أبدى محللون ماليون تفاؤلاً حذراً بأسواق المال خلال عام 2016، مؤكدين أن عام 2015 كان الأصعب منذ نحو أربع سنوات، إذ شهد انحساراً واضحاً لمستويات السيولة، وضعفاً في أحجام التداول. وأضافوا أن العوامل الخارجية الجيوسياسية وعدم الاستقرار في المنطقة، فضلاً عن تراجع أسعار النفط، أسهمت في تراجع ثقة المستثمرين الذين فضل غالبيتهم الاحتفاظ بأمواله بعيداً عن المخاطرة. ورأوا أن تماسك الأسواق المالية في مواجهة التحديات المحتملة مرهون بعوامل عدة، من أهمها إعلان الشركات عن نتائج سنوية جيدة تعكس وضعاً مالياً مطمئناً، إضافة إلى نجاح إدارات الأسواق والجهة الرقابية في إعادة التعريف بمفردات الاقتصاد الوطني، ومدى ثباته وتنوعه، وتوضيح مزايا الاستثمار متوسط وطويل الأجل في الشركات المدرجة بشكل مبسط وواضح، ضمن حملات توعوية غير تقليدية تعتمد لغة يفهمها المستثمر ويثق فيها. وتظهر بيانات هيئة الأوراق المالية والسلع سلبية الأداء سواء على مستوى المؤشر العام أو المؤشرات القطاعية، إضافة إلى قيم وأحجام التداول، إذ تراجع المؤشر العام لسوق الإمارات للأوراق المالية خلال عام 2015 مكتملاً بنسبة 6.5%. عام صعب 34 مليار درهم خسائر القيمة السوقية خلال 2015 تراجع المؤشر العام لسوق الإمارات للأوراق المالية خلال عام 2015 مكتملاً بنسبة 6.5%، منهياً تداولاته السنوية عند مستوى 4280 نقطة مقارنة بإغلاق عند 4580 نهاية عام 2014. وتراجعت المؤشرات القطاعية باستثناء قطاعي الاتصالات والسلع الاستهلاكية اللذين سجلا ارتفاعاً سنوياً بنسبة 49% للقطاع الأول، و30% للثاني، فيما منيت بقية القطاعات بخسائر متفاوتة، إلا أن أعمقها كان الاستثمار والخدمات المالية بنسبة انخفاض سنوي لمؤشرهما بحدود (سالب 27%)، يليه مؤشر قطاع الطاقة بنسبة (سالب 23.5%)، ثم مؤشر قطاع البنوك بنسبة (سالب 17%). وخسرت الأسهم المدرجة 34 مليار درهم من قيمتها السوقية، منهية تداولات عام 2015 عند مستوى 984 مليار درهم. وبلغت قيمة التداولات السنوية للعام الماضي 209 مليارات درهم حصيلة بيع وشراء 125.6 مليار سهم توزعت على مليوني صفقة، فيما بلغ عدد الشركات التي تم تداول أسهمها 122 شركة من أصل 128 شركة مدرجة. واستحوذ سهم شركة إعمار العقارية على أكبر حصة من التداولات خلال 2015 بقيمة 21.8 مليار درهم، تصدر فيها قائمة الأسهم الأكثر تداولاً من حيث القيمة، يليه سهم شركة أرابتك القابضة بقيمة 20.1 مليار درهم، ثم سهم شركة أملاك للتمويل بتداولات قيمتها 14.5 مليار درهم. وتصدر سهم شركة تكافل الإمارات قائمة الأكثر ارتفاعاً سعرياً بنسبة 165%، يليه سهم شركة رأس الخيمة للدواجن والعلف بنسبة 95%، ثم سهم شركة دبي للتطوير بنسبة 89.6%. أما الأكثر هبوطاً سعرياً فكان سهم شركة أرابتك القابضة بنسبة (سالب 55.2%)، يليه سهم شركة دريد آند سكل بنسبة (سالب 53.5%)، ثم سهم شركة أبوظبي الوطنية للتأمين بنسبة (سالب 52.4%). وتفصيلاً، أكد المحلل المالي في شركة الأنصاري للخدمات المالية، عبدالقادر شعث، أن الأسواق شهدت خلال 2015 عاماً صعباً، يعد الأكثر تراجعاً في آخر أربع سنوات، وذلك تأثراً بالعوامل الجيوسياسية، وتراجعات أسعار النفط، والقلق من أداء الاقتصاد العالمي. وأضاف أن تراجعاً واضحاً في أسعار الأسهم، وضعف أحجام التداول، كانا أهم ما ميّز معظم جلسات التداول، خصوصاً في النصف الثاني من عام 2015. وأوضح شعث أن الأسواق شهدت تحسناً نسبياً