مثقفون: التنويريون العرب كانوا أشد شراسة تجاه الدين من الغرب

  • 12/15/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أوضح الأديب عبدالله الشهيل أن اكتشاف الأميركيتين كان فرجاً للعالم، بعد أن ظهر التعصب كأحد ملامح النهضة التي تلت التنوير الأوروبي، مشيراً إلى أن مما يُحسب للنهضة «أنها كانت الفاصل بين العصور الوسطى والحديثة، فهي الجسر الذي أدى لتغيير جذري». وتطرق الشهيل إلى أن تأثير الثورة الفرنسية كان بسبب وجود قيادات فكرية، «لكنها أنتجت مجانين ومستبدين، ودفعت لاحتلال المغرب العربي». وذكر الشهيل أن العرب لم يعيشوا تنويراً «بل نهضة انتكست، وأن كل من حاول التجديد التنويري اتهم بتهم كثيرة منها الماسونية، كما حدث لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده». جاء ذلك في أمسية حول التنوير وتاريخه في الثقافتين العربية والأوروبية، نظمها أخيراً الملتقى الثقافي الذي يشرف عليه الدكتور سعد البازعي في نادي الرياض الأدبي. وقال عبدالكريم المطلق إن من أبرز حسنات التنوير الإصلاح الديني والطباعة ورجال الدين المجددين. فيما أشار صالح الزهراني إلى أن دخول مصطلحات جديد كالحداثة والتنوير من دون تعريفها وتحديدها «يحيل إلى صعوبات أخرى، فهناك دول نجحت في نقل المفهوم مع تكييفه ونحن عجزنا عن ذلك»، مضيفاً أن ربط التنوير بالتطور، «أمر غير صحيح، فالتنوير الصناعي كان في بريطانيا على سبيل المثال محتكراً، فالوصف الأدق هو أنه صراع تحت مظلة فكر». وقال الزهراني إن المبتعثين الأوائل كالطهطاوي «لم يلتفتوا إلى الأوضاع الإنسانية السيئة في باريس آنذاك، وإنما نظروا إلى ما كان ظاهراً لهم». وفي تعليق للدكتور سعد البازعي ذكر أن التنوير في فرنسا لم يكن ليظهر من دون وجود سياق تاريخي أو منظومة من القيم سبقت التنوير، مشيراً إلى أن الفهم السائد حول التنوير في فرنسا «غير دقيق»، وأن أجزاء أخرى من أوروبا اشتركت في ذلك «مثل إنكلترا واسكتلندا وهولندا وألمانيا». وقال البازعي إن الذين يعدون التنوير ظاهرة «يرونه نتاج تطور تاريخي وغير محدود بمنطقة واحدة في أوروبا، في حين أن الذين يرونه حركة يرونه فعلاً حركياً منظماً عمل فيه عدد كبير من التنويريين». ولفتت الكاتبة ملاك الخالدي إلى التجربة البريطانية حين تعايش التنوير مع المؤسسات الدينية من دون صراع، مؤكدة أن هذه التجربة جديرة بالاحتذاء في الشرق، كما ذكرت أن العقلانية المعتدلة هي من صميم الإسلام، «فالدعوة إلى تغليب العقل لا تعني تغييب الدين، وهنا يتجلى مفهوم الاجتهاد، كما أن هناك من أصول الفقه ما تقوم عليه التشريعات المؤسسة على قواعد عقلانية كالقياس مثلاً». وتساءلت سارة الرشيدان: «هل التنوير الإنكليزي في تصالحه مع المؤسسات الدينية كان خوفاً أم اقتناعاً؟». وقالت إن التنوير العربي في بعض ملامحه «كان أشد شراسة تجاه الدين من التنوير الغربي». وذكر سامي العريفي أن الفرق بين التنوير الغربي والشرقي هو أن الغرب أبدعوه والشرق قلدوه، مشيراً إلى أن بعض التهم التي اتهم بها المجددون كالماسونية كانت صحيحة، «لكن أولئك المجددين كالأفغاني ومحمد عبده لم يعلموا بالأجندة والأهداف الخفية والحقيقية للماسونية، كما أن الماسونية تطورت بعدهم في شكل مخيف وحاد». وعلّق الدكتور سعد البازعي بقوله إن الكنيسة البريطانية كانت متسامحة مع الأفكار الجديدة نتيجة لدخول البروتستانية إلى إنكلترا منذ القرن الـ16، ما أزال أسباب التصادم. وختم بقوله إن نابليون كان نقطة مهمة في تغيير الحضارة العربية في العصر الحديث، وإن كانت أطماعه سياسية فقد جاء بالطباعة والعلماء والأسلحة الحديثة ليكتشف العرب عالماً جديداً عليهم. وكانت سارة الرشيدان قدمت ملخصاً لمفهوم التنوير وتاريخه من كتاب «دليل الناقد الثقافي»، جاء فيه أن بداية التنوير في القرن الـ18 جاءت نتيجة مجموعة من الظروف الفكرية والاجتماعية والاقتصادية في التاريخ الغربي الأوروبي _ الأميركي، ويعد بعض المؤرخين الربع الأخير من القرن الـ17 بداية التنوير والربع الأخير من القرن الـ18 نهايته. وأشارت الرشيدان إلى أن من أبرز سماته العقلانية والدعوة للعدالة والحرية والإخاء «شعار الثورة الفرنسية التي تعد من نتائجه ولو جزئياً». وقالت بصعوبة الوصول لتعريف دقيق لمصطلح التنوير لاختلاف مؤرخيه في كونه حركة أو ظاهرة. أما في الشرق فقد بدأ بحملة نابليون وما صاحبها من رسالة تنويرية إلى مصر تحمل نتائج التنوير الفرنسي، فكانت حركة النهضة من طريق الترجمة والبعثات إلى أوروبا، وجاءت الدعوة إلى المزيد من الحريات والتحديث للأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

مشاركة :