجية، ومعدات الحماية. وفي كثير من الأحيان، يمتد نطاق الدور ليشمل: المسؤوليات الصحية، والتخطيط الاستباقي للكوارث والاستجابة السريعة للطوارئ، والإجازات الطبية، وبرامج الصحة المهنية والبيئية، وصحة المجتمع، وقيادة وإدارة المنظمة الطبية، وإدارة برامج تعزيز الصحة للموظفين، بالإضافة إلى العمل مع قسم الموارد البشرية في الشركة، لتصميم مزايا الرعاية الصحية ولتصميم وتنفيذ استراتيجيات مناسبة لصحة ورفاهية الموظفين، كذلك العمل بشكل مباشر مع القسم القانوني في الشركة فيما يتعلق بالقضايا العمالية وتعزيز سياسات الشركة لحماية موارد الشركة والموظفين والمجتمع. كما يعمل المدير الطبي كخبير للقضايا المتعلقة بالصحة التي يواجهها الموظفون وعائلاتهم وكذلك الشركات والمجتمعات التي يعملون فيها. في معظم البلدان المتقدمة، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، مفيد للغاية أن يحمل المرشح لمنصب المدير الطبي ترخيصًا غير مقيد لممارسة الطب في مقره الرئيس، إذ يجب أن يكون حاصلاً على شهادة البورد في الطب المهني، ويفضل أن يكون من الحاصلين على بورد في تخصص إكلينيكي مثل: الطب الباطني، أو طب الأسرة، بالإضافة إلى البورد في الطب المهني. إضافة للمؤهلات الأخرى كدرجة الماجستير في الصحة العامة أو درجة الماجستير في الصحة البيئية أو إدارة الأعمال أو القانون، وتمنح مثل هذه الشهادات المهنية المرشحين الأفضلية لتبوء هذه المهام. كما يجب أن يظل المدير الطبي ممارسًا لتخصصه الصحي، ومتابعًا لتطوراته قبل تولي دور المدير الطبي للشركة. ومن المفيد أن يكون لديه ما لا يقل عن 7-10 سنوات من الخبرة العملية كطبيب صحة مهنية، بما في ذلك تسلمه عدة سنوات لأدوار قيادية مختلفة. لقد تطور دور المدير الطبي من تحديد الأمراض التي يصاب بها العمال والموظفون والوقاية منها في أوائل القرن الثامن عشر إلى التركيز اليوم على الإدارة الصحية، لتحسين أداء الأعمال، واحتواء تكلفة الرعاية الصحية، وتخفيف الخسارة الإنتاجية المتعلقة بالصحة. لذلك، فإنه من الأهمية البالغة يجب أن يكون لدى المديرين الطبيين للشركات معرفة وثيقة بصناعة مؤسساتهم والأعمال التي يدعمونها، لا سيما البرامج المهنية والبيئية التي تتوافق مع جميع المعايير واللوائح التنظيمية المحلية والعالمية، فمعظم الشركات الرائدة في العالم تضع برامج ومعايير داخلية في الشركة تتوافق مع المتطلبات المحلية أو العالمية ومستجداتها، كما تقوم بعمليات تدقيق داخلية صارمة لضمان الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية وفق معايير الشركة وخططها الاستراتيجية، على أن تُحاط القيادة العليا وأصحاب العلاقة الخارجيين بالنتائج بشكل دوري، وحسب ما تقتضيه الأنظمة والقوانين لإبقائهم على إطلاع على مدى تحقيق الأهداف المرجوة. *استشاري طب مهني وباطني

مشاركة :