آخر أسبوعين من عام 2015، معتبراً أن ذلك أمر طبيعي، ويحدث لغرض تجميل الميزانيات. وقال إن ذلك التحسن لم يكن كافياً، وإن أسهمت الارتفاعات المحدودة، سواء على مستوى الأسعار أو أحجام التداول، في تقليص الخسائر. ورأى أن التفاؤل أو التوقعات بمزيد من التحسن خلال العام الجديد 2016، مشوب بالحذر، ويتوقف على قدرة السوق على الصمود أمام استمرار العوامل الخارجية السلبية، سواء السياسية أو مزيد من التراجع في أسعار النفط. اقتصاد صلب وشدد شعث على أن مكونات الاقتصاد الوطني صلبة ومتنوعة، وأثبتت قدرة على التكيف مع كل ما مر من أحداث مؤثرة خلال 2015، لكن هذا يحتاج إلى مزيد من التوضيح والتبسيط للمستثمرين، لإعادة الثقة المتراجعة بالأسواق المحلية. وذكر أن آخر جلسات عام 2015 شهدت عمليات تبديل ملكية عدد من الأسهم بين محافظ عدة، وبكميات كبيرة، إضافة إلى ارتفاع مؤشرات القطاعات، وفي مقدمتها الطاقة، مؤكداً أن السوق وعلى الرغم من كل ما مر به، فإنه لايزال متماسكاً، وينتظر نتائج الشركات السنوية التي تعد مفصلية في تحديد وجهة المؤشرات على الأقل في الربع الأول من عام 2016. مكونات السوق من جانبه، اتفق المدير العام لـشركة الدار للأسهم والسندات كفاح المحارمه، مع شعث في أن 2015 كان عاماً صعباً على مستوى الأداء وأحجام التداول والسيولة، فضلاً عن ثقة المستثمرين، لافتاً إلى أن هذه مكونات السوق الرئيسة أساساً. وأضاف أن أسعار معظم الأسهم هبطت بأكثر من 60%، ولذلك وجدنا إحجاماً عن التداول من قبل المحافظ المالية وكبار المستثمرين الذين فضلوا الاحتفاظ بأموالهم بعيداً عن المخاطرة، حتى وضوح الرؤية في الوضع الجيوسياسي، وتراجعات النفط باعتباره أحد أهم الصادرات لمنطقة الخليج العربي. وأكد المحارمه أن الحذر لايزال مسيطراً على أداء السوق، على الرغم من ارتفاعات الأسبوعين الأخيرين من عام 2015، لغرض تعديل وتجميل ميزانيات المحافظ، المعتاد سنوياً. إعادة الزخم وأوضح أن إعلان الشركات عن نتائج سنوية جيدة تعكس وضعاً مالياً مطمئناً، إضافة إلى نجاح إدارات الأسواق والجهة الرقابية في إعادة التعريف بمفردات الاقتصاد الوطني، ومدى ثباته وتنوعه، وتوضيح مزايا الاستثمار متوسط وطويل الأجل في الشركات المدرجة، بشكل مبسط وواضح ضمن حملات توعوية غير تقليدية تعتمد لغة يفهمها المستثمر ويثق فيها، عوامل من شأنها إعادة الزخم إلى التعاملات اليومية في الأسواق المحلية. سوق متماسك بدوره، قال المدير العام لـمركز الشرهان للأسهم جمال عجاج، إن عام 2015 كان صعباً، لاسيما في النصف الثاني منه، إذ تراجعت معظم الأسهم القيادية وسحبت وراءها بقية الأسهم، وذلك بعد اعلان النتائج النصفية. وأكد عجاج أن مفردات التفاؤل بأداء جيد متوافرة، إذ أثبت السوق قدرته على التصدي لكل الأخبار السلبية واستوعبها مثل رفع سعر الفائدة على الدولار، وإعلان عجز الموازنة السعودية، لافتاً إلى أن مستوى الإغلاق السنوي يعتبر متماسكاً ويمكن الانطلاق منه مجدداً. وأوضح أن العامل النفسي للمستثمرين لايزال يؤثر بوضوح على حركة الاستثمار في الأسواق المحلية، وهو أمر حان الوقت لمراجعته بشكل دقيق من قبل الجهات المعنية، بما يزيد من الوعي بأهمية التركيز على الاستثمار متوسط وطويل الأجل، بعيداً عن المضاربات اليومية، والانسياق وراء شائعات أو تأثر سريع بأخبار سلبية. وشدد عجاج على أن إعادة الثقة بالأسواق أمر مهم في ظل التحديات المحيطة.
مشاركة :